المعركة الأغرب في التاريخ.. الأمريكان والألمان في خندق واحد
رغم ما ثبت تاريخياً من أن الأمريكان ناصبوا الألمان العداء في الحرب العالمية الثانية، وخاضوا معارك دموية على أكثر من جبهة، لكن لكل قاعدة استثناء.
فقبل 3 أيام فقط من النهاية الرسمية للحرب العالمية الثانية في أوروبا، وتحديدا في 5 مايو/أيار 1945 على الأراضي النمساوية، قاتل الألمان جنبا إلى جنب مع الأمريكيين في معركة واحدة في إطار الحرب المدمرة التي دامت 6 سنوات.
إذ لم يسدل الستار على نهاية الحرب المأساوية في أوروبا بإطلاق أدولف هتلر النار على رأسه في 30 أبريل/نيسان 1945، بل إنه كان هناك مئات الآلاف من الجنود والمدنيين الألمان في حالة تنقل مستمر، تتجه الغالبية العظمى منهم غربا في محاولة للهروب من الجيش الأحمر السوفياتي.
لكن المشهد في قلعة إيتر في النمسا، التي تم استخدامها كسجن يحتجز فيه بعض السجناء المعارضين البارزين لألمانيا النازية، كان فريدا من نوعه.
فالقلعة التي يمكن وصفها بالسجن الأغرب في العالم، كانت تضم بين جنباتها كسجناء في ذلك الوقت، اثنين من رؤساء الوزراء الفرنسيين السابقين، والقائد العام للجيش الفرنسي عند اندلاع الحرب، وأحد لاعبي التنس الرائدين في العالم (جان بوروترا) وقتها.
لكن كيف بدأت القصة الاستثنائية؟
بدأ الأمر عندما تخلى قائد قلعة إيتر وحراسها عن مواقعهم في الأيام الأخيرة للحرب، تاركين السجناء البارزين في أماكنهم، لكن السجناء لم يكونوا قادرين على الهروب، لأن النازيين، وتحديدا فرقة فافن إس إس، ظلت في مكان قريب من القلعة.
خطط السجناء لإطلاق استغاثة من أجل إنقاذهم، وبدؤوا تنفيذ الخطة بإرسال عامل الإصلاحات في السجن، اليوغوسلافي زفونيمير تشوكوفيتش، لطلب العون من الجنود الأمريكيين القريبين من الموقع.
وأجرى تشوكوفيتش اتصالات مع القوات الأمريكية في مدينة إنسبروك النمساوية، لكن القلعة كانت خارج الولاية العسكرية لفرقتهم.
لم ينته الأمل بسبب جمود الأوامر العسكرية للقوات الأمريكية؛ إذ أرسل قائد القوات الأمريكية، الرائد جون تي كرامرز ومجموعة إنقاذ صغيرة إلى القلعة، في تحد واضع لأوامر القيادة.
من جهة أخرى، كان سجناء إيتر، يسيرون حسب الخطة، إذ أرسلوا بالفعل مبعوثا ثانيا يطلب الإنقاذ من جنود ألمان قريبين من الموقع، لكنهم كانوا في طريقهم لإلقاء السلاح في نهاية الحرب. وكان المبعوث هذه المرة طباخ السجن، أندرياس كروبوت.
التقى كروبوت بالرائد سيب جانجل، الضابط في قوات الدفاع الألمانية من 1935 حتى 1945، الذي كان تخلى عن القضية النازية، لكنه كان يقود مجموعة صغيرة من الجنود الألمان للقتال دفاعا عن الأراضي الألمانية، ولا ينسق مع الجيوب النازية المتبقية بعد موت هتلر.
بدوره، تواصل جانجل مع النقيب جاك سي لي، وهو قائد وحدة دبابات أمريكية، وقاما باستطلاع القلعة خلسة، حيث كانت مجموعة نازية تستعد لهجوم انتقامي على القلعة.
تولى لي مسؤولية الدفاع عن القلعة، واستعد لتحمل الحصار، واعتمدت مجموعته الأمريكية الصغيرة على مساعدة رجال جانجل والنقيب كورت سيغفريد شريدر، وهو ضابط منشق من فرقة "فافن إس إس" العسكرية النازية.
وفي صباح يوم 5 مايو/أيار 1945، شنت قوات نازية هجوما على القلعة، ودافعت مجموعتا لي وجانجل عنها بالتعاون مع السجناء الذين حملوا السكاكين.
قتل جانجل في الهجوم، ودمرت دبابة من وحدة لي، فيما تعرضت جدران القلعة لأضرار مادية، لكن وصول إمدادات يقودها الرائد الأمريكي جون تي كرامرز، حال دون سقوط القلعة ومقتل السجناء البارزين.
وحصل لي في النهاية على جائزة الخدمة المتميزة لبطولته في معركة إيتر.
وتقع قلعة إيتر في جبال الألب النمساوية، وكانت موجودة كحصن منذ القرن الـ13 على الأقل، وأعيد بناؤها في عام 1532، وتم تجديدها في 1878، ثم أصبح فندقا في أوائل القرن العشرين.
وفي عام 1940، جرى تأجير القلعة للحكومة الألمانية، وفي عام 1943 أصبحت تحت السيطرة الإدارية لداخاو، وهو معسكر اعتقال ألماني، وتم تحويلها إلى مرفق احتجاز خاص للسجناء الذين يحتمل أن تكون لهم قيمة كرهائن.
aXA6IDE4LjIyMi45Mi41NiA= جزيرة ام اند امز