لمة الرئيس عبدالفتاح السيسي في القمة العربية الطارئة بمكة هي، بلا شك، «أهم وأدق وأخطر» رؤية مصرية للوضع الإقليمي الحالي
كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي في القمة العربية الطارئة بمكة هي، بلا شك، «أهم وأدق وأخطر» رؤية مصرية للوضع الإقليمي الحالي، وتأصيل واضح لا لبس فيه لمحددات الأمن القومى العربى، كما تراه القاهرة، وكما يراه رئيس مصر وقائدها الأعلى للقوات المسلحة.
كان البعض من المتفلسفين أو أصحاب الضمائر الشريرة دائماً يميلون إلى القول إن مصر ليست لديها رؤية استراتيجية للوضع الإقليمي وللأمن القومي العربي.
ولم يكن الأمر يحتاج إلى مجهود كبير لاستقراء موقف مصر منذ حكم الرئيس السيسي بالنسبة للمنطقة والإقليم.
باختصار، رسالة الرئيس السيسي تقول: مصر تذهب في سياسة الحكمة والاعتدال إلى آخر مدى، وتشارك بقوة في حروب الضرورة دون تردد.المنطق يقول إن أي رئيس يتسلم شرعية حكم بلد كادت أن تنهار فيه الدولة الوطنية ولديه مليشيات تكفيرية، وأزمة اقتصادية طاحنة، ومؤامرات إقليمية ضد بلاده، وتمويل أجنبي بلا حدود، وأكثر من 15 مليون قطعة سلاح مهربة، وحدود مخترقة من الشمال والجنوب والغرب مع 3 جيران يعيشون في فوضى مسلحة، كان عليه أن ينقذ المريض من السرطان قبل أن يلتفت لأي أمر آخر.
رغم ذلك لم يتوقف الرئيس السيسي عن التنسيق الأمني مع الأشقاء، والتعاون السياسي على أعلى المستويات، ومشاركة جيش مصر مع جيوش السعودية والإمارات والأردن والبحرين في مناورات مشتركة على أرفع مستوى.
ومع ذلك أيضاً لم تتردد مصر في أن تلعب دورها في تأمين سواحل البحر الأحمر وخليج عدن والمشاركة بسلاح الجو.
ورغم ذلك لم تتردد مصر في توجيه عدة ضربات تأديبية في ليبيا لقوى الإرهاب التكفيري التي قامت بأعمال إجرامية.
والرئيس السيسي ذو الوعي السياسي والدارس في كليات حرب عليا في مصر وبريطانيا والولايات المتحدة على مستوى رفيع، ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الأسبق، يعرف بالوعي والخبرة والمعلومات الدقيقة أن هناك مشروع حياة أو موت يهدف إلى استدراج مصر خارج حدودها، تارة إلى إثيوبيا في موضوع مياه النيل، وتارة أخرى للسودان في حلايب وشلاتين، وتارة إلى غزة للرد على أخطار الأنفاق، وتارة إلى حدود ليبيا وفتح جبهة استنزاف تحتاج إلى جيوش كاملة لتغطية وتأمين جغرافيتها التي وصفها د.جمال حمدان -رحمه الله- بأنها واحدة من أسوأ تضاريس العالم، بدءاً من الواحات في مصر إلى عمق مائة كيلومتر داخل ليبيا.
وهكذا كانت معادلة الرئيس السيسي يرد دون أن ينفعل، ويدعم دون أن يُستدرج، ويشارك بقوة في دعم الأشقاء بشكل واعٍ ودقيق، لذلك جاء في خطابه: «جئنا اليوم لنقدم رسالة تضامن لا لبس فيها مع الأشقاء في السعودية والإمارات».
خطاب الرئيس في قمة مكة مكتوب بعناية فائقة، وفيه أكثر رؤية مكتملة وعميقة للصراع الإقليمي، ورؤية مصر الاستراتيجية للأمن القومي العربي.
6 نقاط أكدها الرئيس بشكل صريح مباشر منذ الدقيقة الأولى:
1- الأمن القومي المصري يرتبط ارتباطاً دقيقاً بالأمن القومي العربي، خاصة الأشقاء في دول الخليج.
2- تقف مصر ضد أي تدخل من أي قوى إقليمية في شؤون دول المنطقة.
3- إدانة أي قوى تدعم التدخل الإقليمي في شؤون العالم العربي.
4- رفض مصر أي تدخل يقوم على دعم المليشيات الطائفية أو التكفيرية.
5- أمن دول الخليج من أمن مصر.
6- مصر حازمة في الدعم، مع التزامها بلغة الحكمة والسعي للتفاهم على أساس قوله تعالى: {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}.
وأكد الرئيس أنه لا أحرص من العرب على علاقات جوار صحية وسليمة تقوم على احترام سيادة الدول العربية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والامتناع عن استثارة الطائفية والمذهبية.
يدرك الرئيس السيسي كلفة الحروب وأهوالها وفاتورتها الباهظة، وثمن الضحايا البشرية التي لا تعوض. لذلك هو يريد إرسال رسالة لا لبس فيها: على الرغم من أن مصر ليست من دعاة الحروب والصدامات العسكرية والمغامرات العنترية فإنها لن تتردد في مواجهة أي أخطار إقليمية تهدد:
1- دول الخليج في البر والبحر والجو.
2- سلامة أمن المنطقة في وقت تحاول فيه تركيا وإيران وإسرائيل فرض مشروعاتها إقليمياً.
3- مواجهة أي دعم للإرهاب التكفيري أو المشروعات الطائفية.
يقول الرئيس السيسي ذلك وهو يعرف بالدقة أن جيش بلاده هو التاسع عالمياً في الأداء العسكري، وهو الأكثر من ناحية القدرة العددية، وهو صاحب أقوى أسطول بحري في البحرين الأحمر والمتوسط، وصاحب قوة نيرانية في قواته الجوية ودفاعه الجوي ومدى سلاحه الصاروخي، ويدرك أيضاً أن مصر هي أكبر دولة عربية «وسنية» في المنطقة.
باختصار، رسالة الرئيس السيسي تقول: مصر تذهب في سياسة الحكمة والاعتدال إلى آخر مدى، وتشارك بقوة في حروب الضرورة دون تردد.
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة