إبراهيم البدوي.. كفاءة أممية تقود اقتصاد السودان
البدوي نال ثقة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، فعينه وزيرا للمالية والاقتصاد ضمن وزراء الحكومة الانتقالية.
يتأهب الدكتور إبراهيم البدوي، الخبير الأممي في مجال الاقتصاد، لقيادة سفينة اقتصاد السودان لإخراجها من النفق ووضعها في الطريق الصحيح، بعد سنوات من التخبط في بحر الأزمات المتراكمة بسبب سياسات النظام الإخواني السابق.
ونال "البدوي" ثقة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، فعينه وزيرا للمالية والاقتصاد ضمن وزراء الحكومة الانتقالية، التي تم إعلانها رسمياً اليوم الخميس.
والشاهد أن "البدوي" يكاد يكون المرشح الوحيد الذي حاز على موافقة جميع الكتل المكونة لتحالف قوى الحرية والتغيير، إضافة لموافقة رئيس الوزراء، بينما وجدت أغلب الأسماء المرشحة اعتراضات ورفضا تسبب في استبدال مواقع بعضها والإطاحة بأخرى من قائمة المرشحين برمتها.
ويشغل الدكتور إبراهيم البدوي حالياً منصب مدير مركز السياسات والبحوث الاقتصادية بمجلس دبي الاقتصادي منذ مارس/آذار 2009، كما تم انتخابه مؤخراً لمنصب المدير التنفيذي لمنتدى البحوث الاقتصادي للدول العربية.
وقبل ذلك عمل خبيراً اقتصادياً ورئيساً بمجموعة بحوث التنمية بالبنك الدولي الذي انضم إليه عام 1989 وعمل فيه لما يقارب العشرين عاماً حتى العام 2009.
ويمتلك "البدوي" مؤهلات علمية بارزة وفقاً للسيرة الذاتية المرفقة مع طلب ترشيحه، واطلعت عليها "العين الإخبارية"، حيث تخرج في كلية الاقتصاد جامعة الخرطوم بمرتبة الشرف الأولى في الإحصاء والاقتصاد القياسي عام 1978، وعين مساعداً للتدريس بجامعة الجزيرة بواد مدني.
وابتعث لاحقاً إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراسته، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد والإحصاء من جامعتي ولاية نورث كارولينا ونورث وسترن في العام 1983.
وعمل أستاذاً زائراً بجامعة نورث وسترن لمدة عام قبل عودته للسودان، حيث عمل بجامعة الجزيرة أستاذاً للاقتصاد والإحصاء، وأيضاً أستاذاً زائراً في كلية الاقتصاد ومعهد أبحاث النمو بجامعة ييل الأمريكية، وأثناء عمله بالبنك الدولي انتدب لمجموعة البحوث الاقتصادية مديراً لإدارة البحوث الاقتصادية خلال الفترة من 1993-1998.
مؤهل للمنصب
ويرى الخبير في التخطيط الاقتصادي والتنموي، نجم الدين داؤود، أن الدكتور إبراهيم البدوي مؤهل لتولي منصب وزارة المالية، وفقاً للسيرة الذاتية الممتازة التي يملكها.
وقال داؤود لـ"العين الإخبارية" إن أولى المطلوبات التي تواجه البدوي بشكل عاجل هي توفير النقد الأجنبي الكافي لسد الفجوة القائمة حالياً في عرض النقود وتوفير الرأسمال الزراعي والصناعي التي تسهم في انتشال الوضع الاقتصادي بشكل كلي، ومن ثم تصميم سياسات تفصيلية لإصلاح القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وأشار إلى أن هذه المطلوبات لم يتم إيرادها في البرنامج الاقتصادي الإسعافي الذي وضعته قوى الحرية والتغيير ـ ينتظر أن تسلمه للحكومة لتنفيذه ـ وهو الأمر الذي يحتم على "البدوي" الانتباه ووضع هذه المطلوبات للتنفيذ العاجل.
وأوضح دواؤد أن البرنامج الإسعافي الذي يسلم لـ"البدوي" ركز على السياسات العمومية دون السياسات القطاعية التفصيلية، كما تجاهل البرنامج الإسعافي عملية تحليل بيئة السياسات العامة التي بموجبها يتم وضع السياسة.
وأضاف "الدكتور إبراهيم البدوي لم يسمح لنا التفاوت العملي والجيلي بالتعرف على بعض عن قرب لكن لديه سيرة ذاتية ممتازة تؤهله لهذا الموقع على الرغم من مخاوفي من تأثره بالمدرسة "النيولبرالية المتوحشة" بحكم عمله الطويل في المؤسسات النيولبرالية.
وتولى إبراهيم البدوي خلال عمله بالبنك الدولي تنسيق وقيادة عدة مشاريع هامة، منها إعداد تقرير "هل يمكن أن تتصدر أفريقيا القرن الواحد وعشرين"، بجانب أبحاث مناخ الاستثمار وأداء المنشآت الصناعية وأبحاث اقتصادات الحروب الأهلية وبناء السلام.
كما عمل كخبير في أبحاث السلام وإعادة بناء اقتصادات ما بعد الحروب الأهلية، وأسندت إليه مهمة منسق السياسات الاقتصادية للمجتمع الدولي لبرنامج إعادة الإعمار في إطار اتفاقية السلام السودانية.
وتولى مهام إعداد التقارير، وورش العمل والتدريب، بالإضافة إلى رئاسة لجنة الخبراء التابعة لمفوضية تعبئة وتخصيص الموارد السودانية خلال الفترة الانتقالية بعد توقيع اتفاقية السلام السودانية (2004-2008).
وتتركز أبحاث إبراهيم البدوي في أربعة مجالات، تشمل محددات النموِّ الاقتصادي، وسياسات الاقتصاد الكلى، بما في ذلك نظم أسعار الصرف، وأسعار الصرف الحقيقية، والقدرة التنافسية للاقتصاد الكلي، والاقتصاد الكلي لإدارة النفط والتنويع الاقتصادي.
كما تشمل الأبحاث الحروب الأهلية والنزاعات وتحولات ما بعد الحروب وبناء السلام، وفعالية العون الاقتصادي الأجنبي والشراكة من أجل التنمية، ومناخ الاستثمار وأداء الصادرات.
وحرر "البدوي" اثنى عشر كتاباً وطبعات خاصة لمجلات علمية محكمة، فضلاً عن نشر حوالي 90 مقالًا أو فصلاً في المجلات العلمية المحكمة والكتب. كما ساهم في تحكيم عددٍ كبيرٍ من الأوراق وأطروحات البحوث الأكاديمية، بالإضافة إلى العمل في هيئات تحرير مجلات علمية، مثل مجلة الشرق الأوسط للتنمية.
يقول الكاتب الصحفي حيدر المكاشفي، لـ"العين الإخبارية" إن الدكتور إبراهيم البدوي، حاز على توافق كبير بين الأوساط الرسمية والشعبية، حيث لم يقابل ترشيحه بأي رفض مثلما واجه عددا من المرشحين الآخرين.
وأوضح "المكاشفي" أن القبول الذي وجده "البدوي" وسط قوى الحرية والتغيير ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، يعتبر دليلاً على تأهيله العالي لتولي وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.
وذكر "المكاشفي" أن من أهم عوامل نجاح سياسات "البدوي" الاقتصادية تكمن في قدرة السلطة الانتقالية في اجتثاث الفساد الذي وطن له النظام السابق في أجهزة الدولة، وتمكين وزارة المالية من فرض ولايتها على المال العام.