تتارستان.. "القوة الناعمة" لروسيا بذراع دبلوماسية "الهلال"
من تتارستان، أرض التعايش والتلاقح بين الأديان، تنسج روسيا خيوط قوتها الناعمة مع العالم الإسلامي، ولها في المقام منافعٌ ونوافذ.
فالجمهورية الرابضة على نهري كاما والفولغا الشاهد على مزيج الحضارات والثقافات عبر القرون، تصنع اليوم مفهوم"القوة الناعمة" للدبلوماسية الدينية، والحزام الاقتصادي القوي في وقت الأزمات.
تتارستان في سطور:
- تقع على بُعد 800 كلم شرق موسكو
- يقطنها حوالي 4 ملايين نسمة من مختلف العرقيات بينهم نحو مليوني مسلم من التتار.
- تبلغ مساحتها 68 ألف كلم مربع.
- عاصمتها قازان التي تعتبر واحدة من أكبر المدن في روسيا وأكثرها ازدهارا.
- في وصفه لقازان، قال مفتي تتارستان كميل ساميغولين إنها تحدد نغمة تطور الإسلام في بلدنا، وهي عاصمة العالم الشمالي للإسلام.
- وتُعرف قازان بأنها العاصمة الثالثة لروسيا بعد موسكو وسان بطرسبرغ.
وتضم قازان العديد من الكنائس القديمة والمساجد التاريخية.
ورغم عراقة قازان التي يسبر التاريخ أغوارها، إلا أنها تبدو كمدينة عصرية حديثة.
دبلوماسية دينية
وإذا كانت القوة الناعمة للدول القوية تعتمد على ثقافتها وقيمها السياسية وسياستها الخارجية والقوتين الاقتصادية والعسكرية، فهذه روسيا التي لطالما نشرت قوتها الناعمة كجزء من أهدافها الاستراتيجية الشاملة في الشرق الأوسط ، وقد أثبت عنصر الدين أنه رصيد قيّم للدبلوماسية الثقافية لهذه القوة العظمى مع العالم الإسلامي.
فالهوية الإسلامية المشتركة لأكثر من 25 مليون مسلم يعيشون داخل جمهوريات روسيا الاتحادية لها دور فعال في هذا الصدد.
وقد ساهمت الجهود الشعبية التي قام بها رمضان قديروف ورستم مينيخانوف، الزعيمان المؤثران في الشيشان ذي الأغلبية المسلمة وتتارستان على التوالي ، بشكل كبير في بناء علاقات جيدة بين موسكو ودول الشرق الأوسط، من أجل التعاون في مجالات عدة أبرزها الاقتصادية.
لكن لماذا تتارستان؟
الإجابة تختصرها دفاتر التاريخ، فالتتار كانوا مبعوثين لروسيا إلى الشرق الإسلامي منذ قرون، سواء عبر المترجمين الفوريين في عصر موسكوفي، أو سلطان غالييف والد "الاشتراكية الإسلامية"، و"كراسني باشا" كريم خاكيموف ، أول سفير لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية في السعودية.
وللحاضر دليل أيضا، تقدمه مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي" التي تعتبر إحدى أدوات التواصل مع العالم الإسلامي، بما فيها التعاون المشترك وفي مقدمته المشاريع الاقتصادية.
ففي عام 2006 حين تم تأسيس المنصة، قررت روسيا المشاركة بنشاط أكبر في الساحة السياسية في الشرق الأوسط.
ولأنه يرأس إحدى المناطق الإسلامية في روسيا التي لعبت دورا في بلد متعدد الجنسيات والأديان، تم اختيار رستم مينيخانوف، لمهمة التواصل مع العالم الإسلامي.
ومنذ ذلك العام كانت المنصة منبرا لوزراء خارجية سابقين ومسؤولين، يجتمعون سنويا، في دول مختلفة، إلى أن توقف هذا اللقاء في 2009، عام الثورات العربية.
وفي عام 2014، عادت الحياة تدب في أوصال المجموعة تحت قيادة رئيس تتارستان رستم مينيخانوف، مرة أخرى.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية الروسي، أليكسي مالاشينكو، على ضرورة وجود مثل هذه المجموعة، خاصة في وقت أصبحت فيه روسيا "معزولة أكثر فأكثر، وتحتاج إلى بعض جهات الاتصال المختلفة تماما". وفق ما أوردته وكالة "سبوتنيك" الروسية.
وفي تعريفه للعالم الإسلامي، يقول مالاشينكو، إنه مجموعة من الدول الإسلامية لها مصالح مختلفة سياسية واقتصادية.
ويضيف "العالم الإسلامي مختلف، فلكل دولة مصالحها الخاصة، وفي هذه الحالة سيكون من الأصح الحديث عن العلاقات بين روسيا والدول الإسلامية"، معربا عن أمله في أن تكون "أكثر إنتاجية وتلبية للمصالح المشتركة".
قمة قازان-جسر التواصل
وبمناسبة مرور الذكرى 1100 لاعتماد الإسلام من قبل فولغا بلغاريا، ستحتضن العاصمة التترية قازان، في العشرين من مايو/أيار الجاري، قمة لمجموعة "روسيا- العالم الإسلامي".
وسيُخصص الاجتماع السابع للمجموعة للحديث عن "التجربة الروسية في الحفاظ على التنوع العرقي والثقافي والوئام بين الأعراق والأديان- ضمان لتعزيز الهوية المدنية المشتركة".
ومن المقرر أن يشارك في هذا الملتقى، وزراء وسفراء وقناصل من أكثر من 15 دولة بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب وفود دولية وخبراء أجانب، ورؤساء ووزراء الأقاليم الروسية ورؤساء السلطات الفيدرالية.
وعلى هامش القمة، سيضع المجتمعون حجر الأساس لمسجد قازان في حديقة كيرلاي، والذي سيتسع لعشرة آلاف شخص، بحسب السلطات الرسمية في هذا البلد.
وتشتمل الخريطة الجغرافية لروسيا على 6 أقاليم مسلمة هى: الشيشان وتتارستان ووقبارووا وبشقردز وداغستان وأوستيا الشمالية.
كذلك تتربع موسكو على قمة العواصم الغربية من حيث عدد المسلمين حيث تجاوز تعدادهم نحو25 مليونا، بحسب إحصاء منشور عام 2017.