هل تصمد الهدنة الـ13 بالسودان؟.. اسألوا من اكتوى بالنار
في كل مرة يوافق فيها طرفا الصراع في السودان على هدنة، يستيقظ سكان الخرطوم على اشتباكات تربك حسابات يومياتهم، فهل تصمد المدافع أخيرا؟
وهو ما حصل مع أحدث هدنة في سلسلة الهدن الـ12 التي تم الإعلان عنها منذ اندلاع القتال، منتصف الشهر الماضي، بعد موافقة قيادة الجيش والدعم السريع، السبت، على وقف إطلاق النار، لمدة أسبوع.
فعشية دخول هدنة الإثنين حيز التنفيذ الساعة 5 مساء (1945 بتوقيت غرينتش) ، هزت غارات جوية وإطلاق نار وانفجارات العاصمة السودانية.
وجاء في البيان أن "الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جدة تم التوقيع عليه من قبل الطرفين وستدعمه آلية مراقبة وقف إطلاق النار المدعومة من الولايات المتحدة والسعودية وبدعم دولي".
وأضاف البيان بعد محادثات في جدة أن وقف إطلاق النار "سيظل ساري المفعول لمدة سبعة أيام ويمكن تمديده بموافقة الطرفين".
ورغم اعتراف بيان أمريكي سعودي مشترك بخروقات متعددة للهدن منذ بدء القتال في 15 أبريل / نيسان، فإنه قال إن هذه المرة مختلفة.
ومنذ اندلاع شرارة الأزمة في الـ15 من أبريل/نيسان الماضي، اتفق طرفا الصراع على ما يقرب من 12 هدنة تم خرقها كلها بعد دقائق على دخولها حيّز التنفيذ.
اسألوا أهل الخبرة
لكن سكان الخرطوم - الذين ظلوا على مدى أسابيع يحتمون من حرب المدن الوحشية وسط انخفاض شديد في إمدادات الغذاء والموارد الحيوية، كانوا متشككين في أن هذه المرة ستكون مختلفة.
وقال حسين محمد، الذي لا يزال في الخرطوم بحري، مختبئا مع والدته المريضة حتى بعد أن أصبح الحي الذي يعيشون فيه مهجورا: "أعلنوا عن هدنات لم يلتزموا بها من قبل".
غير أن محمد ما زال يحذوه الأمل هذه المرة في أن يتمكن الوسطاء من مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار ، مضيفا في حديثه لوكالة فرانس برس، أن والدته لم تتمكن من تحديد مواعيد طبيبها منذ ما قبل اندلاع النزاع في 15 أبريل/نيسان الماضي.
وأسفر القتال المستمر لليوم الـ38 على التوالي، عن مقتل حوالي 1000 شخص، فيما نزح أكثر من مليون خلال أسابيع القتال العنيف، وترك ملايين آخرين مع وصول متقطع للمياه أو الكهرباء أو الأدوية وحتى شبكة الإنترنت.
إلى جانب الخرطوم ، شهدت منطقة دارفور الغربية التي مزقتها الحرب بعض أسوأ المعارك خلال الساعات الماضي.
يقول آدم عيسى ، صاحب محل في الجنينة ، غرب دارفور : "نحن لا نثق في الأطراف المتحاربة، ففي كل مرة يعلنون هدنة يعودون للقتال. نريد وقفا دائما لإطلاق النار وليس هدنة مؤقتة".
والجمعة الماضية، أصدر البرهان مرسوما دستوريا أعفى بموجبه نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو "حميدتي" من منصبه الذي أسنده لمالك عقار.
ومنذ اندلاع القتال بينهما، لم يتحدث البرهان وحميدتي، وبدلا من ذلك وجّها الاتهامات لبعضهما عبر وسائل الإعلام.
ناقوس الخطر
ومرارا، أدان الأطباء القصف الذي طال المستشفيات، وسط حديث عن عمليات نهب طالت منازل المواطنين.
وعلى مدى أسابيع ، طالب المدنيون كلا الجانبين بتأمين الممرات الإنسانية للسماح بدخول المساعدات المطلوبة بشكل عاجل.
وما فاقم الأوضاع، إغلاق معظم البنوك، وصعوبة الوصول إلى الغذاء مع تعرض مستودعات ومصانع مواد غذائية للنهب والحرق، وسط نقص حاد في الوقود، الأمر الذي دق ناقوس الخطر في بلد كان بالفعل من أفقر دول العالم.
وفي الوقت الحالي ، يحتاج 25 مليون شخص - أكثر من نصف السكان - إلى مساعدات إنسانية ، وهو أعلى رقم سجلته الأمم المتحدة على الإطلاق في البلاد.