شيخ الأزهر: الأخوة الدينية باعثة الأخوة الإنسانية العالمية وصانعتها
انطلقت بالعاصمة الكازاخية نور سلطان، الأربعاء، أعمال المؤتمر السابع لزعماء الأديان، الذي ينعقد في الفترة من 14 إلى 15 سبتمبر 2022.
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين أن السلام بين الشعوب فرع عن السلام بين الأديان وأن "الأخوة الدينية" هي باعثة "الأخوة الإنسانية العالمية" وصانعتها لافتا إلى أن البداية الصحيحة تتمثل في بعث هذه الأخوة بين علماء الأديان ورجالها بوصفهم أقدر الناس على تشخيص العلل والأمراض الخلقية والاجتماعية وكيفية علاج الأديان لها.
جاء ذلك في كلمة له خلال افتتاح أعمال المؤتمر السابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية، تحت عنوان "دور قادة الأديان العالمية والتقليدية في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية في فترة ما بعد وباء كوفيد-19"، بحضور الرئيس الكازاخي وعدد كبير من قيادات الأديان على مستوى العالم.
وتوجه فضيلة الإمام الأكبر بالشكر لرئيس جمهورية كازاخستان، على رعايته للمؤتمر السابع لزعماء الأديان، داعيا المولى عز وجل أن يكون هذا المؤتمر إضافة جديدة معتبرة على طريق الأخوة الإنسانية والعيش المشترك، والسلام الذي يفتقده العالم اليوم، ويتطلع إليه تطلع المريض لعلاج نادر عزيز ينهي آلامه وصراعاته.
ولفت الإمام الأكبر إلى أن العالم ما بدأ في التعافي من آثار جائحة "كورونا" التي أَوْدَت بحياةِ ما يقربُ من خمسةَ عَشَرَ مليونَ نسمةٍ، والتي ما كاد يُفيقُ العالـمُ من كوابيسها حتى دهمته جوائحُ وكوارثُ أخرى طبيعيَّةٌ، وسياسيَّةٌ واقتصاديَّةٌ صَنَعَها الإنسان بيدِه، منوها في الوقت نفسه إلى ما تعانيه البشرية الآن من رعب و خوف بسبب التغير الفجائي في ظواهر الطبيعة والمناخ، والمتمثل في ارتفاع درجة الحرارة، وحرائق الغابات، وارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات، وتهديد المدن بالغرق والسيول، وجفاف بعض الأنهار، ونفوق كثير من الكائنات الحية.
وأكد شيخ الأزهر "أن علماء الأديان يقع على عاتقهم دور محوري في التصدي لكل ما يؤدي إلى التراجع الحضاري عبر إحياء رسالات السماء، وتعليم ما تزخر به من أخلاق وفضائل، لإصلاح مسيرة الناس، وبعث الروح في جسدها الميت وذلك على الرغم من وجود عوائق كبرى، لا يستهان بها، قد تحول دون القيام بهذا الدور على النحو الصحيح، وأولها غياب "الانفتاح" أو الحوار الحقيقي المتبادل بين علماء الأديان أنفسهم، وصنع "سلام" دائم بينهم أولا قبل مطالبة الناس بصنعه فيما بينهم".
وبين الإمام الأكبر "أنه حين يدعو إلى أولية صنع السلام بين علماء الأديان ورموزها الأخوة الإنسانية فإنه لا يعني مطلقا الدعوة إلى إدماج الأديان في دين واحد، فمثل هذا النداء لا يقول به عاقل و لا يقبله مؤمن أيا كان دينه فهي فكرة مدمرة للأديان، ومجتثة لها من الجذور، وهي في أفضل أوصافها خيال عبثي غير قابل للتصور فضلا عن التحقق، فقد قضى الله أنْ يجعل لكلٍّ شِرْعةً ومِنْهاجًا!! وما أقصده هو الدعوة إلى العمل الجاد من أجل تعزيز المشترك الإنساني بين الأديان وبعث قيم التعارف والاحترام المتبادل بين الناس، لافتا إلى أن ما يقصده في هذا الأمر هو الدعوة إلى العمل الجاد من أجل تعزيز المشترك الإنساني بين الأديان وبعث قيم التعارف والاحترام المتبادل بين الناس".
ودعا شيخ الأزهر إلى انعقاد لقاء خاص برموز الأديان يتدارسون فيه، بصراحة ووضوح تامين.. ماذا عليهم وماذا على غيرهم من القادة والسياسيين وكبار الاقتصاديين، من الواجبات والمسؤوليات حيال ما يدور من قضايا وطبيعية و التي باتت تهدد مستقبل البشرية بأكملها، موضحا أن انعقاد هذا اللقاء بين قادة الأديان المختلفة في الغرب والشرق، لن يكون بالأمر الصعب أو المستحيل وقال إن لنا في تجربة وثيقة الأخوة الإنسانية ما يُشجِّعنا على ذلك.
وأشار الإمام الأكبر شيخ الأزهر إلى أن توفيق الله تعالى كان كبيرا في إتمام وثيقة الأخوة الإنسانيَّة، تلكم التي جاءت كأول ميثاق إنساني بين المسيحيِّين والمسلمين في عصرِنا الحديث لتتأكَّد النظريَّة التي يُؤمن بها الأزهر دائمًا، ويدعو إليها في كلِّ مكان وهي أن كل لقاء جاد مسؤول بين رموز الأديان يتحوَّل -لا محالة- إلى طوق نجاة للحضارة الإنسانيَّة حين تحاول أعاصير الشَّر زعزعة أركانها أو اقتلاعها من جذورها.