9 سنوات على إقلاع «سولار إمبولس» من أبوظبي.. أين اختفت أول طائرة شمسية في العالم؟
عندما انطلقت الطائرة "سولار إمبولس" من أبوظبي في مثل هذا اليوم 9 مارس/آذار 2015، اعتبرها الكثيرون دفعة قوية لمشروع طموح بقطاع الطيران.
لكن الحقيقة أن هذه الطائرة، كانت بمثابة رمز قوي للتحول نحو الطاقة النظيفة في الملاحة الجوية. وبعد نحو 9 سنوات، أظهر مؤسسوها أن شركة Solar Impulse لم يكن لها خط نهائي مطلقًا، وأن إنجازاتها تتجاوز الفكرة الرمزية لتحول الطاقة في قطاع الطيران. وتُعد مؤسسة Solar Impulse منظمة غير ربحية أسسها المستكشف وسفير التكنولوجيا النظيفة "برتراند بيكارد". وهي ملتزمة بتحديد وتعزيز الحلول التكنولوجية التي يمكنها حماية البيئة بطريقة مستدامة.
بداية الرحلة
انطلقت الطائرة سولار إمبولس 2 (Si2) صباح يوم 9 مارس/آذار 2015 من أبوظبي، في إطار مواصلة رحلتها حول العالم دون قطرة وقود، حيث قادها الطياران السويسريان برتراند بيكارد وأندريه بورشبيرغ، ووفقا لتصميم وإمكانات تلك الطائرة التي تعمل بالطاقة الشمسية، فإنه يمكنها البقاء في الجو لمدة تصل إلى ستة أيام وليالٍ متتالية.
وقد علق بيكارد على تلك الرحلة بقوله: "من خلال محاولتنا لإكمال أول رحلة حول العالم تعمل بالطاقة الشمسية، نريد أن نثبت أن التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة يمكن أن تحقق المستحيل. يمكن أن تصبح الطاقة المتجددة جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، ومعًا، يمكننا المساعدة في إنقاذ الحياة." وتابع بيكارد، وهو أيضًا رئيس مجلس إدارة شركة سولار إمبالس وأول سائق منطاد يبحر حول العالم: "إن الموارد الطبيعية لكوكبنا يمكن أن تمنحنا فرصا أفضل للعيش والانتقال".
وقد استغرقت الرحلة حوالي 25 يوم طيران، مقسمة على خمسة أشهر، وغطت 35 ألف كيلومتر، وسافرت بسرعة تتراوح بين 50 و100 كيلومتر في الساعة، وكان مقررا للرحلة وقتها أن تتوقف الطائرة في عمان والهند والصين، قبل أن تعبر المحيط الهادئ عبر هاواي. ثم طارت Si2 بعد ذلك عبر أمريكا الشمالية، لتتوقف في ثلاثة مواقع، ثم عبرت المحيط الأطلسي. وتتضمن المحطة الأخيرة التوقف في جنوب أوروبا أو شمال أفريقيا قبل تنتهي الرحلة وتعود إلى أبوظبي مجددا، حيث اختتمت الطائرة السويسرية أول رحلة جوية حول العالم لطائرة تعمل بالطاقة الشمسية حين عادت إلى أبوظبي وهبطت فيها في تمام الساعة الرابعة وخمس دقائق بالتوقيت المحلي من يوم الثلاثاء 26 يوليو/تموز 2016. وكما هو معلوم، فإن الطائرة التجريبية لم تستخدم طيلة رحلتها التي بدأت يوم 9 مارس/آذار 2015 قطرة واحدة من الوقود.
وقال بورشبيرغ، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة سولار إمبولس: "إن سولار إمبالس ليست أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية، ولكنها أول طائرة قادرة على عبور المحيطات والقارات - والبقاء في الهواء لعدة أيام وليالٍ متتالية دون الهبوط".
- طيران الإمارات والاتحاد للطيران ضمن أفضل الخطوط الجوية للرحلات الطويلة
- طيران الرياض.. التقدم والتكنولوجيا الرائدة لتجربة سفر استثنائية
ومؤخرًا، حققت المؤسسة هدفها الأول المتمثل في إيجاد نحو 1000 حل من حلول الطاقة النظيفة التي تحمي البيئة في مجالات المياه والطاقة والتنقل والبنية التحتية والصناعة والزراعة. حيث يربط برتراند بيكارد هذه الحلول بصناع القرار لمساعدتهم على تبني أهداف بيئية وسياسات طاقة أكثر طموحًا.
ثورة في عالم الطيران
في عام 2003، أطلق رائدا الطيران السويسريان "برتراند بيكارد" و"أندريه بورشبيرغ" مشروع طائرة "سولار إمبولس"، وقد أضحت طائرتهما التي تم بناؤها لاحقاً أول طائرة في التاريخ كان وزنها عند الإقلاع مطابقاً لوزنها عند الهبوط بالضبط، حيث تعمل بالكامل دون وقود، وإنما تعتمد على طاقة الشمس، وتمثل الطائرة ثورة جديدة في عالم الطيران وتفوق المسافة بين طرفي جناحيها المسافة بين طرفي جناحي الطائرة بوينغ 747 لكنها خفيفة مثل سيارة. وهذه الطائرة نتاج 12 عاما من البحث والتجارب، وجاءت بعد طائرة سابقة قامت بسلسلة من الرحلات الناجحة في السنوات الأخيرة. وتبلغ المسافة بين طرفي جناحي الطائرة 72 مترا ووزنها 2300 كيلوغرام ومساحة قمرتها 8 ر3 متر مربع وهي مصممة ليقيم بها الطيار أسبوعاً. ويمكن للطائرة أن تطير يوما وليلة دون وقود أو انبعاثات ملوثة للبيئة، وتعمل من خلال 17 ألف خلية شمسية، لتتمكن من الدوران حول العالم على مدى خمسة أيام وليال متتالية.
وتتمثل مهمة الطائرة في جعل النقل الجوي هادئًا ونظيفًا وبأسعار معقولة. وتخدم تقنية الدفع الكهربائي وإدارة البطاريات الحاصلة على براءة اختراع والمعتمدة من الشركة حلولًا قائمة على العملاء حول الدفع الكهربائي لكل من تصميمات الطائرات الحالية والمستقبلية ومفاهيم eCommuter الجديدة.
ويركز جوهر تقنية الطائرة الخاصة على نظام متكامل للطاقة والدفع وإدارة البطارية والذي يتضمن حزم البطاريات والموصلات والمحرك ووحدة التحكم في المحرك والواجهة التجريبية وأدوات التحكم في الطاقة.
هل تحولت لطائرة عسكرية؟
ثار اللغط حول طائرة سولار إمبولس في 11 سبتمبر/أيلول من عام 2019، عندما تم الإعلان عبر بيان صحفي، عن إبرام صفقة بيع الطائرة التي تعمل بالطاقة الشمسية لشركة إسبانية أمريكية، وتبين في وقت لاحق أن لهذه الشركة أغراض ودوافع عسكرية، وتحمل الشركة اسم “سكاي دويلر” Sky dweller، لكن عند سؤاله عن الأغراض العسكرية غير المعلنة لصفقة بيع الطائرة، أكد بيكارد لقناة الإذاعة والتليفزيون العمومية السويسرية الناطقة بالفرنسية RTS، أن عقد البيع تضمن اشتراطات بأن طائرة سولار إمبولس لن تتحول إلى طائرة هجومية أو ذات أغراض عسكرية. قائلا: “إنها طائرة لن يتم تسليحها أبداً. هذا الأمر واضح تماماً، ومذكور كبند من بنود العقد “.
وتجدر الإشارة، وفقا للموقع الإخباري السويسري SWI، إلى أن تكلفة مشروع سولار إمبولس بلغت، وعلى مدى 15 عاماً، 170 مليون فرنك سويسري. تم تمويل الجزء الأكبر من هذا المبلغ من قبل رعاة المشروع والمتبرعين من المؤسسات الخاصة، إضافة إلى المساهمات المباشرة وغير المباشرة من قِبَل الحكومة. واليوم، ومع إبرام هذه الصفقة، ذهبت عائدات البيع بشكل حصري إلى شركة سولار إمبولس، الشركة المملوكة من قِبَل بيكار وبورشبيرغ. لكن إدارة “سكاي دويلر” التي اشترت الطائرة لديها أفكار واعدة وطموحة؛ فقد أعلنت أنها ستقوم بتوظيف 120 شخصاً في إسبانيا والولايات المتحدة، معظمهم من المهندسين. وبمجرد الانتهاء من البحوث، يمكن نقل الطائرة من المتحف في سويسرا، والتوقّف عن اعتبارها مجرّد تحفة عرض فنية.
"كلايمت إمبولس"
وتحول سولار إمبولس إلى رمز لفكرة متجددة، حيث أعلن برتراند بيكارد، أن مشروعه التالي سيكون الطيران دون توقف حول العالم في طائرة تعمل بالهيدروجين والتي يتم تصنيعها في فرنسا من قبل المهندس والملاح رافاييل دينيلي. وقد تم الكشف عن هذا المشروع الذي يحمل اسم Climate Impulse عبر الإنترنت، مع مقطع فيديو منشور على YouTube وبيان صحفي على الموقع الإلكتروني يشرح الخطة بخطوط واسعة، بما في ذلك دعم شركة تصنيع المواد المركبة Syensqo، التي دعمت أيضًا رحلة طواف Solar Impulse في 2015.
وذكرت منظمة Syensqo في البيان: "بعد عامين من البحث والتطوير والتصميم بدعم من شركات إيرباص وضاهر وكابجيميني وبمشاركة مجموعة أريان، بدأ بناء الطائرة وسيستمر لمدة عامين"، مشيرة إلى أن سولار إمبولس كانت رمزًا للطاقة المتجددة والعمل المناخي، ومصدر إلهام لأكثر من 1500 حل فعال.
ويسعى برنامج "Climate Impulse" إلى مواصلة المهمة، وعرض التقنيات الجديدة التي يمكن أن تحدث ثورة في مجال الطيران.
ويقول بيكارد حول ذلك إنه: "في هذا العالم المليء بالقلق البيئي، نحتاج إلى استعادة الأمل وتحفيز العمل من خلال إظهار الحلول التي تؤدي إلى التقدم المستدام. وأكثر من مجرد الطيران حول العالم بطائرة هيدروجينية، سوف تستكشف طائرة كلايمت إمبولس طرقًا جديدة للتفكير والعمل من أجل تحقيق التقدم المستدام.
وتابع بيكارد: "إن الحلول الفعالة ستوحد الناس من المواطنين والناشطين البيئيين إلى القادة السياسيين ورجال الأعمال، وتحول الخيال من التضحية والخوف إلى الحماس والعمل."
aXA6IDUyLjE0LjE2Ni4yMjQg جزيرة ام اند امز