سريلانكا تدير ظهرها للديون الخارجية.. ورد فعل غريب من أكبر دائنيها
رغم إعلان سريلانكا بالأمس نيتها التخلف فورا عن سداد ديونها الخارجية البالغة قرابة 51 مليار دولار، جاء رد الفعل غريبا من أكبر دائنيها.
وأكبر الدول المقرضة لسريلانكا هي الصين التي تمتلك قرابة 10% من الدين الخارجي لسريلانكا أي أكثر من 5 مليارات دولار.
- أزمات سريلانكا تتصاعد.. الأغلبية تتخلى عن الرئيس وشقيقه
- سريلانكا تحجب "التواصل الاجتماعي" لاحتواء احتجاجات مناهضة للحكومة
ورغم أن الإعلان السريلانكي يبدو بشكل بديهي محبطا للصين، إلا أن بكين بدت متفهمة للغاية للوضع الصعب الذي تمر به سريلانكا، بل وأبدت استعدادها مواصلة مساعدتها لتجاوز محنتها.
أزمة غير مسبوقة
وتمر سريلانكا بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها وتشهد تظاهرات واسعة تطالب باستقالة الحكومة.
وبدأت تداعيات الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في سريلانكا بالظهور بعد أن نسفت جائحة كورونا عائدات السياحة والتحويلات الخارجية.
وفرضت الحكومة حظرا واسعا على الاستيراد سعيا للحفاظ على احتياطي العملة الأجنبية المتضائل ولاستخدامه لخدمة الدين الذي أعلنت الآن التخلف عن سداده.
والبلد التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، تعاني أزمة اقتصادية عميقة تتسم بنقص الغذاء والوقود وانقطاع التيار الكهربائي وتضخم متسارع وديون هائلة، في أسوأ ركود منذ استقلالها عام 1948.
رد صيني غريب
تعد نصف ديون سريلانكا تقريبا قروضا من السوق بشكل سندات سيادية دولية، أحدها بقيمة مليار يورو يُستحق في 25 يوليو تموز المقبل.
والصين هي أكبر دائني سريلانكا وتمتلك قرابة 10% من الدين الخارجي للجزيرة، تليها اليابان والهند.
وقد استدانت الحكومة مبالغ كبيرة من بكين منذ 2005 لمشاريع بنى تحتية عملاقة، كما أجّرت سريلانكا مرفأها هامبنتوتا إلى شركة صينية في 2017 بعد تعثرها عن خدمة الدين البالغ قيمته 1.4مليار دولار المستحق لبكين، والمستخدم لتشييده.
وأثار ذلك مخاوف دول غربية والجارة الهند من أن تكون الدولة الواقعة في جنوب آسيا تقع ضحية فخّ ديون.
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان أكد أن إعلان سريلانكا التخلف عن السداد لن يمنع بكين عن تقديم المساعدة لاقتصاد سريلانكا الغارق في أزمة.
وأضاف "دائما ما بذلت الصين كل ما بوسعها للمساعدة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسريلانكا. سنواصل ذلك في المستقبل".
ديون خارج السيطرة
واجهت الحكومة السريلانكية صعوبات في تسديد الدين الخارجي وجاء قرار التخلف قبيل مفاوضات حول اتفاق انقاذ مع صندوق النقد الدولي سعيا للحؤول دون تعثر متكرر أكثر خطورة من شأنه أن يجعل سريلانكا تتخلف كليا عن سداد ديونها.
وقال حاكم البنك المركزي ناندال فيراسينغي للصحفيين في كولومبو "فقدنا القدرة على تسديد الدين الخارجي".
وأضاف "هذا تخلف وقائي عن السداد تم التفاوض بشأنه. أبلغناه للدائنين".
ويقول المسؤولون إن من شأن القرار تحرير مبالغ بالعملة الأجنبية لتمويل استيراد مواد غذائية ووقود وأدوية ضرورية جدا بعد أشهر من نقصها.
غضب شعبي
غير أن نقص السلع أعقبه غضب شعبي. ولقي 8 أشخاص على الأقل حتفهم خلال انتظارهم في طوابير للحصول على الوقود، منذ 20 مارس آذار.
وكانت حشود قد حاولت اقتحام منازل مسؤولين حكوميين، قبل أن تفرقهم قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط.
وتفاقمت هذه الأزمة مع صدور سلسلة من القرارات المالية السيئة وإثر سنوات من الاستدانات المتراكمة، حسب خبراء اقتصاديين.
والعام الماضي، خفّضت الوكالات الدولية تصنيف سريلانكا، ما منع هذه الأخيرة من الوصول إلى أسواق رؤوس المال الأجنبية للحصول على قروض ضرورية لتمويل عملياتها لاستيراد السلع الغذائية والوقود والأدوية.
حل أخير
قالت وزارة المال السريلانكية إن إعلان التخلف عن السداد هو "حلّ أخير، بهدف تجنّب تدهور جديد للوضع المالي في الجمهورية".
وأضافت أن بإمكان الدائنين رسملة الدفعات المستحقة أو اختيار الحصول على أموالهم بالروبية السريلانكية.
وتسعى الحكومة للحصول على قرابة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي للسنوات الثلاث القادمة لإنعاش الاقتصاد، على ما أعلن وزير المال علي صبري أمام البرلمان الجمعة.
وقال مسؤولو الوزارة الأسبوع الماضي إن الحكومة تعدّ برنامجا لحاملي السندات السيادية وغيرهم من الدائنين يقضي بالاقتطاع من الودائع في المصارف وتجنب مزيد من التدهور المالي.
وطلبت سريلانكا من الهند والصين تخفيف دينها، إلا أن هاتين الدولتين فضلتا منحها المزيد من خطوط الائتمان التي تسمح لها بشراء المواد الأساسية.
وتشير التقديرات إلى أن سريلانكا بحاجة إلى 7 مليارات دولار لخدمة دينها العام هذا العام، مقابل 1,19 مليار دولار فقط من مبالغ الاحتياط في نهاية مارس آذار.