شواطئ الموت في ينغلاديش.. الوجه المظلم لإعادة تدوير السفن (صور)

تتولّى ورش في شيتاغونغ الساحلية جنوب بنغلاديش تفكيك السفن القديمة لإعادة تدويرها، وهو قطاع يشهد حوادث بشرية كثيرة ويتسبب بأضرار جسيمة على البيئة، فيما يُرتقب دخول اتفاقية ترمي إلى تنظيمه حيّز التنفيذ خلال هذا الشهر.
كان ميزان حسين يقطع جزءا معدنيا من السطح العلوي لقارب على شاطئ شيتاغونغ، عندما أفقدته الاهتزازات توازنه، مما أدى إلى سقوطه من ارتفاع عشرة أمتار.
وقعت هذه الحادثة خلال نوفمبر/تشرين الثاني في ورشة لتفكيك السفن غير متطابقة مع المعايير الدولية، كما هي حال معظم هذه الورش في بنغلادش.
أصيب حسين (31 عاما) بكسر في ظهره وبات الرجل الذي يتولى تفطيط القوارب منذ صغره من دون أي حماية أو تأمين، عاجزا على إعالة أسرته أو تلقي الرعاية الطبية.
من قريته البعيدة عن الشاطئ شمال شيتاغونغ، تظهر في الأفق رافعات ضخمة لمواقع يعمل فيها عدد كبير من الرجال ويلقون المصير نفسه. قبل وقت قصير من لقائه مع وكالة فرانس برس في فبراير/شباط، تعرض أحد جيران حسين لسحق أصابع قدمه في موقع آخر.
في شيتاغونغ، وهي مدينة ساحلية جنوب بنغلادش، يُشغّل قطاع تفكيك السفن وإعادة تدويرها 20 إلى 30 ألف شخص، بما في ذلك الوظائف غير المباشرة، ويتسبب بأضرار بشرية وبيئية جسيمة.
لتنظيم هذا القطاع الذي يُعدّ من أخطر القطاعات وأكثرها تلويثا، يُفترض أن تدخل اتفاقية هونغ كونغ الدولية لتفكيك السفن حيز التنفيذ في 26 حزيران/يونيو.
ضرر على أشجار المانغروف
خلال السنوات الأخيرة، فُككت سنويا نحو 500 سفينة ناشطة من بين أكثر من 100 ألف سفينة، بعضها يتجاوز 80 عاما.
وبحسب منظمة "شيب برايكينغ بلاتفورم" غير الحكومية، كان مصير نحو ثلث عدد السفن المفككة في العالم عام 2024 والبالغ 409 سفن، في شيتاغونغ. أما العدد المتبقي، فبات أغلبه في الهند وباكستان وتركيا.
تقدم مواقع تفكيك السفن البنغلادشية أفضل الأسعار لإعادة شراء سفن منتهية الصلاحية، نظرا إلى انخفاض تكاليف العمالة (الحد الأدنى للأجور الشهرية 133 دولارا).
- «دي بي ورلد مصر» تُنجز 3 عمليات بحرية استراتيجية خلال أسبوع
- «الشيوخ» الأمريكي يقر مشروع قانون لتنظيم العملات المشفرة المستقرة
منذ عام 2009، قضى 470 عاملا وأصيب 512 بجروح خطرة في ورش مماثلة في بنغلادش والهند وباكستان، بحسب "شيب برايكينغ بلاتفورم".
يُتّهم هذا القطاع بتسببه بأضرار جسيمة تحديدا لأشجار المانغروف في بنغلادش، من خلال إلقاء كرات الهيدروكربونات بشكل مباشر في البحر، بالإضافة إلى رمي الأسبستوس، وهي مادة تُستخدم عادة في غرف المحركات، في مكبات نفايات في الهواء الطلق.
تُلزم القواعد الجديدة بتدريب العمّال وتجهيزهم (خوذ، أحزمة أمان، بزّات)، وتفرض بروتوكولا دقيقا لتطهير السفن (الأسبستوس، الغاز، مياه الصابورة الملوثة). وعلى كل ورشة امتلاك بنى تحتية لتخزين النفايات الخطرة.
في شيتاغونغ، ومن بين نحو ثلاثين ورشة تفكيك سفن ناشطة سبعة فقط تُلبي المعايير الجديدة، من بينها "بي اتش بي"التي يعمل فيها نحو 250 شخصا.
ويقول رئيس الورشة محمد زهر الإسلام "تُصنَّع القوارب في الدول المتقدمة ثم يستخدمها الأوروبيون والغربيون لـ20 أو 30 عاما، قبل أن نستعيدها (في النهاية) لأربعة أشهر"، مؤكدا انّ "المسؤولية يجب أن تكون مشتركة".
سعر جيد
تفتقر شيتاغونغ إلى منشأة لمعالجة وتخزين المواد الخطرة الموجودة على متن السفن (الأسبستوس، والرصاص، والغاز، والهيدروكربونات).
في ورشة "بي اتش بي"، يُزال الأسبستوس ثم يُخزن في الموقع. يُظهر ليتون مامودزر، وهو خبير في المواد الخطرة في الورشة، صناديق الأسبستوس المُصلّبة بالإسمنت والمُخزّنة في غرفة مُخصصة. ويقول "أعتقد أن أمامنا ما بين ست وسبع سنوات من سعة التخزين".
يُثير هذا التصريح شكوك المنظمات غير الحكومية المُتخصصة مثل "شيب برايكينغ بلاتفورم"، إذ تحتوي بعض السفن على عشرات الأطنان من الأسبستوس على متنها.
ترى مديرة منظمة "شيب برايكينغ بلاتفورم" إنغفيلد جينسن، أن "اتفاقية المنظمة البحرية الدولية هي محاولة من جانب عدد كبير من مالكي السفن للتخلص من اتفاقية بازل"، التي تحظر على الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تصدير نفاياتها السامة إلى الدول النامية.
وتقول إن الهدف هو السماح لهم بالتخلص من سفنهم السامة بسعر مناسب في ورش تفكيك السفن في جنوب آسيا من دون أن يخشوا الملاحقة القضائية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز