حسابات المخاطرة.. "إعلان واشنطن" لم ينهِ كابوس سول
رغم الآمال المعلقة عليه، لا يبدو أن "إعلان واشنطن" نجح في إخماد مخاوف كوريا الجنوبية من احتمال شن الجارة الشمالية هجوما نوويا.
ففي نهاية أبريل/ نيسان الماضي، اعتقد العالم أن كابوس سول انتهى للأبد، بعدما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول إن أي هجوم نووي تطلقه كوريا الشمالية "سيفضي إلى نهاية" نظامها.
وبحسب تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، يعيد الإعلان التأكيد على مشاركة كوريا الجنوبية في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بصفتها دولة أسلحة غير نووية، وذلك بعد تكثيف النقاشات في سول بشأن حيازة أسلحة نووية.
لكن ينهي هذا الإعلان، بالوقت الراهن، أي جهود تبذلها كوريا الجنوبية للمضي قدما في ذلك، وفي المقابل، تعهدت واشنطن بمشاورة سول عن كثب بشأن الطوارئ النووية، بما في ذلك عبر "المجموعة الاستشارية النووية" الجديدة.
تردد
ويرى التحليل أن هذا الإعلان سيخفف الموجة الحالية من المحادثات النووية في كوريا الجنوبية، لكن سيعود هذا النقاش على الأرجح؛ لأن الإعلان لا يحل المشكلة التي تقود الأمر.
وأوضح أن واشنطن ربما تتردد في القتال بشكل كامل من أجل كوريا الجنوبية لأن الجارة الشمالية يمكنها الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة بسلاح نووي، وبالتالي، فإن مصلحة سول تكمن في ترسانتها المستقلة.
وفي عام 2017، حققت كوريا الشمالية القدرة على ضرب الولايات المتحدة القارية بصاروخ باليستي عابر للقارات، في خطوة وضعت البر الرئيسي الأمريكي مباشرة عرضة للخطر النووي في حالة الطوارئ الكورية.
وقبل عقود، اعترف شارل ديغول، أول رئيس للجمهورية الفرنسية الخامسة، بمشكلة مصداقية التحالف التي تشكلها الأسلحة النووية. وسأل الرئيس الأمريكي – آنذاك- جون كينيدي عما إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد لتقبل ضربة نووية بالبر الرئيسي الأمريكي للدفاع عن أوروبا الغربية.
مقايضة؟
وتضمن التحليل سؤالا: "هل يقايض كينيدي نيويورك بباريس؟، والذي راوغه كينيدي، فيما واصل الفرنسيون بناء أسلحتهم النووية"، مشيرا إلى أن الحجة الكورية الجنوبية بشأن الحصول على ردع نووي خاص بها مطابقة لذلك.
وأوضح أن "الردع الأمريكي الممتد موثوق به في السيناريوهات الخارجية التقليدية، إذ يتمتع الجيش الأمريكي بالقدرة، وبالتالي فإن فرص نجاحه في الصراع مرتفعة".
كما أن الولايات المتحدة، بحسب التحليل، بعيدة عن ساحات المعارك الأوراسية، لذلك حتى في الهزيمة، كما في فيتنام، لا تصل الصراعات الخارجية إلى البر الرئيسي الأمريكي. وبالتالي، فإن الالتزام التقليدي للولايات المتحدة تجاه كوريا الجنوبية له مصداقية.
لكن التزامها النووي، كما رأى التحليل، أقل مصداقية، متسائلا: "هل يمكن لأي حليف لواشنطن الاعتقاد واقعيا أن رئيسًا للولايات المتحدة سيعرض البلاد لخطر نووي من أجل غير الأمريكيين؟ هل ستخاطر أي بلد بمواطنيها من أجل غير المواطنين في مواجهة تهديد خطير مثل الأسلحة النووية؟".
وأجاب التحليل على ذلك بالقول: "ربما إذا كان بإمكان كوريا الشمالية إطلاق صواريخ تقليدية فقط، أو صاروخ نووي واحد، أو إذا كان من المتوقع بشكل معقول أن يخطئ هذا الصاروخ أو يتم إسقاطه."
ورأى التحليل بالمجلة أن كوريا الشمالية تواصل إجراء التجارب وبناء الأسلحة، وهذه المشكلة ستتفاقم إذ أنها تسعى للحصول على صواريخ فرط صوتية وصواريخ باليستية تطلق من الغواصات.
وأشار إلى أن كوريا الشمالية تبني برنامجا نووية متكاملا، ولا سبب يدعو للاعتقاد بأنها ستتوقف، وأنه حتى إذا تمنى رئيس أمريكي الإقدام على مثل هذه المخاطرة تحت مسى مصداقية التحالف، فمن شبه المؤكد أن الكونغرس والأمريكيون سيرفضون - تمامًا كما يتحوط الكونغرس اليوم بشأن المساعدات لأوكرانيا.
aXA6IDMuMTM5LjIzOS4xNTcg
جزيرة ام اند امز