قبائل النيل الأزرق السودانية.. عنف يتجدد وصراع يتمدد
موجة جديدة من العنف القبلي تضرب النيل الأزرق السودانية مع بدء إرجاع مئات الأسر لمنازلهم التي هجروها إثر نزاع مروع قبل أكثر من شهر.
7 قتلى و23 جريحا في تجدد النزاع القبلي بالولاية الواقعة جنوب شرقي السودان، ينذر بتداعيات وخيمة في بلد تتقاذفه الأزمات ويهدده شبح الحرب الأهلية.
وقالت لجنة أمن في بيان إن العنف القبلي تجدد في إقليم النيل الأزرق بين الهوسا والأنقسنا، بالتزامن مع بدء لجنة حكومية إرجاع مئات الأسر لمنازلهم التي هجروها خلال النزاع الدامي الشهر قبل الماضي.
وأضاف البيان أن الأحداث تجددت في قنيص شرق ومجمع طيبة الإسلامي دون أسباب واضحة وراح ضحيتها 7 قتلى و23 جريحا.
وأعلنت اللجنة إعادة حظر التجوال بمدينتي الدمازين والروصيرص من الساعة الثامنة مساءً وحتى الساعة الخامسة صباحاً مع منع التجمعات، كما قررت تشكيل لجنة للتحقيق حول أسباب تجدد القتال تضم في عضويتها الأجهزة الأمنية والعسكرية والنيابة العامة.
نيران العنف
لهيب العنف القبلي لا يعتبر مستجدا في النيل الأزرق، ففي يوليو/ تموز الماضي، شهدت 3 مدن من الولاية (الدمازين والروصيرص وود الماحي) أحداثا مماثلة وضعت في الواجهة قبيلتي الهوسا والأنقسنا، ما خلف أكثر من 100 قتيل وآلاف الجرحى مع حرق آلاف المنازل التي يقطنها الهوسا.
وعلى غرار سابقتها، تأتي التطورات الأخيرة على خلفية رفض الأنقسنا منح الهوسا إدارة أهلية باعتبارهم ليسوا من أصحاب الأرض مطالبين بترحيلهم من الإقليم.
وبحسب شهادات أوردتها وسائل إعلام محلية، فإن مجموعة أحضرت 3 سيارات مليئة بنازحي الهوسا لتسكينهم في بعض المؤسسات الحكومية ومنازلهم التي غادروها إبان اندلاع العنف، وهو ما رفضه بعض المواطنين ما قاد لبدء اشتباكات استخدمت فيها العصي والأسلحة البيضاء.
ولاحقا، ارتفع منسوب العنف ليحرق عددا كبيرا من المنازل شرق منطقة "قنيص" بمدينة الروصيرص، ما تسبب بموجات نزوح كبيرة وسط المواطنين، فيما جرى نقل نحو 5 أشخاص للمستشفى العسكري بالدمازين في وضع صحي حرج عقب تعرضهم لإصابات بالغة بالسلاح الأبيض.
وفي غضون ذلك، وصلت تعزيزات أمنية من الجيش والشرطة والدعم السريع في محاولة منها لوقف تمدد القتال واتساع رقعته في ظل توافد الحشود القبلية.
وفي 4 أغسطس/ آب الماضي، وقعت الأطراف المتنازعة اتفاق وقف عدائيات رعته قوات الدعم السريع نص على وقف خطاب الكراهية وبث الطمأنينة في نفوس سكان الإقليم.
كما نص على عقد مؤتمر للصلح والمساهمة في حفظ الأمن وأرواح المواطنين وممتلكاتهم دون تمييز، فضلاً عن دعم الاستقرار والسلام والتعايش السلمي بالتعاون مع أجهزة الدولة والإدارات الأهلية من الطرفين لتحقيق السلام وفتح الطرق وموارد المياه والأسواق والمزارع.
خطر يتمدد
انفلات أمني وضبابية تلبد الأفق السياسي في الخرطوم يرتد صداها في شكل عنف قبلي يتواتر بالتوازي مع استمرار الأزمة السياسية والاقتصادية، في تمدد زمني وجغرافي ينذر بالأسوأ ببلد يقف على رمال متحركة.
ففي يوليو/ تموز الماضي، بدأت النزاعات بين قبيلتي الهوسا والبرتا بالنيل الأزرق، لكنها سرعان ما تمددت إلى عدة مناطق في الإقليم، وتردد صداها في ولاية كسلا ما أدى إلى حرق وتدمير مقرات إدارية لحكومة الولاية.
ولاحقا، تطورت إلى مسيرات في ولاية الخرطوم وفي القضارف والجزيرة، ومع أن وساطة حكماء القبائل، نجحت في احتوائها، بالتعاون مع الولاة وقيادات القطاعات العسكرية والأمنية وبعض القوى الحزبية النافذة وقيادات الطرق الصوفية والمشايخ المحليين، إلا أن التوتر لا يزال مرشحا للنشوب في كل لحظة.
وإجمالا، لا يعتبر تجدد العنف القبلي بالسودان أمرا مفاجئا، في ظل النزاعات الدامية التي تضرب عدة مناطق منذ مطلع العام الجاري، حيث شهدت ولايتا غرب وجنوب دارفور نزاعات قبلية على الأراضي الخصبة بين الرعاة والمزارعين في مارس/ آذار الماضي، أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص.
ويحذر خبراء من أن الصراعات القبلية في النيل الأزرق بشكل خاص، تؤثر على المشهد السياسي باعتبار أن الولاية تعد جزءا من مناطق النزاعات في السودان، وتشكل مع جبال كردفان منطقة هامة جدا وتدخل في إطار اتفاق جوبا للسلام.
وفي غضون ذلك، تتواتر المخاوف في السودان من سيناريو استقطاب القبائل للدخول في السياسة على حساب القبائل الأخرى، ما يرفع احتمالات الاحتكاك بينها، ويخل بالتركيبة الاجتماعية الموجودة في المنطقة، ما قد يلقي بظلاله على نزاهة أي استحقاق دستوري في المستقبل.
aXA6IDE4LjExOS4yMTMuMzYg جزيرة ام اند امز