"دراما المناطيد".. "أسوأ تمهيد" لزيارة بلينكن إلى الصين
من الصعب تخيل تمهيد أسوأ لمحادثات وزير الخارجية الأمريكي المتوقعة في الصين من أنباء تحليق منطاد تجسس قالت واشنطن إنه "صيني".
وتقول وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنها تتتبع المنطاد -بحجم ثلاث حافلات- منذ عدة أيام، لكنها قررت عدم إسقاطه، معللة ذلك بأن المنطاد يحلق فوق ارتفاع حركة الطيران التجاري والعسكري، وأنه لا يشكل تهديدا استخباراتيا ضخما.
ويبدو ذلك معقولا بالنظر إلى أنه من المعروف أن أقمار المراقبة الصينية ذات القدرة الأكبر على التجسس تحوم بالفضاء فوق الولايات المتحدة. وقال مسؤولون إنها ليست المرة الأولى التي تتبع فيها الولايات المتحدة مناطيد بكين خلال هذه الإدارة والإدارات السابقة.
نظرة كاملة
وبحسب تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، يقدم المنطاد نظرة كاملة على أحد أكثر العوامل المدمرة التي تدفع بالولايات المتحدة والصين نحو مواجهة.
فسياسات العلاقة الجيوسياسية الأكثر أهمية في العالم متوترة للغاية بكلا البلدين، لدرجة أن أي حادث يمكن أن يتسبب في جولة جديدة من الاتهامات المتبادلة، وهذا ما يسافر بلينكن إلى بكين من أجل تناوله.
ويحتج الجمهوريون -الذين يحرصون دائما على تصوير بايدن بأنه ينتهج نهجا ناعما بشأن الصين، عكس الرئيس السابق دونالد ترامب- على ما يصفونه بانتهاك السيادة الأمريكية.
وقال السيناتور الجمهوري البارز بلجنة القوات المسلحة روجر ويكر: "ترجح المعلومات بقوة أن وزارة (الدفاع) فشلت في التصرف بشكل عاجل في الرد على اختراق منطاد مراقبة على ارتفاع عال للمجال الجوي. لا يجب تجاهل أي توغل، ويجب التعامل معه على نحو مناسب".
وطالب رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي -الذي نبه الصين هذا الأسبوع إلى أنه لا يمكنها منعه من زيارة تايوان إذا أراد ذلك- بإجراء قادة "مجموعة الثمانية" في الكونغرس جلسة إحاطة بشأن المنطاد.
وقال الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا إن "استخفاف الصين السافر بسيادة الولايات المتحدة يعتبر عملا مزعزعا للاستقرار والذي يجب التصدي له ولا يمكن للرئيس بايدن التزام الصمت".
وتساءلت الشبكة حول السبب في إرسال الصين منطاد تجسس فوق الولايات المتحدة قبل الزيارة المهمة لبلينكن، إذ يبدو أن هناك حرصا من كلا الجانبين على وقف الانهيار الخطير في علاقتهما.
خارج السيطرة؟
يبدو من غير المرجح أن يكون هذا استفزازا متعمدا نظرا لوجود سبب يدفع للاعتقاد بأن الصين تريد التهدئة أيضا. وبحسب التحليل ربما فقدت بكين السيطرة على المنطاد الخاص بها، ومع ذلك إذا حلق منطاد أمريكي فوق الصين الآن فمن المرجح أن تنتزع حكومة الرئيس شي جين بينغ أقصى قيمة دعائية من الواقعة.
وأكدت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، أنها على دراية بالتقارير بشأن الحادث، محذرة من "التكهنات المتعمدة".
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نيغ: "الصين دولة مسؤولة. نتصرف وفقا للقانون الدولي. ليس لدينا نية في انتهاك المجال الجوي للدول الأخرى. نأمل أن تتعامل الأطراف المعنية مع المسألة بطريقة هادئة".
وفي غضون ذلك، قالت كندا، مساء الخميس، إنها أيضا تتبع تحركات المنطاد وتعمل مع الشركاء الأمريكيين، بما في ذلك متابعة حادثة ثانية محتملة.
وفيما يتعلق بمحادثات بلينكن، بدا أن هناك نافذة صغيرة لتحسين العلاقات، لكن الأجواء التي تحيط بالمحادثات توترت بالفعل بسبب مذكرة للجنرال بالقوات الجوية الأمريكية مايكل مينيهان، التي أوردتها شبكة "إن بي سي" الأمريكية الأسبوع الماضي، وحذرت من أن "حدسه" يخبره بالاستعداد لحرب مع الصين في غضون عامين.
لكن لا يتوافق هذا التكهن مع تقييمات الحكومة الأمريكية بشأن النزاع الجيوسياسي في المحيط الهادئ أو بالضرورة مع الأحداث في المنطقة. لكنه أظهر كيف يمكن للحوادث المتفرقة أن تتسبب في تصاعد التوترات الصينية الأمريكية.
وفي ظل هذه الأجواء الملتهبة يأتي المنطاد الصيني. وربما يتبين أن هذا الحادث غير ضار، لكنها تظل "دراما صغيرة" لن تلقي بظلالها فحسب على زيارة بلينكن، بل قد تزيد تأجيج التوترات السياسية وتجعل سيناريو المواجهة الخطير أكثر احتمالا.