هاربة من الخرطوم.. "العين الإخبارية" ترصد الوجه الآخر لأزمة السودان
في تعرجات أحياء الخرطوم والملامح المنقبضة لسكانها تنساب تفاصيل حزينة لمدينة كسرتها المعارك وأطفأها صراع لم يضع أوزاره منذ أكثر من شهر.
ففي ظل تواصل القتل والتدمير والنزوح وغلاء المعيشة وتردي الخدمات وتدهور الوضع الاقتصادي، تسعى سامية الهادي (40) عاما، جاهدة، للهروب من الخرطوم إلى العاصمة المصرية القاهرة، مدفوعة بالخوف الذي أصابها وأبناءها إثر الاقتتال العنيف التي دمرت الحياة بصورة شاملة.
ويومًا بعد آخر، تتفاقم معاناة السودانيين، وتضيق عليهم مساحات الحياة الآمنة وأزماتها المركبة التي أفرزتها الأزمة المستمرة منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، بين الجيش وقوات "الدعم السريع".
وتروي سامية مأساتها لـ"العين الإخبارية" وهي تغالب دموعها، كيف فقدت وظيفتها في مهنة التدريس، وودعت راتبها الشهري، لتواجه معاناة مع غلاء إيجار المنزل، وتوفير الاحتياجات الضرورية لأبنائها.
وتقول: "فقدت الوظيفة وأسكن بالإيجار، وزوجي متوفى منذ سنوات طويلة، ولدي 4 أبناء، اثنان بالقاهرة، وأحاول اللحاق بهما للم شمل الأسرة."
وتضيف: "نعم سأواجه صعوبة في الحصول على تأشيرة دخول للأراضي المصرية لابني (جلال) البالغ من العمر 17 عاما، لكن أنا وابنتي (خديجة) ليست لدينا مشكلة في التأشيرات باعتبارنا نساء."
وأوضحت أن أبناءها الطيب وعبد الرحمن يقيمان في القاهرة منذ فترة ليست بالقصيرة للبحث عن عمل بعد أن أنهيا دراستهما بالجامعات السودانية.
وتابعت: "ابني الطيب يعمل في وظيفة براتب شهري، لكن الآخر عبد الرحمن لا يزال يبحث عن عمل."
محنة
وبشأن الصعوبات التي تواجهها للسفر إلى القاهرة، تشرح سامية: "الصعوبات تتمثل في عدم توفر الأموال الكافية، وجشع أصحاب الحافلات الذين ضاعفوا سعر التذكرة إلى أرقام فلكية."
واستطردت "رغم علمي التام بصعوبة الموقف على المعابر الحدودية مع مصر ووجود عالقين هناك، لكن سأتوجه إلى الحدود ومواجهة مصيري."
وكشفت: "اضطررت لبيع جزء كبير من أثاث المنزل المتمثل في الأجهزة الكهربائية كالثلاجة وجهاز تبريد الهواء والمقاعد والدولاب."
وتأمل سامية التزام الأطراف المتصارعة في الجيش والدعم السريع الالتزام بوقف إطلاق النار قصير الأمد، لترتيب أوضاعها واللحاق بأبنائها في القاهرة للم شمل الأسرة.
وقالت: "أتمنى أن يلتزم الطرفان بوقف إطلاق النار من أجل ترتيب أوضاعي الاقتصادية واللحاق بأبنائي في القاهرة."
ومساء الإثنين، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في السودان، حيز التنفيذ، وسط إطلاق نار متقطع وتمركز قوات الدعم السريع في أماكن سيطرتها بعدد من شوارع العاصمة.
ومن المفترض أن تستمر الهدنة لمدة أسبوع، فضلا عن استمرار محادثات طرفي النزاع في جدة في محاولة للتوصل إلى وقف دائم للقتال وحل النزاع بالحوار.