الانسحاب أو التوسيع.. الصومال يرفض خيارات قوات "أميصوم"
رفضت الحكومة الصومالية مقترح الاتحاد الأفريقي بتوسيع مهمات قوات حفظ السلام، في البلاد، الأمر الذي يؤذن بخلاف جديد بين مقديشو و"أميصوم".
صفحة الخلاف الجديدة فتحها فريق فني من الاتحاد الأفريقي بتقديمه مقترحات لتعديل قوات البعثة المعروفة اختصارات بـ"أميصوم"، تقضي بتوسيع مهماتها قبل حلول موعد نهاية مأموريتها في ديسمبر القادم، مع طرح خيار الانسحاب، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية.
وقال المتحدث باسم الحكومة الصومالية محمد إبراهيم معلمو إن مقديشو رفضت بالكامل تقرير الاتحاد الأفريقي، الذي اقترح أربع طرق يمكن من خلالها تعديل بعثة الاتحاد الأفريقي.
وكان معلمو يشير بذلك إلى تقرير فريق التقييم المستقل حول مشاركة الاتحاد الأفريقي في الصومال بعد 2021 والذي جاء مع اقتراب "أميصوم" من نهاية تفويضها الموسع في الصومال المقرر نهاية العام الجاري.
معلمو ذكر أن رفض الحكومة الصومالية للمقترح الأفريقي جاء إثر اجتماعا وزاري مصغر لمناقشة التقرير، حيث رُفضت منذ البداية نتائج التقرير وتوصياته، ووعد المتحدث باسم الحكومة بإصدار بيان رسمي في وقت لاحق.
خلاف في الأفق
وفيما من المتوقع أن يعرض الصومال في البيان المرتقب أسباب الرفض، تشير الخطوة التي اتخذتها مقديشو إلى خلاف واضح مع الدول الخمس المساهمة بقوات في "أميصوم" وهي: "كينيا وجيبوتي وإثيوبيا وبوروندي وأوغندا".
في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال فريق فني من الخبراء من الدول الخمس إنهم وافقوا على اقتراح تحويل "أميصوم" التي كانت في الأساس قوة قتالية، إلى قوة متعددة الأبعاد، بتشكيل مختلط من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، والتي ستعمل على تحقيق الاستقرار الكامل، بما في ذلك إعادة البناء الأمني والإنساني والسياسي للبلاد.
وقال الفريق الفني في بيان عقب الاجتماع في نيروبي، مطلع الأسبوع إن مداولات الخبراء الفنيين من الدول المساهمة بالقوات التابعة لـ"أميصوم"، لاحظت أن "تهديدات السلام والأمن في الصومال لا تزال قائمة، وعلى وجه الخصوص، أن الوضع في البلاد، يشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، بسبب عدم الاستقرار المزمن في هذا البلد، وهو الوضع الذي تفاقم بسبب وجود العناصر الإرهابية هناك".
خيارات البقاء والانسحاب
واقترحت لجنة الخبراء التابعة للاتحاد الأفريقي بقيادة الضابط العسكري في جنوب أفريقيا، الميجور جنرال زولاني مانكاي، في تقريرها اتخاذ أربع خيارات لمستقبل "أميصوم"، قبل نهاية تفويضها في ديسمبر.
وعلى رأس الخيارات الانتقال الكامل إلى بعثة تحقيق استقرار متعددة الأبعاد تابعة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، يتم نشرها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بشأن التهديدات للسلام والأمن العالميّين.
اللجنة الأفريقية في دفاعها عن هذا الخيار، قالت إنه سيوفر "نهجًا شاملاً، يتجاوز عملية الأمن والاستقرار" التي كانت الأولوية لـ"أميصوم" منذ إنشائها في عام 2007.
واقترح الفريق تشكيل قوة من نواة المكونات الأمنية للوحدات التي تعمل حاليًا في "أميصوم"، على أن يتم تقييم قدراتها، وتتم زيادتها حسب الضرورة، للاستجابة للحقائق الجديدة مثل فتح قطاعات جديدة.
ويقول التقرير: "سيتم تشكيل البعثة مع التوازن الصحيح للقدرات المدنية والشرطية والعسكرية، بما في ذلك قوة التدخل السريع (RSF)، وألوية التدخل المصممة خصيصًا للمتطلبات التشغيلية المحددة لبيئة الصومال.
ويشير المقترح في هذا الصدد إلى أن هذه القوة سيتم إنشاؤها في أعقاب التقييم الاستراتيجي المشترك بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، جنبًا إلى جنب مع ممثلي القوات المحتملة والبلدان المساهمة بالشرطة.
أما الخيار الثاني في مقترحات الفريق، فهو إعادة تشكيل "أميصوم"، في دعم متعدد الأبعاد من الاتحاد الأفريقي لتحقيق الاستقرار في الصومال، والذي سينهي دور البعثة كقوة قتالية من خلال تضمين مكون سياسي أقوى بقيادة الاتحاد الأفريقي ولكن بالتنسيق مع الأمم المتحدة.
ويتخوف الفريق في حال تطبيق هذا الخيار من مواجهة مشاكل مالية؛ حيث لن يكون هناك مصدر منتظم للتمويل خارج نطاق الأمم المتحدة.
تفويض مجلس الأمن
وهذا الخيار -يقول الخبراء- ممكن فقط من خلال تمويل "يمكن التنبؤ به ومستدام"، عبر تفويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب المساهمات المقدرة للأمم المتحدة.
الخيار الثالث هو أن تتحول أميصوم إلى قوة احتياطية إقليمية، بناءً على البنية الأمنية للاتحاد الأفريقي، تقليديا، وهذا يعني أن الدول المساهمة بقوات يمكن أن تتغير، لتكون محددة من تلك البلدان التي تشترك في كتلة إقليمية مع الصومال، كما هو الحال في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية.
وبناء على ذلك -وفق المقترح- سيكون على دول المنطقة واجب وحيد، يتمثل في حشد المعدات اللازمة لنشر مثل هذه القوة.
الخروج الكامل من الصومال
في حالة استحالة تطبيق الخيارات الآنفة، اقترح فريق الاتحاد الأفريقي خروج أميصوم من الصومال تمامًا، وهو ما قد يستغرق ستة أشهر اعتبارًا من ديسمبر 2021.
غير أن فريق الخبراء قال إن هذا الخيار، قد يكون نتيجة لانهيار الثقة بين أميصوم والحكومة الصومالية.
وجاء رفض الصومال للتقرير في الوقت الذي اتهم فيه فريق الاتحاد الأفريقي مقديشو بإحباط مساعيه لجمع وجهات النظر حول مستقبل أميصوم.
واتهم التقرير الحكومة الصومالية بعدم الرد على الاستفسارات إلا بعد أن انتهى الفريق من التقرير الذي "يبعث برسالة مفادها أن مشاركة الاتحاد الأفريقي في الصومال غير مرحب بها من قبل الفاعلين السياسيين".
وشدد فريق الاتحاد الأفريقي على أن دور "أميصوم" لا يزال مطلوبًا، وإن كان مع بعض التعديلات، نظرًا لاستمرار انعدام الثقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات.
وقال إن افتقار الصومال للاستقرار ناتج في الغالب عن الخلافات في الحكومة التي شهدت تخلّف البلاد عن أهداف كتابة دستور جديد، وتقاسم الموارد والسلطة، فضلا عن تأخر إصلاح قوات الأمن.
وأضاف أن هذا بالإضافة إلى افتقار أميصوم لقدرات إضافية وتهديد حركة الشباب والمصالح المتباينة للشركاء الأجانب، الذين "تآمروا على إبطاء الاستقرار".
ويقول التقرير: "يجب أن يستند أي خروج لأميصوم في المستقبل على قدرة (الجيش الوطني الصومالي) على حماية السكان المدنيين، ومواجهة مع حركة الشباب، وحماية طرق الإمداد الرئيسية وتأمين الأراضي المحررة".
آثار فشل فرماجو
ويعتقد الفريق أن الانسحاب المبكر لأميصوم من شأنه أن يؤدي إلى انعكاس دراماتيكي للتقدم المحرز في الصومال خلال السنوات الـ 14 الماضية.
وذكّر الفريق بأن أحداث 25 أبريل الماضية، (اشتباكات في مقديشو لرفض تمديد فرماجو) التي عجّلها المأزق السياسي بين الحكومة الفيدرالية والولايات، شهدت سيطرة الميليشيات وبعض الجيش الوطني المتحالف مع المعارضة مؤقتًا على أجزاء من مقديشو، انحازت الأطراف السياسية في الوقت الذي تساومت فيه البلاد على تمديد ولاية الرئيس محمد عبدالله فرماجو.
ويرى محللون أمنيون صوماليون أن التقرير يعكس حالة الفشل الأمني الذي أوصل فرماجو إليه الصومال، خلال فترة حكمه منذ فبراير 2017، حيث قام بتدمير الثقة بين أميصوم والحكومة، ما أدى إلى عدم شن عمليات عسكرية واسعة؛ قد تكسر شوكة تنظيمي الشباب وداعش الإرهابيّين.
aXA6IDMuMTMzLjEyNC4xNjEg
جزيرة ام اند امز