«الشيوخ» الأمريكي يقر مشروع قانون لتنظيم العملات المشفرة المستقرة

أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون "GENIUS" لتنظيم العملات المستقرة بأغلبية 68 مقابل 30 صوتًا، في خطوة تعتبر تحولاً تاريخيًا للتعامل مع الأصول الرقمية.
شهدت العاصمة واشنطن يوم الثلاثاء 11 يونيو/حزيران 2025 لحظة فارقة في تاريخ الصناعة المالية الرقمية، حيث وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على أول إطار تشريعي شامل لتنظيم العملات المستقرة المرتبطة بالدولار، ويأتي هذا القرار بعد أشهر من النقاشات الحادة بين الحزبين حيث حققت جهود جماعات الضغط في قطاع العملات الرقمية اختراقًا كبيرًا، بعدما نجحت في تحويل الكونجرس الحالي إلى أكثر الهيئات التشريعية دعمًا للعملات المشفرة في التاريخ الأمريكي، جاء هذا التحول بعد حملة ضغط مكثفة شملت استثمار ما يقرب من ربع مليار دولار خلال انتخابات 2024، في محاولة لتشكيل بيئة تشريعية داعمة ومشجعة.
ويأتي هذا التطور بالتزامن مع توسع نفوذ الرئيس ترامب في عالم الأصول الرقمية، حيث تشكل إمبراطوريته الاستثمارية في هذا القطاع أحد أبرز محركات التغيير في السياسة التنظيمية، وقد أثمرت هذه الجهود عن تحول جذري في مواقف العديد من المشرعين، خاصة مع تزايد الاعتراف بأهمية هذه التكنولوجيا للمحافظة على الريادة المالية الأمريكية.
ويمثل القانون الجديد محاولة لمواكبة التطور السريع لتكنولوجيا البلوك تشين، حيث تشير تقديرات وزارة الخزانة إلى إمكانية نمو سوق العملات المستقرة إلى 2 تريليون دولار خلال سنوات قليلة، ويأتي الإقرار في وقت تشتد فيه المنافسة بين المؤسسات المالية التقليدية وشركات التكنولوجيا المالية للسيطرة على هذا القطاع الواعد.
إجماع نادر على قانون العملات الرقمية
تمكن مشروع قانون ""قانون العبقري" من كسر الحاجز الحزبي في واشنطن، حيث حظي بدعم لافت من أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء، جاءت نتيجة التصويت النهائية في مجلس الشيوخ لصالح المشروع بـ68 صوتًا مقابل 30، في مؤشر على نضوج النقاش حول ضرورة تنظيم صناعة العملات الرقمية.
يحتاج التشريع الآن إلى اجتياز مرحلة مماثلة في مجلس النواب الذي تهيمن عليه الأغلبية الجمهورية، حيث توجد نسخة معدلة من المشروع تنتظر المناقشة وفي حال الموافقة عليها، سينتقل الملف إلى البيت الأبيض لاستكمال الإجراءات النهائية.
وصف أندرو أولميم، الخبير القانوني والاقتصادي البارز، هذا التطور بأنه "إنها علامة فارقة كبرى" في التعامل مع الأصول الرقمية، وأضاف وفقًا لـ "reuters" "يمثل هذا القانون أول محاولة جادة لخلق إطار تنظيمي متكامل للعملات المستقرة، التي أصبحت تشكل قطاعًا ماليًا حيويًا وسريع النمو".
أبرز بنود التشريع الجديد
يتميز التشريع الجديد للعملات المستقرة بوضع ضوابط صارمة وشروط دقيقة لضمان استقرار هذه الأصول الرقمية وحماية المستثمرين، حيث يشترط على جميع الجهات المصدرة الاحتفاظ باحتياطيات كاملة من الأصول السائلة مثل النقد والسندات الحكومية قصيرة الأجل، مع إلزامها بنشر تقارير مالية شهرية مفصلة توضح بالتفصيل تكوين هذه الاحتياطيات ونسبتها إلى العملات المصدرة،
وحسب منصة "cnbc" يضع قانون GENIUS التزامًا صارمًا بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع تطبيق عقوبات رادعة على المخالفين، ويسمح القانون للبنوك التقليدية وشركات التكنولوجيا المالية المرخصة وكذلك متاجر التجزئة الكبرى بإصدار العملات المستقرة، بينما يفرض قيودًا خاصة على الشركات التكنولوجية غير المالية التي تريد الدخول إلى هذا المجال، حيث يشترط عليها التعاون مع مؤسسات مالية مرخصة أو إنشاء كيانات مالية منفصلة خاضعة للرقابة.
هذه الضوابط تهدف إلى تحقيق التوازن بين تشجيع الابتكار في القطاع المالي الحديث والحفاظ على استقرار النظام المالي التقليدي.
مستقبل مشروع قانون العملات الرقمية GENIUS
حسب منصة"cnbc" ينتقل الآن مشروع قانون "جينيوس" إلى مجلس النواب الأمريكي، حيث تنتظره مناقشات قد تطول نظرًا لوجود نسخة بديلة معروفة باسم "ستابل"، وعلى الرغم من اتفاق المشروعين على منع إصدار العملات المستقرة الاستهلاكية التي تقدم عوائد مرتفعة، إلا أنهما يختلفان جوهريًا في تحديد الجهة المنوطة بالرقابة والإشراف.
تتبنى نسخة مجلس الشيوخ نهجًا مركزيًا بمنح وزارة الخزانة الصلاحيات الأساسية للرقابة، بينما تفضل نسخة مجلس النواب توزيع هذه الصلاحيات بين عدة جهات تشمل الاحتياطي الفيدرالي ومراقب العملة وهيئات أخرى، ويشير مساعدون تشريعيون في الكونجرس إلى أن عملية التوفيق بين الرؤيتين قد تتطلب وقتًا.
يذكر أن مشروع "جينيوس" مر برحلة تشريعية شاقة، حيث تطلب وصوله إلى مرحلة التصويت في مجلس الشيوخ عدة أشهر من الجهود، بعد أن تعرض للرفض في محاولة سابقة، ولم يتمكن من اجتياز المراحل التشريعية إلا بعد سلسلة من المفاوضات المكثفة بين الأطراف المعنية.