بالصور.. "بينالي الشارقة" مقاربات جمالية تنتصر للحياة والإنسان
بينالي الشارقة يضم مجموعة واسعة من الخبرات والأعمال من بينها الأعمال التركيبية العامة، وعروض الأداء، وعروض الأفلام.
تتخذ النسخة الـ14 من بينالي الشارقة من "خارج السياق" جملة ناظمة ومعبراً لمعاينة الحقائق السببية والصفات المتبقية لهذه الحلقة الأبدية من خلال أصوات القيمين الثلاثة زوي بُت، وعمر خليف، وكلير تانكوس، وفي استجابة لدعوتهم لاستكشاف القضايا والاستفسارات الشاملة المقترحة، يُعرض البينالي الذي بدأت فعالياته في المباني الفنية التابعة لمؤسسة الشارقة للفنون بمنطقة المريجة، الخميس، بحضور الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والشيخة حور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، وبمشاركة أكثر من 80 فناناً محترفاً وناشئاً من كل أنحاء العالم.
ويضم بينالي الشارقة مجموعة واسعة من الخبرات والأعمال من بينها الأعمال التركيبية العامة، وعروض الأداء، وعروض الأفلام، وتعزز النسخة الـ14 من دور البينالي بوصفه منصة دولية درجت منذ عام 1993 على عرض أعمال فناني المنطقة وبقاع شتى من العالم والإعلاء من قيم الإبداع والتجريب والبحث عن صيغ لفنون معاصرة وفضاء مغاير من التعبير الحر، في مقاربة فنية حيوية للراهن والمتغير في الإنتاج الفني والمناخ والزراعة والسياسة، عبر القيّمين الذي درجوا على التعاون مع دول ومؤسسات من حول العالم.
معارض فريدة تستكشف إمكانيات صنع الفن
وانطلقت 3 معارض فريدة من نوعها تستكشف إمكانيات صنع الفن عندما يستحيل التاريخ محض خيال، وتكون أفكار "المجتمع" في حركية دائمة التنقل، والحدود والمعتقدات قيد إعادة التفاوض المستمر، بينما تتعرض ثقافتنا المادية لتهديد مستمر من الدمار البشري وتدهور المناخ، وعبر اقتراحاته الجمالية والفكرية يوسع بينالي الشارقة في نسخته الحالية من دائرة الحوار ويمضي قدما لمعاينة أشكال لا حصر لها من الخبرة الإنسانية والحساسيات المشتركة، ليسجل انتصاراً للفن، الذي يتوخى أن يقدم مقاربات جمالية وفكرية تنتصر للحياة والإنسان.
يفضي كل مقترح من المقترحات التقييمية إلى أسئلة مهمة تسكن خارج السياق، مقاومةً مساحات التطويق، وكاشفةً عن تعدد الأصوات الشائكة للممارسات الفنية، والمواقف، والاحتمالات، داخل الدولة الثقافية الوسيطة والمترامية التي نعيش فيها. كيف نرسم طريقنا إلى الأمام في عالم يبدو أنه يعيش سقوطاً حراً متواصلاً؟ كيف نتصور مستقبلا عندما تتشكل الروايات من خلال الخوارزميات والتاريخ الخيالي أو المطموس؟ كيف نحشد ما تبقى من فكرة المجتمع - ناهيك عن المثل العليا للمجتمع - في ظل ظروف التعرية والتناثر؟ كيف نعيش في عالم حدوده ومعتقداته - سواء كانت ملموسة أو غير ملموسة – تحتاج إلى إعادة التفاوض باستمرار؟ كيف يمكننا تأطير الجسد في عصر من الواقع المدمج والافتراضي حينما تبدو الحسيات أكثر من أي وقت مضى رهينة البصر؟ كيف ننتج الفن عندما تتعرض الثقافة المادية لتهديد مستمر من الدمار البشري وتدهور المناخ والعالم كما لو أنه سراب؟
الشيخة حور بنت سلطان القاسمي: البينالي يسهم في صياغة المشهد الفني
وأكدت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي أن بينالي الشارقة عمل طيلة كل دوراته على مواكبة التغيرات التي تشهدها الفنون المعاصرة وقالت: "عمل بينالي الشارقة عبر مسيرته الطويلة على مواكبة المتغيرات التي طرأت على الفنون المعاصرة، واستطاع عبر برامجه المتنامية وعروضه المحلية والدولية أن يسهم في صياغة المشهد الفني الراهن".
وأوضحت أن بينالي الشارقة يتزامن في هذه الدورة مع لقاء مارس/آذار 2019، الذي يضم جلسات نقاشية تستمر على مدار 3 أيام، خلال الأسبوع الأول من البينالي، بحيث يناقش كل يوم تصورات واحد من القيمين وطريقة مقاربتهم لمفهوم البينالي.
رحلة تتخطى المسار: تقييم زوي بُت
يأتي المعرض الأول من تقييم زوي بُت بعنوان "رحلة تتخطى المسار" والذي يشارك فيه الفنانون: خادم علي، وميرو كويزومي، وناليني مالاني، وتوان أندرو نغويين، وهو تزو نيين، وأحمد فؤاد عثمان، وليزا ريحانة، وكديلات تاهيميك، ويعطي المعرض سياقاً أعمق للحراك البشري والأدوات التي دعمت أو (أعاقت) بقاءه، من الطقوس الروحية إلى الأعراف الثقافية، ومن العملية التكنولوجية إلى سيادة القانون السياسي، وكل هذه الممارسات تمتلك أدوات معينة (مواد وأفعال) تساعد أو تحث على التنقل، يستكشف الفنانون في هذا المعرض تأثير الأجيال على مجموعة من "الأدوات" الجسدية والنفسية، التي تغيّرت معانيها وتمثيلاتها نتيجة للاستغلال الاستعماري أو الصراع الديني أو التطرف الأيديولوجي. يسعى معرض "رحلة تتخطى المسار" إلى تسليط الضوء على ضرورة التنوع البشري وتواشجاته في جميع أنحاء العالم.
زوي بُت: مطالبات صارخة بضرورة تبيان الحقيقة التاريخية
وقالت زوي بُت لـ"العين الإخبارية " إن معرضها المعنون بـ"رحلة تتخطى المسار" يقدم سياقاً أعمق لحركة الإنسانية ومجمل الأدوات التي تمكن أو تعيق في بعض الأحيان بقاءها، ويستعرض في هذا المجال الطقوس الروحية والعادات الثقافية والمسارات التكنولوجية وتطوراتها وحتى أحكام القانون، وأوضحت بُت أن الرحلة البشرية وسيرورتها المرتبطة بتلك الأشياء السابقة تنطوي على مطالبات صارخة بضرورة تبيان الحقيقة التاريخية، واختلافها عما ينشر في بعض الكتب وعلى الإنترنت من قصص وحكايات تمثل ما يروجه صانعو (غرفة الصدى).
وأكدت بُت أن الفنانين المشاركين في معرضها سيكشفون عبر أعمالهم عن سرد خيالي لكوكبنا، وهو ما سيضعنا أمام ما تم إغفاله أو فقدانه في "حجرة الصدى"، كما شددت على أن معرضها يسعى إلى إعطاء ذلك التنوع المطلوب في إنتاج الأفكار، ودعم التسامح وتعزيز احترام الاختلافات، عن طريق رواية التاريخ لا كما تعلمناه بل كما هو في الحقيقة ودون تقييد ولا تزييف.
صياغات لزمنٍ جديد: تقييم عمر خُليف
بينما يشارك في معرض "صياغات لزمن جديد" من تقييم عمر خليف كل من: هوغويت كالاند، ولبينة هيميد، وباربرا كاستن، ومروان، وأتوبونج نكانجا، وجون رافمن، وأكرم زعتري، ويعاين المعرض الوقت باعتباره مقياساً للخبرة الفردية والجماعية في آن واحد، والذي يمثل الفوضى والاحتمالات، ويدرس المعرض المكوّن من 3 أجزاء، فسيولوجية الجسد عبر رؤى الفنانين الذين قدموا شخصيات ملموسة وأشكالا تنبض بالحياة للتساؤل حول كيفية اختبار أنفسنا ضمن علاقتنا مع الآخرين، ومن هنا، يمضي المعرض إلى عوالم من الواقع المادي والافتراضي، ويضم أعمالاً تحدد كيف أتاح الوقت معاينة أشكال جديدة من الخبرة المشتركة، ويختتم المعرض بالتحقيق في المحاكمات، والمحن، وآثار التاريخ، مشيراً إلى الكيفية التي يتغيّر ويعدّل فيها وجودنا.
عمر خليف: آلية استعادة التاريخ المفقود أو المجهول
وخلال حديثه لـ"العين الإخبارية " قال عمر خليف قيم معرض "صياغات لزمن جديد" إن كل فنان لديه عدة قصص يريد أن يقدم من خلالها شيئاً مختلفاً، وأوضح أن دوره كقيم هو أن يجسد دور الراوي لكل تلك القصص، وأن يوفر الفرصة للفنانين كي ينشروا قصصهم على الملأ وبالشكل الذي يريدونه.
وأوضح أن المعرض يعاين كيفية تشكل الاقتصاديات حول الثقافة التكنولوجية، والآلية التي يمكن أن تسمح باستعادة التاريخ المفقود أو المجهول، مؤكدا أن أخطر ما يمكن أن يتعرض له البشر هو الأخبار الزائفة وسهولة انتشارها، والذي يخلق بدوره حقائق يجرى تعميمها ونشرها لتخفي كل ما سواها.
ابحث عني فيما تراه: تقييم كلير تانكونس
أما معرض "ابحث عني فيما تراه" من تقييم كلير تانكونس فيشارك فيه كالين عون، ألين بيانة، ونيكولاس غانستيرير، وعيسى جوكسون، وإيزابيل لويس، وأولريك لوبيز، وكارلوس مارتييل، ويو تسانج، ويتساءل معرض "ابحث عني فيما تراه" إذا ما كان الغموض هو نذير المستقبل، والظلام موقع الرؤية، والسواد مشهد الكشف. في "ابحث عني فيما تراه" ما يتم "البحث عنه" هو ليس كامناً فقط فيما يمكن أن تراه. وكشاهد على إضعاف الفن المعاصر في الفضاء المفتت بين "لي" و"لك" يسعى المعرض إلى التخلص من العالم الوحيد للشبكية المتجسّد ضمن الهياكل المهيمنة للنظر والتعلّم والشعور، ويكافح عبر آليات استرداد التصوّر، ليعكس ويغيّر ظروف الاستلاب والشتات بين حالات من السرية والتواري.
كلير تانكونس: منصة مفتوحة لصور المهاجرين
وشرحت كلير تانكونس لـ"العين الإخبارية" خصوصيات معرضها "ابحث عني فيما تراه" وقالت إنه منصة مفتوحة لصور المهاجرين، حيث تظهر فيه صور تحاكي مكونات الشارقة العديدة كمدينة وإمارة، وأبرزت تانكونس أن المعرض يقدم ظاهرة الانزياح والهجرة ليس باعتبارها حركة للبشر فقط، بل بوصفها حركة للأشياء كذلك، ولفتت الانتباه إلى أن معرضها الذي تقيمه يحاول القول لنا جميعا: ابحث عني فيما هو نازح، ويحتفي بالمصنوعات اليدوية النازحة، واللغات المشفرة، والوجود العابر، وومضات الضوء وعلامات الظل، والحياة المعاصرة في الحيز الذي يتداخل فيه اثنان هما "أنا وأنت"، وكيف يمكن البحث عن الكامن وراء ما نراه أو ما يراد لنا أن نراه من طرف مجموعات حجرة الصدى.
أفلام وبرامج تعليمية
يشهد برنامج فعاليات البينالي العديد من عروض الأفلام المستقلة التي تهدف إلى خلق منصة مختلفة لمحبي السينما في الإمارات، ويتضمن البرنامج مجموعة مختارة من الأفلام، تعرض أسبوعياً في الفترة من 15 إلى 26 أبريل/نيسان 2019، في سينما سراب المدينة بمنطقة المريجة. وتتنوع الأفلام المقدمة ما بين روائية وتجريبية ووثائقية ذات صلة بمحاور المعارض الرئيسية الـ3، في حين تركز الأفلام التي تعرض خلال شهر أبريل/نيسان على ممارسة الفنان "كيدلات تاهيميك".
فتح أبواب الحوار مع كل الهويّات الثقافية والحضارية
تستقطب مؤسسة الشارقة للفنون طيفاً واسعاً من الفنون المعاصرة والبرامج الثقافية، لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة، والإمارات العربية المتحدة، والمنطقة. وتسعى إلى تحفيز الطاقات الإبداعية، وإنتاج الفنون البصرية المغايرة والمأخوذة بهاجس البحث والتجريب والتفرد، وفتح أبواب الحوار مع كل الهويّات الثقافية والحضارية، وبما يعكس ثراء البيئة المحلية وتعدديتها الثقافية.
وتضم المؤسسة مجموعة من المبادرات والبرامج الأساسية مثل "بينالي الشارقة" و "لقاء مارس"، وبرنامج "الفنان المقيم"، و"البرنامج التعليمي"، و "برنامج الإنتاج" والمعارض والبحوث والإصدارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المتنامية، كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة على ترسيخ الدّور الأساسي الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمع، من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.