الدولار والطاقة والمعادن.. 3 أسلحة للولايات المتحدة في حربها الجيو-اقتصادية

اعتبرت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن العديد من الدول تسعى لتحويل مواردها الاستراتيجية إلى أدوات نفوذ وتأثير عالمي، في ظل إعادة تشكيل موازين القوى الجيوسياسية.
وفي تقرير تحليلي نشرته الصحيفة الفرنسية، حذّر المؤرخ البريطاني هارولد جيمس، أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية، من أن الهيمنة النقدية الأمريكية باتت مهددة بالتآكل في ظل المتغيرات الجيوسياسية المتسارعة.
ثلاثة أسلحة رئيسية
وأوضح جيمس أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتمد في حربه الجيو-اقتصادية على ثلاثة أسلحة رئيسية: الطاقة، والمعادن النادرة، والدولار لتعزيز النفوذ الاقتصادي لبلاده، غير أن هذه الركائز، رغم قوتها الظاهرية، تعاني من هشاشة بنيوية تجعل استمرار التفوق الأمريكي موضع شك في مواجهة صعود الصين وروسيا وتحولات النظام المالي العالمي.
وقالت الصحيفة الفرنسية إنّه "بينما تنجح روسيا والصين في هذا المسعى بدرجة أكبر من الولايات المتحدة، يبدو أن المبادرات الاقتصادية الأمريكية قد تحولت إلى سلاح مرتدّ أصاب اقتصادها ذاته".
واعتمدت موسكو على ارتهان أوروبا لنفطها لتسهيل حربها في أوكرانيا عام 2022، ونجحت جزئيًا في ذلك. كما أسست لتحالفات اقتصادية جديدة مع الهند والصين عبر اتفاقات للطاقة ضخمة، لتشكّل بذلك نواة تكتل مناهض للهيمنة الأمريكية.
أما بكين، فقد استغلت احتكارها شبه الكامل للمعادن النادرة، مثل الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون وغيرها، وهي مواد أساسية في الصناعات المتقدمة والتكنولوجيا الخضراء والتجهيزات العسكرية.
وردًا على الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب، قيدت الصين تصدير سبعة عناصر نادرة، ما اضطر واشنطن إلى التراجع بعد إدراكها المتأخر لأهمية تلك الموارد.
النتائج محدودة
ورغم محاولات الولايات المتحدة تقليد هذه الاستراتيجيات عبر تنشيط إنتاج الطاقة واستغلال المعادن النادرة، فإن النتائج جاءت محدودة.
ووفقًا للصحيفة الفرنسية، فإن شركات الطاقة تتردد في الاستثمار في الوقود الأحفوري بسبب تراجع جدواه في ظل الطاقات النظيفة، بينما تعاني صناعة المعادن النادرة من الإخفاقات المتكررة، إذ لم تنجح حتى الآن مشاريع كبرى مثل شركة MP Materials في بدء الإنتاج الفعلي، المقرر بعد عام 2028 على الأقل.
وأمام هذا الواقع، لجأ ترامب إلى ورقته الأقوى والأكثر حساسية: الدولار الأمريكي، الذي يمنح بلاده ما وصفه فاليري جيسكار ديستان منذ الستينيات بـ"الامتياز المفرط".
لكن هذه الهيمنة النقدية ليست مضمونة، فقد فقدت مدن تاريخية مثل جنوة وأنتويرب وأمستردام – وحتى لندن – مكانتها كمراكز مالية عالمية مع مرور الزمن.
تزايد هشاشة الدولار
وتتزايد هشاشة الدولار مع التحولات التكنولوجية في عالم المال. فمشروع "ليبرا" من فيسبوك، رغم إجهاضه بضغط أمريكي وأوروبي، أثبت إمكانية إطلاق عملة عالمية قائمة على تقنية البلوكشين ومدعومة بسلة من العملات.
ومثل هذه التجربة قد تصبح جذابة إذا واجه الاقتصاد الأمريكي أزمة ثقة.
ومع توسع استخدام العملات الرقمية المستقرة، التي ترتبط معظمها بالدولار، يحاول ترامب استثمارها لتمويل الدين العام الأمريكي، لكن أي فقدان للثقة بالدولار قد يدفع المستثمرين نحو عملات رقمية مدعومة بسلال نقدية أكثر استقرارًا، أو حتى بأصل دائم القيمة كالذهب.
ويخلص المؤرخ البريطاني هارولد جيمس إلى أن الرئيس الأمريكي، الساعي لإعادة تأكيد "عظمة أمريكا" عبر سياسات سريعة المردود، يخوض معركة اقتصادية محفوفة بالمخاطر.
فرغم ما تملكه الولايات المتحدة من قدرات هائلة وابتكار غير محدود، فإن نقطة ضعفها الكبرى تكمن في هشاشة عملتها التي تشكّل حجر الأساس لقوتها العالمية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز