شيخ الأزهر: العولمة "نسخة متوحشة" من الاستعمار
شيخ الأزهر يؤكد أن الأمة الإسلامية تقف في مفترق طريقين، أولهما التطور في إطار تأكيد الذات، وثانيهما التيه والانتحار في حال إلغائها
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن العولمة تعد نسخة متوحشة وعهدا جديدا من عهود الاستعمار يشطر العالمَ شطرين، وهما عالم المُنتجِين والمسيطِرين عبرَ الشركات والبنوك والشبكات، وعالَم المُستهلِكين للمَأكُولاتِ والمُعلَّبات والمشروبات والصُّوَرِ والمعلوماتِ التي تُفرَضُ عليهم.
وأوضح شيخ الأزهر، خلال كلمته بالمؤتمر العلمي "الإمام أبومنصور الماتريدي والتعاليم الماتريدية: التاريخ والحاضر"، الذي يعقد على مدار 3 أيام بمدينة سمرقند بأوزبكستان، أن الأمة الإسلامية تقفُ في مفترق طريقين، أولهما التطور في إطارِ تأكيدِ الذاتِ والحفاظِ عليها، واتخاذِها مرجعا أوَّلَ لما تأخذ وما تدع، وثانيهما التيه والانتحار في حالِ إلغاءِ الذات أو الهروب منها أو تجاهلها.
وأضاف: "المستعمرون لم يَنْسوا كالعادةِ أن يُقدِّمُوا بين يدي العولمة نظريَّاتٍ استعماريةً ألبَسُوها ثَوْبَ الفلسفةِ والبحثِ العلميِّ، مثل نظريَّةِ صِراع الحضارات، ونظريَّة نهاية التاريخِ، تَعمَلُ على تزييفِ وَعْيِ الشعوبِ وشَلِّ إرادتِها وتحذيرِها من استعادةِ شخصيَّتِها واكتشافِ ذاتِها وهُويَّتِها، وهذه النظريَّاتُ ليست جديدةً ولا مُستَحدَثة، بل هي خمرٌ قديمٌ يُعَادُ بيعُه في جِرارٍ جديدة، فيما يقولُ المَثَلُ المعروفُ".
وتابع: "كُتِبَ الخلودُ لمذهبِ الأشعري والماتريدي بسبب أنَّه لم يكن مذهبًا جديدًا اختَرَعه الماتريديُّ أو الأشعريُّ، يميل إلى العقل على حساب النَّص، أو ينحاز لظاهر النص على حساب العقل، وإنما هو مذهب يقرِّر ما عليه أصحاب رسول الله، يتمسَّك به ويناضل عنه ويقيم الحجج والبراهين عليه".
وتساءل الطيب: "هل الأمة الإسلامية اليوم بحاجة إلى مذهب الإمامين الجليلين: الماتريدي والأشعري ومذهب أهل الحديث؟ والجواب المباشر هو: نعم وألف نعم، بل أذهب إلى أبعد من ذلك لأقول: إنَّه لا يوقِف حمامات الدِّماء التي أُريقَت على مذابح التكفير إلَّا مذهب أهل السنةِ والجماعة".
ويشارك شيخ الأزهر في المؤتمر العلمي "الإمام أبومنصور الماتريدي والتعاليم الماتريدية: التاريخ والحاضر" والذي يعقد على مدار 3 أيام من 3 إلى 5 مارس/ آذار الجاري، بمدينة سمرقند بأوزبكستان، ويناقش تحليل سيرة الماتريدي وآثاره العلمية، والآراء والأفكار المرتبطة بتاريخ تطور علم الكلام في عهده، وبحث تطور التعاليم الماتريدية، وأهمية تراث الإمام الماتريدي وأتباعه في حل القضايا الملحة في العصر الحالي.
وتعد هذه هي المرة الثانية التي يزور فيها شيخ الأزهر دولة أوزبكستان، بعد الزيارة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2018 والتي عقد خلالها سلسلة من اللقاءات مع كبار المسؤولين السياسيين والدينيين في أوزبكستان، وعلى رأسهم الرئيس شوكت ميرضيايف، ورئيس الوزراء عبدالله عارفوف، ونعمة الله يولداشيف رئيس مجلس الشيوخ.