الفضة عند قمة 45 عاما.. قفزة تنذر بتحول نقدي عالمي بعيدا عن الدولار (حوار)

قال خبير اقتصادي فرنسي، إن العالم يشهد حاليا تحولا نقديا عالميا غير مسبوق يعكس تراجع الثقة في الدولار الأمريكي وتصاعد توجه البنوك المركزية والمؤسسات المالية الكبرى نحو الملاذات الآمنة والمعادن الثمينة.
وأكد الخبير الاقتصادي الفرنسي باتريك أرتوس، المستشار الاقتصادي في Natixis وأستاذ الاقتصاد في جامعة باريس - بانثيون سوربون، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية": أن القفزات القياسية في أسعار الفضة والذهب لا تعكس مجرد مضاربات آنية في الأسواق، بل تعبّر عن إعادة تشكيل خريطة الثقة في النظام المالي الدولي، مع تزايد المخاوف من التقلبات السياسية والمالية في الاقتصادات الغربية الكبرى.
سجلت أسعار الفضة قفزة تاريخية بتجاوزها حاجز 50 دولارا للأونصة للمرة الأولى منذ عقود، مدفوعة بموجة طلب عالمية على الملاذات الآمنة في ظل تصاعد الاضطرابات الاقتصادية والسياسية في الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي الوقت ذاته، واصل الدولار الأمريكي صعوده أمام العملات الرئيسية، مدعوما بعوامل خارجية مثل الأزمة السياسية في فرنسا والضبابية الاقتصادية في اليابان، رغم استمرار حالة الشلل المالي في واشنطن.
ووفقا لبيانات وكالة بلومبرغ، بلغت أونصة الفضة نحو 51.24 دولار خلال تعاملات الخميس، قبل أن تستقر قرب 48.80 دولار في وقت لاحق، مسجلة بذلك أعلى مستوى لها منذ عام 1980، ومتجاوزة ذروة عام 2011 حين اقتربت الأسعار من حاجز الـ50 دولارا.
ويرى محللون أن هذا الارتفاع يعكس تحولا في سلوك المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها البنوك المركزية، التي تكثف مشترياتها من المعادن الثمينة في إطار استراتيجية تنويع الاحتياطي النقدي بعيداً عن الدولار، المتأثر بسياسات الإدارة الأمريكية الحالية.
قال الخبير الاقتصادي الفرنسي باتريك أرتوس: "ما نشهده حاليا ليس مجرد ارتفاع في سعر معدن، بل مؤشر على تغير هيكلي في الثقة بالنظام النقدي العالمي."
وأضاف أرتوس أن الارتفاع المتزامن في أسعار الفضة والذهب يعكس بحث المستثمرين عن بدائل حقيقية للدولار بعد عام من التوترات السياسية في الولايات المتحدة وتراجع الثقة في أدوات الدين الأمريكية.
وأشار إلى أن "التحركات المكثفة من البنوك المركزية في آسيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية نحو شراء الذهب والفضة تمثل محاولة لحماية الاحتياطيات من تقلبات السياسة النقدية الأمريكية، خصوصا مع تزايد الحديث عن أزمات سقف الدين والعجز الفيدرالي."
وأوضح أرتوس أن "الفضة تحديدا تستفيد من دورها المزدوج كملاذ استثماري آمن وكعنصر صناعي رئيسي في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة، مما يجعلها أكثر جاذبية على المدى المتوسط مقارنة بالذهب الذي يعتمد بشكل أكبر على عامل الأمان."
واختتم قائلاً إن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى "إعادة توازن تدريجية في النظام المالي الدولي"، حيث تصبح المعادن الثمينة جزءاً أكبر من محافظ البنوك المركزية، على حساب الدولار واليورو.