خطاب السيسي.. "كارت أحمر" بوجه أطماع أردوغان في ليبيا
أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الفرنسية مصطفى الونيسي يقول إن لمصر حق الدفاع عن أمنها المرتبط بأمن الجارة ليبيا
رسم الخطوط الحمراء للأطماع التركية في ليبيا، وأعلن حدود معادلة الأمن القومي العربي، دون استبعاد تدخل عسكري مباشر، لحفظ استقرار البلدين الجارين.. تلك كانت خلاصة ما قاله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في خطاب ألقاه، السبت، أمام قوات المنطقة الغربية العسكرية.
خطاب السيسي يراه خبراء أنه سيعيد تشكيل التوازنات الدولية في ليبيا، وسيغير جميع الحسابات على هذه الأرض التي تتنازعها أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
مصطفى الونيسي، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الفرنسية، أكد أن خطاب السيسي سيجعل أنقرة تعيد حسابات تدخلها في ليبيا، لأنه في حال دخول الجيش المصري إلى البلد الأخير، فإن الكثير من الأشياء ستتغير بحكم أنه أقوى جيوش المنطقة.
وفي حديث لـ"لعين الإخبارية"، قال "الونيسي" إن لمصر حق الدفاع عن أمنها المرتبط بأمن الجارة ليبيا، وذلك بموجب حق الدفاع عن النفس بميثاق الأمم المتحدة، أو بناء على السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة، في ليبيا، والممثلة بمجلس النواب بهذا البلد.
وأضاف أن مصر لم تتدخل أبدا في أي وقت مضى بشؤون ليبيا، لكن التطورات الحاصلة بالملف الليبي باتت تشكل تهديدا لمعادلة الأمن القومي العربي، وهذا ما يفسر تلويح السيسي بإمكانية التدخل لحماية وتأمين المصالح المصرية والإقليمية.
وبحسب الباحث، فإن موقف مصر يبدو بديهيا بالنظر إلى محاولات أنقرة توسيع رقعة تواجدها في ليبيا، مشددا على أن "أردوغان لن يسعه الاحتجاج أبدا على موقف القاهرة لإدراكه بأنه فعل نفس الشيء حين شعر بتهديد على حدوده".
وتابع موضحا: "أرودوغان زلزل أمن سوريا بعملياته العسكرية بتعلة محاربة الأكراد، ولخوفه من إقامة دولة كردية على حدوده، فهل سيتجرأ على منع مصر من حقها في حماية أمنها وحدودها ومصالحها الإقليمية؟".
وأردف ردا على سؤاله: "أشك في أنه سيقوم بذلك ـ على الأقل علنا ـ، لكنه سيحاول تغيير تكتيكه على الأرض في ليبيا".
مصر متمسكة بالحل السياسي
الونيسي قال إن مصر تسعى لتعزيز الحل السياسي للأزمة الليبية، لكنها في ذات الوقت لن تقبل أي تهديد لأمنها، والمؤكد أن ردها سيكون متناسبا مع حجم التفاعل التركي مع "رسالة السيسي المشفرة" التي بعث بها بين السطور لأردوغان.
رسالة السيسي تجعل التطورات المستقبلية مرتبطة بطبيعة ذلك التفاعل، وفق الخبير، ما يعني أن الملف الليبي سيشهد الكثير من التغييرات بالفترة المقبلة.
فتمسك القاهرة بالحل السياسي يشكل موقفها المعروف منذ بداية الأزمة، لكن الخيار العسكري يظل ملجأها الأخير في حال واجه أمنها القومي أو العربي أي نوع من التهديد، بحسب الونيسي.
أردوغان ـ تميم
ولم تمض سوى ساعات قليلة على خطاب السيسي، حتى هرع أردوغان إلى حليفه أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، متصلا للبحث مضمون الخطاب وما خلف سطوره، والأهم تداعياته على أطماع الجانبين في ليبيا، وفي الشرق الأوسط عموما.
ورغم أن وكالة الأنباء القطرية، اكتفت بقول إن الاتصال بحث العلاقات الاستراتيجية بين البلدين والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها، إضافة إلى مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إلا أن الونيسي رجح أن تكون المكالمة تمحورت بشكل كامل حول خطاب السيسي.
وأشار إلى أن أردوغان وتميم يبحثان حاليا تعديل مخططهما في ليبيا، إما كسبا للوقت، ومناورة لمصر، أو المضي قدما من خلال التصعيد العسكري مع ما يحمله ذلك من تداعيات وخيمة كثيرة.
وأكد الونيسي أن التدخل التركي في ليبيا يقف حاليا في مفترق طرق، لكليهما فاتورة باهظة، فإما أن يكبح أردوغان جماح تقدمه ويتكبد خسارة فادحة تتمثل في التضحية بأطماعه بالبلد الغني بالنفط، والذي كانت ثرواته ستكون العصا السحرية لحل الأزمة الاقتصادية التركية.
وإما أن يلجأ أردوغان، بحسب الباحث، إلى التعنت كعادته، ويصر على تنفيذ مخططه، وهذا سيكون شارة إعلان حرب ستتقاطع فيها أطراف إقليمية عديده، وسيكون الليبيون أول وأكثر الضحايا.