بالصور.. سرت الليبية.. الجثث من خلفكم والطاعون أمامكم
نسمات البحر تختلط برائحة جثث متعفنة متحللة طمرت تحت أنقاض مدينة سرت.
عند حي الجيزة البحرية، آخر الأحياء التي حررت من مسلحي تنظيم داعش في سرت الليبية، تختلط نسمات البحر برائحة جثث متعفنة متحللة طمرت تحت الأنقاض.
ويحذر القائد أحمد بالة المكنى "المتطوع" قائلاً: "لا يجب المجيء هنا.. هناك خوف من آفة الطاعون".
حوصر مسلحو تنظيم داعش في الأشهر الأخيرة في هذا الحي، حيث قاتلوا بشراسة قبل طردهم نهائياً في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، اليوم الذي أعلنت فيه القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني تحرير مدينة سرت بالكامل.
لكن بعد أكثر من أسبوعين من ذلك، لم يسمح لسكان سرت الذين لا تزال منازلهم قائمة بالعودة إليها.
وأوضح بالة: "الوضع في الجيزة البحرية والأحياء المجاورة لا يسمح بالقدوم إليها. عشرات الجثث لازالت تحت الأنقاض. الرائحة كريهة جداً، ويخشى أن تسبب الأمراض مثل الطاعون".
وأضاف أن مسلحو داعش وأسرهم احتموا في أنفاق من الغارات الجوية، "وهكذا وجدوا أنفسهم عالقين تحت الأنقاض (...) وهناك دواعش لكن أيضاً نساء وأطفال ماتوا من الجوع والعطش تحت الأنقاض".
وتابع "إمكانياتنا ضعيفة وغير كافية لإخراج الجثث أو إزالة المتفجرات التي لغم بها داعش المكان".
"المدينة أشبه بأكوام من الخردة وكتل الأسمنت المسلح. وتسد حاويات الشوارع الرئيسية في المنطقة السكنية من الحي الواقعة على حافة البحر وهي الأشد تضرراً من المعارك، وذلك لمنع الفضوليين من الاقتراب"، بحسب بالة.
وغير بعيد من المكان بدت 3 جثث موضوعة في أكياس سوداء في الساحة الرئيسية للحي، دون أن يبالي أحد بها.
ويوضح محمد، وهو أحد المقاتلين بالمدينة، أن "عناصر الهلال الاحمر سحبوا الجثث الثلاث من تحت الانقاض قبل يومين. وتركوهم هنا ورحلوا (...) لكن لا يجب ان نلومهم. ليس عندهم إمكانيات".
لا تتوفر في المدينة كذلك خدمتا الهاتف أو الإنترنت ضمن دائرة شعاعها 100 كلم.
لكن وإن بدا ان الحياة توقفت في وسط المدينة فقد بدا النشاط يدب رويداً رويداً في منطقة السبعة بالضاحية الغربية للمدينة التي لم تشملها المعارك.
وفي الحي الذي بدا حزيناً بعض الشيء والذي تتناثر فيه منازل غلب عليها لون الأسمنت غير المطلي، لا يقطع الصمت إلا صرخات شبان يلعبون بكرتهم في ميدان عشوائي ثبتوا فيه قفصين حديديين، علاهما الصدأ، كمرمى.
ويقول صلاح فتحي أحد هؤلاء الشبان (28 عاماً)، الذي كان ينتظر دوره ليلعب، "هذا ينسينا بعض الشيء الوضع الصعب الذي نعيشه".
ويقول هذا الخريج الشاب، إنه غادر سرت مع أسرته للاحتماء لدى أقارب في طرابلس مع بداية الحملة على داعش، ويضيف "تمكنا من العودة قبل أسابيع قليلة إلى ديارنا ونحاول استعادة حياة عادية لكن الأمر صعب".
"لا توجد مياه شرب ولا خدمة هاتف، وعلينا إرسال أطفالنا إلى مدرسة غير مدرستهم وتبعد عنهم عدة كيلومترات"، بحسب ما أوضح البشير سويسي أحمد (60 عاماً) وهو أب لـ10 أطفال.
وما شجع هؤلاء السكان على العودة هو -فقط- إعادة خدمة التيار الكهربائي.