400 شركة تنتظر.. سنغافورة تفتح أبوابها لتجارة العملات المشفرة
تسعى سنغافورة إلى ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في الأعمال المرتبطة بالعملات المشفرة.
يأتي هذا السعى في وقت تتصارع فيه المراكز المالية في مختلف أنحاء العالم بشأن طرق التعامل الأمثل بشأن واحدة من أسرع مجالات التمويل نموا.
وقال رافي مينون، المدير العام للسلطة النقدية في سنغافورة، التي تنظم البنوك والشركات المالية: "نعتقد أن أفضل نهج هو عدم تضييق الخناق على هذه الأشياء أو حظرها".
الرغبة في السبق
وبدلاً من ذلك، تضع السلطة النقدية في سنغافورة "تنظيماً قوياً"، حتى تتمكن الشركات التي تفي بمتطلبات السلطات من العمل، ومعالجة العديد من المخاطر، بحسب ما قال "مينون" في مقابلة نقلت وكالة بلومبيرج مقتطفات منها.
وأضاف "مينون"، الذي يقود السلطة النقدية في سنغافورة منذ حوالي عقد من الزمان: "نحن مع الأنشطة القائمة على العملات المشفرة، فهي في الأساس استثمار في المستقبل المنتظر، الذي لم تتضح ملامحه في هذه المرحلة".
كما أعرب عن اعتقاده بأن عدم الدخول في هذه اللعبة، يشكل مخاطرة بأن تتخلف سنغافورة عن الركب، فيما يمثل الدخول المبكر في هذه اللعبة الحصول على السبق، لذا فهو يرى أن من الأفضل فهم "فوائدها المحتملة بشكل أفضل بالإضافة إلى مخاطرها".
وفي إشار للمخاطرة التي تواجهها هذه الدولة الصغيرة، والتي اكتسبت بالفعل سمعة كمركز ثروة عالمي، يقول "مينون" إنه يتعين على سنغافورة زيادة إجراءاتها الوقائية لمواجهة المخاطر، بما في ذلك التدفقات غير المشروعة.
وأوضح أن سنغافورة "مهتمة بتطوير تقنية التشفير وفهم سلاسل الكتل "بلوك تيشن" والعقود الذكية وإعداد نفسها لعالم الويب الدليلي (Web 3.0)"، في إشارة منه إلى الجيل الثالث من الخدمات عبر الإنترنت، التي ستكون موضوعاً رئيسياً خلال مهرجان سنغافورة للتكنولوجيا المالية الذي ستضيفه السلطة النقدية في سنغافورة الأسبوع المقبل.
وأقر "مينون" بأن البنوك والمؤسسات المالية الأخرى ستواجه تحديات معينة فيما يتعلق باللامركزية في التمويل. ومع ذلك، قال إن سنغافورة تريد أن تكون "في وضع جيد" لعام 2030 عندما يأتي "اقتصاد الترميز".
وتختلف الدول اختلافاً كبيراً عندما يتعلق الأمر بكيفية التعامل مع العملات المشفرة، فقد اتخذت الصين إجراءات صارمة ضد عدد كبير من الأنشطة ذات الصلة في الأشهر الأخيرة، ولم تسمح اليابان إلا مؤخراً بصناديق استثمار مخصصة للعملات المشفرة، رغم أن السلفادور تبنت عملة بتكوين كعملة قانونية.
وفي الولايات المتحدة، ورغم وجود وفرة من الخيارات للاستثمار في تلك الفئة من الأصول المزدهرة، فإن المنظمين قلقون بشأن كل شيء من العملات المستقرة وصولاً إلى المنتجات التي تدر عائداً.
ولا تعد سنغافورة المكان الوحيد الذي لديه طموحات في مجال التشفير. إذ تبذل مراكز متنوعة مثل دبي وميامي والسلفادور ومالطا وزوغ السويسرية جهوداً مماثلة. ويمكن أن يكون ذلك مساراً جيداً للمضي قدماً، نظراً لأن صناعة العملات المشفرة نشأت مع وجود القليل من اللوائح، لذا فإن العديد من اللاعبين يرفضون محاولات المسؤولين الحكوميين لفرض حواجز حمائية.
"بينانس وجيميني"
واجتذب نهج سنغافورة شركات التشفير من "بينانس (Binance)"، التي مرت بسلسلة خلافات مع المنظمين في جميع أنحاء العالم، وصولاً إلى "جيميني (Gemini)"، وهي شركة تداول للعملات المشفرة أمريكية الأصل تستهدف المستثمرين المؤسسيين، لإنشاء قاعدة لها.
وتقدمت حوالي 170 شركة بطلب للحصول على ترخيص السلطة النقدية في سنغافورة، مما رفع العدد الإجمالي للشركات التي تسعى للعمل بموجب قانون خدمات الدفع إلى حوالي 400، بعد أن دخل القانون حيز التنفيذ في يناير 2020.
ومنذ ذلك الحين، تلقت ثلاث شركات تشفير فقط التراخيص المرغوبة للغاية، بينما تم رفض شركتين، وسحبت حوالي 30 شركة طلباتها بعد تعاملها مع الجهة المنظمة.
وبحسب "مينون" فإن الهيئة التنظيمية تستغرق وقتاً لتقييم المتقدمين للتأكد من استيفائهم لمتطلباتها العالية، مشيراً إلى أن السلطة النقدية في سنغافورة عززت أيضاً الموارد للتعامل مع الأعداد الكبيرة من مشغلي الخدمات المحتملين.
وأضاف: "لسنا بحاجة لأن تقوم 160 شركة منهم بإنشاء متجر لها هنا... نصفهم يمكنهم القيام بذلك، ولكن بمعايير عالية جداً، أعتقد أن تلك نتيجة أفضل".
واعتبر "مينون" أن فوائد وجود صناعة تشفير محلية منظمة بشكل جيد يمكن أن تمتد أيضاً إلى ما هو أبعد من القطاع المالي.
واختتم قائلاً: "عندما ينطلق اقتصاد العملة المشفرة بطريقة ما، نريد أن نكون أحد اللاعبين الرئيسيين.. يمكن أن يساعد ذلك في خلق فرص العمل، وخلق قيمة مضافة، وأعتقد أنه من المحتمل أن تستفيد قطاعات الاقتصاد الأخرى أكثر من القطاع المالي".