الأزمة المالية تعصف بأحلام الكرة الفلسطينية
الكرة الفلسطينية باتت تواجه أزمة مالية خانقة تهدد قدرتها على الاستمرار واستقطاب الكفاءات الرياضية.. تعرف على التفاصيل
تتفاقم أزمة الكرة الفلسطينية يوما بعد يوم مع توقف المباريات وغياب الرعاة، حيث باتت تواجه أزمة مالية خانقة، تهدد قدرتها على الاستمرار واستقطاب الكفاءات الرياضية.
وباتت الأزمة العاصفة متجذرة، حيث تتراكم الديون وتزداد من عام لآخر، وتزداد الأندية فقرا على فقر، مما يتسبب في ضياع لاعبيها المميزين، حيث يتجه البعض منهم إلى أعمال أخرى من أجل توفير احتياجات أسرهم، مما يؤدي لضياع أحلام تلك الأندية في التألق، ويهدد بالتالي أحلام الكرة الفلسطينية في التطور.
وبحسب أحمد عبدالهادي، المدير الفني لفريق شباب جباليا، في حديث لـ"العين الرياضية"، فإن عددا كبيرا من اللاعبين في دوري الدرجة الممتازة الفلسطيني والأجهزة الفنية لهم مستحقات مالية لدى الأندية من الموسم السابق لم يحصلوا عليها.
وتساءل عبدالهادي "طالما لم يتسلم اللاعبون مستحقاتهم فكيف ستتفق الأندية معهم لخوض الموسم الحالي؟"، منبها إلى أن عدم دفع مستحقات اللاعبين ينعكس سلبا على الأداء الفني لهم، حيث يفقد اللاعب الروح العالية للعطاء في الملعب، وهذا بدوره يؤثر على مستوى الفريق، ويؤدي الى تراجع نتائجه.
وكان الموسم الجديد من الدوري الفلسطيني الذي كان مقررا انطلاقه في 25 سبتمبر/أيلول الحالي تم تأجيله بسبب استمرار القيود المفروضة في قطاع غزة لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد؛ مع حضور ظلال للأزمة المالية في عملية التأجيل.
ويحتاج كل ناد في دوري الدرجة الممتازة الفلسطيني نحو 70 ألف دولار سنويا ليستمر العطاء بحده المتوسط، وفق عبد الهادي.
أزمة شاملة
ووفق كثير من الرياضيين الفلسطينيين، فإن الأزمة المالية تطال كل المستويات من الدرجة الممتازة للأولى والثانية والثالثة، لكن الممتازة هي الأكثر تأثرا ثم الأولى.
وتتراوح رواتب المديرين الفنيين بين 500 و1000 دولار شهريا، ويقول عبد الهادي: "معظمنا كمديرين فنيين لم نتلق كامل مستحقاتنا المالية من الموسم السابق".
وأضاف: "الموسم السابق كان أسوأ من المواسم التي سبقته لعدم صرف منحة الرئيس المقدرة بـ25 ألف دولار سنويا، ولغياب رعاة البطولات، والموسم الحالي سيكون أكثر سوءا من السابق لأن الدعم تراجع أكثر والمديونيات تزداد أكثر فترهق الجميع.
سببان للأزمة
ويؤكد عيسى صيام، رئيس نادي شباب خان يونس، وهو واحد من أكبر الأندية بقطاع غزة، وحصل على 3 بطولات دوري و3 بطولات كأس منذ عام 2000، أن موازنته لسنتي 2016 و2017 بلغت 90 ألف دولار فقط، بعد ذلك انخفضت إلى 60 ألف دولار، وهذه السنة ستكون منخفضة جدا.
ويوضح صيام لـ"العين الرياضية" أن هناك مشكلتين تتشكل منهما أزمة خاصة للأندية الكبيرة التي تضم عددا كبيرا من اللاعبين ممن يتلقون مكافآت مالية خصوصا في الدرجة الممتازة، أولاهما أنه لا توجد موارد ثابتة خاصة للأندية، وأن الموارد الموجودة توفر بالكاد لأغلب الأندية 30% من موازنتها، وهي تأتي من محلات مملوكة للأندية وصالات مناسبات تؤجرها وتعود بالمال عليها، والآن تراجعت إيراداتها.
وذكر أن المشكلة الثانية تتمثل في توقف المنح التي كانت تقدم من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورعاة الدوري، وذلك للموسم الثاني على التوالي، مؤكدا أن الأزمة المالية للأندية متفاقمة من قبل كورونا.
وقال صيام: "أعتقد أن أندية الدرجة الممتازة كلها محملة بديون تصل إلى 50 ألف دولار"، موضحا أن 12 ناديا في الدرجة الممتازة من بين 54 ناديا في القطاع ستدخل موسما رياضيا جديدا وهي مثقلة بالديون.
وتصل تكلفة اللاعبين لكل ناد في الموسم الرياضي الحالي إلى 40 ألف دولار، وهي غير متوافرة لدى الأندية، والمتوافر من المستحيل أن يغطي مصاريف اللاعبين والجهاز الفني، بحسب صيام.
وتقدر أعداد اللاعبين وأفراد الجهاز الفني بالقطاع بحوالي 1400 شخص، يحتاجون مكافآت متفاوتة، وذكر صيام أنه قبل سنة كانت مكافآت عدد من لاعبي الدرجة الممتازة تصل إلى 16 ألف دولار، لكنها معظمها انخفض هذا العام لنحو 5 إلى 7 آلاف دولار، وعدد قليل جدا يحصل على مكافأة بين 7 و10 آلاف دولار.
ويعتقد أن الحل يمكن أن يتمثل في مساعدة المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية للأندية عن طريق توفير مشاريع لها، وأن تقدم المؤسسات غير الحكومية فرصا تسهم في حل تلك الأزمة المالية، وذلك من أجل إنقاذ الأندية وإعادتها إلى سابق عهدها.
البحث عن حلول
عضو في اتحاد كرة القدم الفلسطيني المنتخب حديثا، طلب عدم ذكر اسمه، أكد لـ"العين الرياضية" أن الأزمة المالية للأندية ستكون على طاولة البحث في الاتحاد، لافتا إلى أن توفير موارد الأندية هو مسؤولية كل ناد، لكن الاتحاد سيبحث كيفية المساهمة في الحل.
أحد لاعبي الدرجة الممتازة، فضل عدم ذكر اسمه، يقف عاجزا عن توفير الحد الأدنى من احتياجات بيته لعدم تلقيه أي راتب أو مكافأة منذ 6 أشهر من ناديه، وقال لـ"العين الرياضية": "نحن في وضع صعب جدا فلم يعد بريق اللاعبين اليوم كما الأمس، لأن اللاعب وهو ذاهب للمباراة لا يملك دولارا، فكيف سيقدم أداء جيدا".
الناقد الرياضي بدر مكي أشار إلى أن أزمة الأندية الفلسطينية المالية في أي موسم يمكن أن تعالج بشقين، الأول منحة الرئيس والثاني من رعاة البطولات، وقال لـ"العين الرياضية": "منحة الرئيس يجب صرفها لأن الوضع المالي للأندية بغزة صعب جدا لقلة الموارد الخاصة لها وقلة فرص العمل للاعبين".
وأضاف: "غزة كانت منجم وكنز المواهب الرياضية لعقود، الآن بدأت تتراجع بسبب الأزمات المالية، لأن اللاعبين عندما لا يجدون ما يؤمن قوت أولادهم من اللعب فإنهم يضطرون للبحث عن أعمال أخرى تساعدهم في تأمين أدنى مصاريف المعيشة، وهذا ينعكس سلبا عليهم".
ومن ضمن الاقتراحات لإنقاذ الأندية من أزماتها المالية ضرورة توجه رجال الأعمال والتجار إلى تبني اللاعبين والأندية للمساهمة في الإنقاذ، بحسب مكي.
يذكر أن منحة الرئيس ورعاة البطولات كانت تغطي نحو 40% من نفقات أندية الضفة التي تصل إلى 150 ألف دولار سنويا، بينما تغطي نحو 50 % من نفقات أندية غزة.
aXA6IDMuMTQyLjQzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز