السنوار والحوثي.. مغازلة في «معركة استنزاف ووجود»
رسالة غازلت بها حركة حماس، عبر زعيمها يحيى السنوار، استهدفت هذا المرة ذراعا بارزة من أذرع إيران، هو الحوثي.
الرسالة، التي جاءت بعد أخرى مماثلة إلى جماعة حزب الله اللبنانية، اعتبر مراقبون أن الهدف منها محاولة إثبات وجود واستجداء لأذرع إيران، في مسعى لتخفيف الضغط عن حماس ودعم مساعي استمرار الحرب، والتعبير عن الامتنان لتلك الجماعات.
- كيف نجا السنوار من ملاحقة إسرائيل؟ السر في هذا النظام البدائي
- السنوار يغازل نصر الله برسالة «نادرة».. الأهداف وسر التوقيت
استنزاف و«وجود»
وفي محاولة لإثبات الوجود والقدرة، أكد السنوار جاهزية الحركة لخوض "معركة استنزاف طويلة" مع إسرائيل في قطاع غزة، بإسناد من حلفائها الإقليميين المدعومين من إيران، وذلك بعد دخول الحرب شهرها الثاني عشر، بحسب زعمه.
والسنوار الذي لم يظهر علنا منذ اندلاع الحرب، أشاد في رسالته لـ«زعيم الحوثي في اليمن عبد الملك الحوثي، بإطلاق صاروخ سقط قبل يومين في وسط إسرائيل.
وتوعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الإثنين، بإجراء "تغيير جذري" عند الحدود مع لبنان حيث يتواصل تبادل القصف اليومي مع حزب الله، الحليف لطهران على غرار الحوثيين اليمنيّين.
وتتواصل الحرب الأطول في تاريخ الصراع في ظل هذه المواقف، من دون أفق لحلّ يوقف القصف والمعارك في قطاع غزة المحاصر والمدمّر، وحيث قتل الإثنين أكثر من 20 شخصا جراء قصف إسرائيلي، بحسب ما أفاد مسعفون ومصادر طبية فلسطينية.
وتولى السنوار رئاسة حماس في آب/أغسطس خلفا لإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران بعملية نُسبت لإسرائيل.
أهداف الرسائل
وكان المحلل السياسي محمد شحادة من غزة، أكد في حديث سابق لـ«العين الإخبارية»، ينطبق على أذرع إيران، أن «السنوار يحاول أن يقول إنني على قيد الحياة، وأتولى القيادة بكل قوة. وأنا على اطلاع دائم بكل ما يحدث خارج غزة».
وأضاف شحادة، أن (السنوار) «يريد أن يظهر أنه قادر على العمل على جبهات متعددة، الجبهة الداخلية ـ ساحة المعركة في غزة ـ والجبهة الدبلوماسية ـ الوساطة».
أما الهدف الآخر -بحسب شحادة- فهو حماس، بمن في ذلك «المشككون من داخل الحركة أو حتى الوسطاء، الذين يشككون في قدرته على القيام بدوره القيادي من خلال الأنفاق في غزة».
وعيد إسرائيلي للحوثي
وكانت إسرائيل توعدت مليشيات الحوثي بدفع "الثمن باهظا" بعد الصاروخ الأخير، وحاولت تذكيرها بضربات ميناء الحديدة.
وأكد رئيس صحيفة الثوري اليمنية سابقا، خالد سلمان، أن "وصول الصاروخ الحوثي للمرة الثانية إلى عمق تل أبيب، يضع ترسانة الحوثي ومصادر تمويله على طاولة البحث المعمق لإسرائيل".
واعتبر في حديثٍ أن سقوط الصاروخ "يجعل الحوثي في نظر دوائر صناعة القرار في تل أبيب، ليس خطرا ثانويا مؤجلا، بل خطر رئيس يتطلب مواجهته، بنك أهداف أكثر إيلاما وضربات أكثر عمقا من البنية التحتية للورش والقيادات".
وأشار إلى أن "الصاروخ الحوثي له ما بعده، ليس أقل من ضربات إسرائيلية، تستهدف كل مفاصل وعناصر القوة الحوثية"، بالتوازي مع فتح قلق متنام لدى إسرائيل من ترسانة تسليحية مماثلة لدى حزب الله، حال المواجهة".
وكانت إسرائيل ضربت أهدافاً حوثية لأول مرة في تاريخ اليمن في 20 يوليو/ تموز الماضي ما أسفر عن سقوط 110 قتلى ومصابين.
ودمرت منشآت وقود في ميناء الحديدة تتسع لـ150 ألف طن وذلك ردا على طائرة حوثية سقطت لأول مرة في تل أبيب وخلفت قتيلاً و10 جرحى.
«تصفية» السنوار
وتوعّدت إسرائيل بـ"تصفية" السنوار الذي تتهمه بأنه كان أحد المخططين الرئيسيين لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ومنذ بدء الحرب في غزة، تصاعد التوتر بين إسرائيل وحلفائها من جهة، وإيران وتنظيمات إقليمية حليفة لها أبرزها حزب الله والحوثيون وفصائل عراقية.
وتبنّى الحوثيون مرارا إطلاق صواريخ ومسيّرات نحو إسرائيل. كما يستهدفون منذ أشهر سفنا في البحر الأحمر يعتبرونها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إليها، دعما للفلسطينيين في غزة.
بدوره، بدأ حزب الله منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر، باستهداف مواقع عسكرية في شمال إسرائيل، وفتح ما يعتبرها "جبهة إسناد" لحماس وغزة. وتقوم إسرائيل بدورها بشنّ غارات وقصف ضد "بنى تحتية" للحزب ومقاتليه.
وحذّرت إسرائيل مرارا من أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، وأنها ستعمل على تغييره بالدبلوماسية أو القوة.
وخلال هذه الفترة قتل 624 شخصا على الأقل في لبنان وفق تعداد فرانس برس، بينما قُتل 50 شخصا على الجانب الإسرائيلي بما في ذلك الجولان، وفق الجيش، كما أدت هذه المواجهات إلى نزوح عشرات الآلاف من اللبنانيين والإسرائيليين.
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل وتسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس، يشمل هذا العدد مَن قتلوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف وهجوم بري على غزة، مما أسفر عن سقوط 41226 قتيلا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أنّ غالبية القتلى من النساء والأطفال.
وتسبّبت الحرب بدمار هائل في القطاع المحاصر وأوضاع كارثية لسكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وخلال الساعات الماضية قتل أكثر من 20 شخصا جراء القصف الإسرائيلي في قطاع غزة، بينهم عشرة على الأقل في غارة على منزل وسط القطاع.
وأكد مصدر طبي في مستشفى العودة "ارتفاع عدد القتلى إلى عشرة وإصابة 15 آخرين.. في استهداف صاروخي لمنزل عائلة القصاص في مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة".
ويواجه نتنياهو ضغوطا خارجية وداخلية لا سيما من عائلات الرهائن، لإبرام اتفاق مع حماس يعيدهم لديارهم.
ورغم بذل الولايات المتحدة وقطر ومصر جهود وساطة منذ أشهر، لا تزال مواقف طرفي النزاع متباعدة حول نقاط عدة، أبرزها إصرار نتنياهو على إبقاء قوات إسرائيلية عند الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر المعروف بـ"محور فيلادلفيا".