السودان.. الجيش و"الدعم السريع" يقصفان "إعلان المبادئ"
لم تتوقف الاشتباكات في السودان، رغم إعلان المبادئ الذي تم توقيعه بين طرفي الصراع يوم الخميس الماضي في السعودية.
وتجددت الاشتباكات اليوم الأحد بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في مدينتي بحري (شمال) وأم درمان غربي العاصمة الخرطوم.
ومساء الجمعة، أعلنت السعودية استمرار محادثات جدة بين طرفي النزاع في السودان، بهدف التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بينهما لقرابة 10 أيام بوساطة أمريكية سعودية دولية، ثم مشاورات أخرى لوقف دائم.
وأفاد شهود عيان لـ"العين الإخبارية"، بأن مناطق شمال بحري وغرب أم درمان شهدت إطلاق نار بشكل كثيف مع سماع دوي انفجارات وتحليق للطيران الحربي.
تبادل الاتهامات
وتبادل الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" الاتهامات بشأن استمرار العمليات العسكرية.
وقال الجيش في بيان له إنه "تستمر عمليات القصف العشوائي لقوات الدعم السريع على أجزاء من العاصمة، بجانب إجبار المواطنين على إخلاء منازلهم قسرا لاستخدامها في الأغراض الحربية بعدة أحياء في شرق النيل ووسط الخرطوم وبحري، واستمرار عمليات نهب الممتلكات العامة والخاصة وتخريب المرافق الخدمية".
من جهتها قالت قوات الدعم السريع في بيان: "تتابع قوات الدعم السريع المحاولات الخبيثة التي تعمل قوات الانقلابيين والفلول الإرهابية على حياكتها في الظلام لتجريم قوات الدعم السريع في مسعى مكشوف لمداراة خيباتها وهزائمها على أيدي قواتنا الباسلة في المعارك الدائرة الآن، فلقد درج الانقلابيون من فلول النظام البائد طيلة سنوات حكمهم البغيض على انتهاج أساليب التضليل الرخيصة لمواجهة خصومهم وهو أمر ليس بغريب عليهم".
أوضاع إنسانية معقدة
ومع استمرار الاشتباكات المسلحة، يعيش سكان العاصمة الخرطوم أوضاعا معيشية بالغة التعقيد بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وخدمة الإنترنت والمياه وشح المواد الغذائية.
ورصد مراسل "العين الإخبارية"، وجود طوابير طويلة أمام المخابز ومحطات مياه الآبار الجوفية لتوفير الخبز والمياه بسبب تردي الخدمات العامة.
وقالت المواطنة عبير أحمد إن "خطوط المياه أصبحت جافة بسبب تعطل المحطات الرئيسة على النيل، لذلك ألجأ إلى البئر الجوفية لتلبية احتياجاتي من المياه".
وأضافت عبير أحمد لـ"العين الإخبارية" أن "كل ما نتمناه إيقاف الحرب والحصول على الاحتياجات المنزلية من المياه والخبز واستقرار التيار الكهربائي".
فرار اللاجئين
وما زالت عملية هروب المواطنين من منازلهم مستمرة إلى ولايات السودان الأخرى في ظل عدم الاستقرار وتردي الخدمات وصعوبة العيش داخل المنازل المظلمة.
وقالت المواطنة تهاني الأمين لـ"العين الإخبارية" إنها "حاولت الاستقرار في المنزل بأمل توقف الحرب، لكن المسألة ليست بهذه البساطة وقررت أخيرا الذهاب إلى ولاية الجزيرة وسط".
وأوضحت الأمين في حديثها لـ"العين الإخبارية": "الحياة في الخرطوم أصبحت عسيرة، ولدينا مرضى يحتاجون إلى الأدوية لذلك قررنا الذهاب إلى ولاية الجزيرة إلى حين عودة الحياة إلى طبيعتها في الخرطوم".
والجمعة الماضي، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فرار حوالي 200 ألف لاجئ من السودان منذ بداية الاشتباكات، إلى جانب نزوح مئات الآلاف داخليا.
وقالت متحدثة المفوضية أولغا سارادو: "مع استمرار العنف في السودان للأسبوع الرابع، اضطر نحو 200 ألف لاجئ إلى الفرار من البلاد، مع عبور المزيد من الحدود يوميا بحثًا عن الأمان".
وأضافت في مؤتمر صحفي بمدينة جنيف السويسرية: "إضافة إلى ذلك، نزح مئات الآلاف داخليا مع وجود العديد من الأشخاص المحاصرين في منازلهم، وغير القادرين على الوصول إلى الاحتياجات الأساسية".
وشددت المسؤولة الأممية على أن الاستجابة الإنسانية لهذه الحالة الطارئة في السودان "صعبة ومكلفة".
وفي معرض وصفها للصعوبات التي تواجه الاستجابة الإنسانية في البلاد، قالت سارادو: "إلى جانب الانعدام الأمني في السودان، يواجه اللاجئون الذين يصلون إلى المناطق الحدودية النائية في البلدان المجاورة، تحديات كثيرة بسبب عدم توفر الخدمات والبنى التحتية".
الأوضاع الصحية
وما زالت المستشفيات تعاني أوضاعا صعبة بسبب نقص الكوادر الصحية والإمداد الدوائي، ما اضطر المرضى للسفر إلى خارج العاصمة الخرطوم والعودة إلى مناطقهم الأصلية لتلقي العلاج.
وقال المواطن ميسرة الطيب، "غادرت العاصمة الخرطوم إلى الولاية الشمالية خاصة وأن زوجتي تخضع لغسيل الكلى الدوري".
وأضاف الطيب في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن "المستشفى الذي كانت تزوره زوجتي لغسيل الكلى توقف بسبب انقطاع المياه، لذلك قررنا السفر إلى الولاية الشمالية".
وأضاف: "تقريبا معظم المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة خرجت عن الخدمة بسبب انقطاع الكهرباء والمياه ونقص الكوادر الطبية والدواء."
ومساء السبت، أعلنت نقابة أطباء السودان، ارتفاع حصيلة قتلى الاشتباكات من المدنيين إلى 530 شخصا منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي.
وذكرت النقابة (غير حكومية) في بيان، أن "العدد الكلي للقتلى 530، والمجموع الكلي للإصابات 2948".
وكانت آخر حصيلة أعلنتها النقابة الطبية، الجمعة، سجلت 524 قتيلا و2872 مصابا بين المدنيين.
وأضافت النقابة أن "59 مستشفى توقف بسبب الاشتباكات، و17 مستشفى تعرض للقصف، و20 مستشفى تعرض للإخلاء القسري".
تمديد إغلاق المجال الجوي
كما أعلنت هيئة الطيران المدني السودانية، مساء السبت، تمديد إغلاق المجال الجوي للبلاد حتى 31 مايو/ أيار الجاري، باستثناء رحلات المساعدات الإنسانية والإجلاء.
وأفادت الهيئة في بيان، أنها أصدرت "نشرة طيارين (نوتام) بتمديد إغلاق المجال الجوي السوداني أمام كافة حركة الطيران حتى 31 مايو الجاري".
وأعلنت أنه "يستثنى من ذلك رحلات المساعدات الإنسانية ورحلات الإجلاء عند الحصول على تصريح من قبل الجهات ذات الاختصاص".
وفي 30 أبريل/ نيسان الماضي، مددت الهيئة إغلاق المجال الجوي للبلاد حتى 13 مايو/ أيار الجاري، باستثناء رحلات المساعدات الإنسانية والإجلاء.
وفي 22 أبريل/نيسان الماضي، مددت الهيئة إغلاق المجال الجوي السوداني 8 أيام، بعد إغلاقه أول مرة منتصف الشهر ذاته، عقب انطلاق الاشتباكات المسلحة في البلاد.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي، اندلعت اشتباكات واسعة بين قوات الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي"، مما خلف مئات القتلى وآلاف القتلى، وفاقم الأزمة الاقتصادية في السودان.