حتى العناكب تلجأ لـ"جراحات التجميل"
فصائل العناكب تستطيع الانتقال لمسافات بعيدة جدا مستخدمة ذلك الخيط الحريري الرقيق الذي تنتجة من خلال جهاز خاص داخل بطونها.
اكتشف الباحثون أن بعض أنواع العناكب ذوات الثمانية أرجل تستطيع تغيير شكلها لتوفير طاقتها عند تنقلها، وأنها تمكنت من تطوير أرجلها وجعلها طويلة بشكل ملفت يرقي إلى حد يمكن اعتباره نوعا من أنواع "الجراحة التجميلية".
وبفضل أرجلها تتحرك تلك العناكب وتقفز بها بنفس الآلية التي تستخدم في تحريك بندول الساعة القديمة، عن طريق الجاذبية، وتقفز كما تفعل القرود عندما تتحرك بين فروع الأشجار، وليس عن طريق التعلق بخيوط العنكبوت التي تستخدمها معظم أنواع العناكب.
ومن المعروف أن مختلف فصائل العناكب، التي تنتشر بشكل كبير خاصة في المناطق الزراعية، تستطيع الانتقال لمسافات بعيدة جدا مستخدمة ذلك الخيط الحريري الرقيق الذي تنتجة من خلال جهاز خاص داخل بطونها.
ولكن ما لم يكن معروفا أن بعض الفصائل لا تستخدم طريقة التعليق بالخيط فقط للانتقال من مكان إلى مكان، وإنما تستطيع أن تبقى معلقة من أرجلها لفترات طويلة جدا، حيث تكون الرأس إلى أسفل، وأنها تقضي معظم حياتها على هذا النحو، وأن بإمكانها تغيير شكل أجسامها لكي تتمكن من توفير طاقتها عندما تذهب من مكان إلى آخر.
ويرجع الفضل في هذا الاكتشاف إلى مجموعة من الباحثين التابعين للمجلس الأعلى للبحوث العلمية بإسبانيا، بعد أن قاموا بتحليل حياة وطبيعة أكثر من 105 من فصائل العناكب، من بينها "العناكب المعلقة"، وقد تم نشر نتائج تلك البحوث بمجلة "PLoS ONE" العلمية.
ويقول المسئول الرئيسي عن تلك الدراسة خوردي مويا لارانيو، الذي يعمل في "المحطة التجريبية للمناطق الجافة" بمنطقة ألميريا (إسبانيا)، إنهم اكتشفوا أن العناكب التي تعيش مقلوبة رأسا على عقب استطاعت تطوير سيقانها بشكل ملفت، وجعلها طويلة جدا مقارنة بالعناكب الأخرى المعروفة.
ويعتبر الباحثون أن التطوير الذي قامت به تلك الأنواع من العناكب لأرجلها من خلال آليات التطور وعلم الجينات يرقى إلى حد يمكن اعتباره نوعا من أنواع "الجراحة التجميلية"، وأن هذا الشكل يساعدها كثيرا على التنقل بطريقة أسرع من غيرها، وهي تتحرك في الغالب كما يتحرك بندول الساعة باستخدام الجاذبية، وتشبه إلى حد بعيد الطريقة التي تتحرك بها بعض القرود عندما تتنقل بين الأشجار من فرع إلى فرع.
الحياة برأس مقلوب
ويشير الدكتور مويا إلى أن العناكب المعلقة تعتبر بطيئة الحركة عند محاولة السير على الأرض، خاصة كبيرة الحجم منها، حيث لا تساعدها سيقانها الطويلة للغاية على حمل أجسادها للسير على الأرض بسهولة، نظرا لأنها مناسبة أكثر للتعلق والقفز.
وقام فريق البحث بتحليل ومتابعة حياة 105 أنواع مختلفة من العناكب، بعضها شائع تواجده داخل البيوت، ومن بينها أيضا تلك المعروفة بـ"الأرملة السوداء".
وحسب المتخصصين فإن غالبية الحيوانات التي تعيش على الأرض تمكنت خلال فترات زمنية مختلفة من تطوير أرجل تستطيع حمل أجسادها عندما تسير على الأرض، حيث تكون الرأس لأعلى، ولكن العديد من فصائل العناكب وجدت لنفسها حلولا مختلفة وأكثر راحة بالنسبة لأسلوب حياتها، تستطيع من خلالها الانتقال والعيش بشكل مقلوب، الرأس لأسفل.
فتقضي غالبية تلك الأنواع معظم حياتها معلقة من أقدامها، وتتحرك بتمكن ملحوظ حافظة توازنها دون أن تقع على الأرض، مستخدمة أسلوبا شبيها بالطريقة التي يتحرك بها بندول الساعة وعلاقة حركتة بالجازبية.
وقام فريق البحث بالتعاون مع متخصصين من جامعة سبليت بكرواتيا، منهم الدكتور ديجان فينكوفيتش، الذي قام بدراسة آليات الحركة.
وتظهر الدراسات حول الموضوع نفسه أن العناكب التي خضعت للبحث تستطيع الحركة مثلما يتحرك بندول ساعة من النوع القديم، حيث تستخدم الجاذبية للحفاظ على توازنها.
ومن بين من شارك في تلك البحوث يظهر اسم الدكتورة إيولاليا مورينو، التي كانت شاركت في دراسة أخرى تناولت أرجل أحد أنواع العصافير التي تتناول طعامها معلقة ورأسها إلى أسفل، بشكل قريب الشبه جدا بما تفعله بعض فصائل العناكب.
وتقول مورينو إن بوسع الباحثين الآن فهم كيفية تطور حياة وجسد كائن حي يقضي معظم حياتة معلقا من ساقيه ورأسة لأسفل، وأن الدراسة كفيلة بإثبات أن العناكب الصغيرة المعلقة من الممكن أن يكون باستطاعتها الاستغناء بشكل كلي عن عملية إنتاج الخيوط التي تنتجها الأنواع الأخرى، لكي تبحث لها عن طرق أخرى للمشي بشكل طبيعي.
aXA6IDMuMTQ5LjIzLjEyMyA= جزيرة ام اند امز