السيسي من بروكسل.. مصر سوق واعد وشريك إنتاجي موثوق لأوروبا

شارك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم، في العاصمة البلجيكية بروكسل، في الحدث الاقتصادي المصاحب للقمة المصرية الأوروبية الأولى.
وشهد الحدث حضور رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، ومن الجانب المصري كل من الدكتور بدر عبدالعاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.
وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الحدث شهد حضوراً واسعاً، حيث شارك فيه أكثر من 300 من رؤساء وممثلي أكثر من 60 شركة أوروبية، إلى جانب 100 شركة مصرية، و15 مؤسسة من مؤسسات التمويل الدولية، بالإضافة إلى ممثلين عن الهيئات الاقتصادية التابعة لدول الاتحاد الأوروبي.
محطة جديدة للشراكة المصرية الأوروبية
وأعرب الرئيس المصري في كلمته عن سعادته بوجوده في "بروكسل"، والمشاركة في حفل ختام هذا الحدث الاقتصادي المهم، مشيراً إلى أنه يمثل محطة جديدة، في مسار الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث يأتي بالتوازي مع القمة الأولى، بين مصر والاتحاد الأوروبي.
وتوجه بالشكر؛ لكل من ساهم في تنظيم هذا الحدث، وإثراء النقاش في جوانبه الموضوعية على مدار اليوم والذي أكد مجدداً، أهمية وثقل الشراكة الاقتصادية بين مصر والاتحاد الأوروبي، الذي يعد الشريك التجاري والاستثماري الأول لمصر، بنسبة تصل إلى نحو "27%" من تجارة مصر الخارجية في عام 2024. كما مثلت استثمارات الاتحاد الأوروبي في مصر، نحو "32%" من أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر، الموجودة في مصر في عام 2024.
وأضاف، قائلاً: "لقد تنوعت موضوعات النقاش، خلال جلسات هذا الحدث، وتناولت محاور استراتيجية، ما بين دراسة إنشاء ممر استثماري أوروبي في مصر، يكون بوابة للأسواق الأفريقية والعربية. وأفكاراً حول تعميق اندماج مصر في سلاسل الإمداد الأوروبية. وتناولاً معمقاً لدور القطاع الخاص، والتزام الدولة المصرية بدعمه، ليكون محركاً رئيسياً للتنمية. وهي جميعها موضوعات، تعكس عمق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين وتشعبها، وتطلعنا المشترك نحو الانتقال بها إلى آفاقٍ أرحب، خلال السنوات القادمة".
مسار متصاعد للعلاقات
وأكد الرئيس المصري أن هذا الحدث الاقتصادي، لم يكن وليداً للحظة الراهنة، وإنما جاء امتداداً لمسارٍ متصاعد، بدأ في مارس/آذار 2024، بالإعلان عن قرارنا المشترك، بالارتقاء بمستوى العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، خلال زيارة رفيعة المستوى إلى القاهرة، لـ "أورسولا فون دير لاين"، رئيسة المفوضية الأوروبية، وقادة كل من بلجيكـا وإيطاليا، واليونان، وقبرص، والنمسا. وأعقبه مشاركتها لاحقاً، في افتتاح المؤتمر المصري الأوروبي الأول للاستثمار، في يونيو/حزيران 2024. وهما الزيارتان اللتان عكستا إرادة سياسية واضحة، لبناء علاقة متوازنة وطموحة، تقوم على المصالح المتبادلة، وما يشهده الجميع اليوم؛ هو ترجمة عملية لتلك الرؤية.
وقال: "يسعدني في زيارتي الأولى لبروكسل، بعد هذا التطور النوعي في العلاقة بين الجانبين؛ أن أعرب عن بالغ تقديري، لـ "فون دير لاين"، رئيسة المفوضية الأوروبية التي لعبت دوراً محوريا في دفع هذا التعاون إلى الأمام. ولا يسعني في هذا المقام؛ سوى أن أؤكد، على أننا نبادل هذا الالتزام الأوروبي، بالعمل الدؤوب لتعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية، على أسس عملية مستدامة".
- بناء اقتصاد عالمي منفتح والتكامل مع أوروبا.. رسائل مصرية من قمة بروكسل
- مصر وأوروبا.. شراكة اقتصادية متنامية وتعاون تجاري زخم
رؤية أوسع وطموح أكبر
وتابع الرئيس المصري، "نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، في مسار التعاون الاقتصادي بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ مرحلة تتطلب رؤية أوسع وطموحا أكبر، وسط هذه التطورات غير المسبوقة، التي شهدتها منطقتنا ومحيطنا الإقليمي، خلال الأعوام الأخيرة. وإنني على يقين راسخ، بأن مصر اليوم؛ تمثل فرصة حقيقية وملموسة أمام مجتمع الأعمال الأوروبي، وليس مجرد شريك قريب جغرافيا".
وسرد السيسي خلال كلمته بعض الحقائق:
- اتخاذ الحكومة المصرية، حزمة من الإجراءات، في إطار برنامجها للإصلاح الاقتصادي، أسفرت عن رفع التصنيف الائتماني لمصر، من جانب مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية الرئيسية، وأشادت تلك المؤسسات وصندوق النقد الدولي، باتباع مصر لسعر صرف مرن، فضلاً عن تزايد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع معدل النمو السنوي، خلال الربع الأخير من العام المالي 2024/2025 إلى "4.4%"، مقارنة بـ"2.4%"، في العام المالي 2023/2024 بما يعكس مرونة الاقتصاد المصري، بالرغم من التحديات والأزمات الإقليمية والدولية.
وأكد أن مصر ستواصل جهودها في هذا الإطار، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، التزاماً منها بتنفيذ برنامج الإصلاح، وإحراز تقدم في مسيرتها التنموية، فضلاً عن التزام مصر، بتنفيذ وثيقة سياسات ملكية الدولة، التي تحدد الإطار العام، لعمل الشركات الحكومية والمملوكة للدولة، وكذا تنفيذ برنامجها للطروحات الحكومية، بهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.
- موقع مصر الاستراتيجي، يتيح للشركات الأوروبية النفاذ إلى أكثر من "1.5" مليار مستهلك في أفريقيا، والمنطقة العربية والاتحاد الأوروبي ذاته بفضل شبكة واسعة من اتفاقيات التجارة الحرة، واتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، والموقع المتميز على الممرات المائية والبرية التجارية، والبنية الأساسية المتطورة.
- توفر مصر منظومة متكاملة من الحوافز للمستثمرين، تشمل؛ الإعفاءات الضريبية، وسهولة تحويل الأرباح، وتوافر العمالة المدربة منخفضة التكلفة، والطاقة بأسعار تنافسية، إلى جانب الأمن والاستقرار السياسي والمؤسسي.
- تم إطلاق "المنصة المصرية الأوروبية للاستثمار" لتكون أداة عملية لتحفيز الاستثمارات الأوروبية، إلى القطاعات ذات الأولوية، وخلق فرص للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفقاً لأولويات التنمية الوطنية ومجالات التخصص الأوروبية، مؤكداً حرص الدولة المصرية، على مواصلة الحوار مع مجتمع الأعمال الأوروبي، للتعرف على تطلعاته، وتجاوز أي تحديات قد تعيق استثماراته.
ودعا السيسي إلى النظر إلى مصر، ليس فقط كسوق استهلاكي واعد، بل كشريك إنتاجي موثوق، يمكن أن يحتضن خطوط إنتاج أوروبية، تخدم الأسواق العالمية والأوروبية، بكفاءة وتكلفة تنافسية.
وأكد الرئيس المصري أن الحاجة إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد، باتت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، في ظل تحديات التجارة العالمية، وأزمات الطاقة، وتقلبات الأمن البحري، مشيراً إلى أن مصر يمكنها أن تكون الحليف الصناعي والتكنولوجي، الذي تحتاج إليه أوروبا لتأمين إمداداتها، وتنويع مصادرها، وتعزيز قدرتها التنافسية على المستوى الدولي.
كما دعا الرئيس المصري إلى شراكة استثمارية، قائمة على المنفعة المتبادلة حيث توفر مصر فرصاً حقيقية في قطاعات استراتيجية مثل: الصناعات الدوائية واللقاحات، وصناعة السيارات التقليدية والكهربائية، والأسمدة والبتروكيماويات، والطاقة الجديدة والمتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، والشرائح الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، والصناعات الدفاعية، والبنية التحتية اللوجستية والنقل.
وأكد الرئيس المصري أن الاستثمارات الأوروبية في مصر، لن تحقق فقط عائداً مالياً، بل ستسهم في بناء اقتصاد إقليمي أكثر توازناً، وستدعم استقرار جنوب المتوسط، وستعزز مكانة الشركات الأوروبية، في أسواق تتوسع بشكل سريع ومستمر.
واختتم الرئيس المصري كلمته بدعوة الحضور إلى زيارة مصر، والتعرف على أرض الواقع على البيئة الاستثمارية المحفزة والاطلاع عن قرب، على ما توفره من فرص استثمارية حقيقية، وحوافز مشجعة، وضمانات جادة. كما دعا المفوضية الأوروبية، إلى توسيع أدوات الضمان، والتأمين للمستثمرين الأوروبيين في السوق المصري، وأيضاً الحكومات الأوروبية، إلى دعم نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة المشتركة، بما يخدم مصالح الجميع.