«مجلس مستقبل الصومال».. خطوة نحو التوافق أم تصعيد للانقسام الفيدرالي؟

تحولات عميقة في المشهد السياسي الصومالي، آخرها الإعلان عن تأسيس «مجلس مستقبل الصومال»، كمنصة جديدة تهدف إلى إعادة رسم معادلة القوة في البلاد.
تلك الخطوة التي اعتبرها خبراء ومحللون تحدثوا لـ«العين الإخبارية» تشكل جبهة ضغط قوية تدفع نحو حوار وطني شامل.
لكنهم حذروا في الوقت ذاته من أنها قد تهدد بتعميق الانقسام السياسي وتفاقم حالة الجمود بين المركز والإدارات الإقليمية، ما لم تُترجم هذه الخطوة إلى مسار تفاهم وتوافق وطني.
- إيرادات مليونية وتجنيد بالآلاف.. كيف بنت «الشباب» الصومالية إمبراطوريتها؟
- الصومال.. خارطة طريق رئاسية وسط تحذيرات من انهيار الدعم الأممي
تركيبة المجلس الجديد
المجلس أعلن عنه قادة المعارضة الصومالية إلى جانب ولايتي بونتلاند وجوبالاند، في ختام اجتماع بالعاصمة الكينية نيروبي الخميس، عقب مناقشات مكثفة حول القضايا الراهنة في الصومال.
ويمثّل هذا التكتل الجديد تحديًا مباشرًا للحكومة الفيدرالية في مقديشو ويضعها أمام ضغط غير مسبوق.
وضمّ الاجتماع الذي نتج عنه إنشاء «مجلس مستقبل الصومال» كلًا من رئيسي الوزراء السابقين حسن علي خيري وسعد شردون.
كما شارك به النائب عبد الرحمن عبد الشكور من منتدى إنقاذ الصومال المعارض، الذي يضم قوى سياسية بارزة.
إضافة إلى رئيسي ولايتي بونتلاند سعيد عبد الله ديني، وجوبالاند أحمد محمد إسلام «مادوبي».
الأهداف ومخرجات الاجتماع
وفقًا للبيان التأسيسي الصادر عن اجتماع قادة المعارضة ورئيسي ولايتي بونتلاند وجوبالاند في نيروبي، فإن «مجلس مستقبل الصومال» يُمثّل هيئة شاملة ترمي إلى دمج جهود المعارضة مع الولايتين لرسم ملامح عملية الانتقال السياسي في البلاد.
وتمحورت أبرز المخرجات والتوصيات الصادرة عن الاجتماع حول الدعوة إلى حوار وطني عاجل بعقد مؤتمر شامل داخل الصومال، يهدف إلى مناقشة عملية الانتقال السياسي، ما يشكّل ضغطًا مباشرًا على الحكومة الفيدرالية للاستجابة لمطالب التحالف.
إلى جانب استكمال الهيكل التنظيمي وصلاحيات المجلس بشكل نهائي، وتوجيه دعوة قوية لجميع الصوماليين للوقوف صفًا واحدًا من أجل تعزيز الوحدة الوطنية وحماية الاستقرار.
مع الإشادة بالدور الإقليمي لكينيا في دعمها المتواصل لتعزيز السلام في الصومال.
في المقابل، لم تُصدر الحكومة الفيدرالية الصومالية بيانًا رسميًا حول اجتماع نيروبي ونتائجه، مما يُبقي الباب مفتوحًا أمام التكهنات بشأن استراتيجية مقديشو للتعامل مع هذا التحدي السياسي الجديد.
تحولات بميزان القوى
يرى مراقبون أن تأسيس «مجلس مستقبل الصومال» من قِبل المعارضة، وخاصة إدارتي بونتلاند وجوبالاند، يمثل خطوة سياسية محورية ذات دلالات عميقة وتأثيرات متوقعة على المشهد الصومالي.
وأكدوا أنه لا يمكن قراءته بمعزل عن سياق التوترات المستمرة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو والإدارات الإقليمية، لا سيما بونتلاند وجوبالاند، والخلافات حول القضايا الدستورية والانتخابية.
موازين جديدة
وفي هذا السياق، يقول الباحث والمحلل السياسي في القرن الأفريقي محمد الهادي، إن مخرجات اجتماع نيروبي لقادة المعارضة الصومالية ورئيسي بونتلاند وجوبالاند تمثل تحولًا في ميزان القوى السياسية.
وأضاف في حديثه لـ«العين الإخبارية» أنها تشكل جبهة موحدة واسعة ضد الحكومة الفيدرالية، من خلال الدمج بين الوزن السياسي للمعارضة (ممثلة برؤساء وزراء سابقين وشخصيات نافذة) والقوة المؤسسية والإقليمية لولايتي بونتلاند وجوبالاند.
وتابع أن «هذا الدمج يمنح التحالف الجديد ثقلًا أكبر بكثير مما كان عليه (منتدى إنقاذ الصومال) بمفرده، ويمنحه قوة معتبرة في الضغط على الحكومة الفيدرالية للتوصل إلى تفاهمات حول القضايا الخلافية بينهما».
تصاعد التوتر والجمود السياسي
ويشير الهادي إلى أن هذا التكتل قد يعمّق الخلاف السياسي والجمود بتوحيد المعارضة والإدارات الإقليمية في مواجهة الحكومة الفيدرالية.
ولفت إلى أنه قد يعرقل أي تقدم في القضايا الوطنية الحاسمة، مثل التعديلات الدستورية، والانتقال من نظام برلماني إلى نظام رئاسي كامل، ومنح الرئيس صلاحية تعيين رئيس الوزراء وإقالته دون موافقة البرلمان، فضلًا عن قضايا أخرى.
وفي المقابل، قد يدفع هذا الضغط الحكومة الفيدرالية، التي تحاول بالفعل التواصل مع جوبالاند عبر زيارة الرئيس حسن شيخ محمود المرتقبة إلى كيسمايو، إلى تسريع وتيرة المصالحة وتقديم تنازلات.
مناورة سياسية ومخاطر انقسام
وبحسب الهادي، فإن إنشاء «مجلس مستقبل الصومال» هو مناورة سياسية قوية تشير إلى أن المعارضة والإدارات الإقليمية المتحالفة قررت تصعيد الضغط من خلال هذا التكتل الذي أعاد هيكلة المعارضة وتقويتها بعد فترة من التحديات.
بالتالي، فهو في سياقه الحالي يمثل سلاحًا استراتيجيًا للضغط، يهدد بزيادة التوتر، لكنه قد يكون أيضًا القوة الدافعة التي تجبر الأطراف على الجلوس إلى طاولة حوار جدي لإنهاء الجمود السياسي في الصومال.
خلافات متصاعدة
وتصاعدت حدة الخلافات بين الرئيس حسن شيخ محمود والمعارضة الصومالية التي يمثلها «منتدى إنقاذ الصومال»، حول عدد من القضايا الجوهرية.
وفشلت عدة جولات من الحوار بين الرئيس الصومالي والمعارضة في التوصل إلى توافق حول القضايا الخلافية، أبرزها حزمة التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان في مارس/آذار الماضي.
وتنص على الانتقال من نظام برلماني إلى نظام رئاسي كامل، ومنح الرئيس صلاحية تعيين رئيس الوزراء وإقالته دون موافقة البرلمان.
إضافة إلى تحديد فترة رئاسية بخمس سنوات، واعتماد الاقتراع العام بدلًا من نظام التصويت غير المباشر القائم على المحاصصة العشائرية.
رفض المعارضة
وكان تحالف المعارضة الصومالية قد صعّد من انتقاداته للحكومة الصومالية، وأكد في بيان رفضه أي تمديد لولاية الرئيس بعد الموعد الدستوري المحدد في 15 مايو/أيار 2026.
وطالب بإلغاء التعديلات الدستورية، معتبرًا أن قانون الانتخابات والأحزاب واللجنة الانتخابية التي شكّلها الرئيس تفتقر إلى الشفافية، ما يهدد العملية الانتخابية المقبلة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjEg جزيرة ام اند امز