"العين الإخبارية" ترصد أول أيام هدنة الأسبوع..السودان يستعيد أنفاسه
صباحٌ جديد خال من دوي الانفجارات الكبيرة استفاق عليه السودانيون مع أول أيام هدنة الأسبوع، رغم دخانه العالق في سماء العاصمة ومدن أخرى.
هدوء واستقرار نسبي ساد الأجواء، وإن عكره سماع إطلاق نار أو اشتباكات متقطعة في وقت سابق، بحسب شهود عيان، إلا أن الحياة في الأسواق والمحال التجارية الصغيرة، أبت إلا أن تنتعش، فيما عادت حركة المواصلات الداخلية بصورة جيدة.
فمع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين قوات الجيش وقوات "الدعم السريع" حيز التنفيذ مساء الإثنين، رصد مراسل "العين الإخبارية" يوميات السودانيين وحركة الأسواق والتنقلات.
وما إن دقت الساعة (19: 45 ت.غ)، حتى بدأت أحياء مدن الخرطوم وبحري (شمال) وأم درمان (غرب) تجني ثمار الاتفاق؛ فشهدت استقرارا نسبيا، بحسب شهود عيان تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، مؤكدين أن الحياة بدأت تعود تدريجيا في الأسواق والمحال التجارية الصغيرة.
هدوء لم يقطعه سوى أصوات الطائرات الحربية الخاصة بالمراقبة والتصوير والتي حلقت في الصباح الباكر في سماء العاصمة الخرطوم.
وأفاد شهود عيان لـ"العين الإخبارية"، أن أحياء الخرطوم وأم درمان وبحري شهدت قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ، إطلاق نار متقطع، مؤكدين أن قوات "الدعم السريع" ما زالت متمركزة في أماكن سيطرتها في عدد من شوارع العاصمة.
التزام بالهدنة
وعن الأوضاع غداة اتفاق وقف النار، قال المواطن حسن عبد الرحيم في حديث لـ"العين الإخبارية": "يبدو أن الأطراف المتصارعة التزمت بوقف إطلاق النار قصير الأمد"، مضيفًا: "لم نسمع أصوات رصاص، أو دوي دانات أو اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة مثلما كان يحدث في الأيام الماضية."
المعلمة عفاف مصطفى، التقطت أطراف الحديث، قائلة لـ"العين الإخبارية": "نأمل أن يقود وقف إطلاق النار قصير الأمد، إلى وقف إطلاق نار شامل لتعود الحياة إلى طبيعتها ونعود إلى المدارس."
"مصطفى" أضافت: "نناشد بضرورة وقف الحرب فورا، بعد الدمار والخراب في شتى مناحي الحياة، وتدمير البني التحتية."
تداعيات "صارخة"
"وقف إطلاق النار، قد يمهد لإصلاح المستشفيات وخطوط الكهرباء والمياه والإنترنت"، يقول المواطن أبو عبيدة عبد الله، معبرًا عن آماله في أن يلتزم الجيش والدعم السريع.
وأوضح المواطن أبوعبيدة في حديثه لـ"العين الإخبارية": "يجب أن تكون الأولوية لفتح المستشفيات المغلقة ليتمكن الناس من تلقي العلاج لأن الوضع كارثي".
وبحسب نقابة أطباء السودان، فإن 68% من المستشفيات المتاخمة لمناطق الاشتباكات متوقفة عن الخدمة، من أصل 59 مستشفى أساسية في العاصمة والولايات.
وقالت النقابة في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه: "يوجد 61 مستشفى متوقفة عن الخدمة و28 مستشفى تعمل بشكل كامل أو جزئي (بعضها يقدم خدمة إسعافات أولية فقط) وهي مهددة بالإغلاق أيضا نتيجة لنقص الكوادر الطبية والإمدادات الطبية والتيار المائي والكهربائي."
وأضاف: "تأثرت الخدمات الصحية في مدينة نيالا (غربي البلاد) حيث تم إخلاء مستشفى نيالا التخصصي بالكامل من المرضى والكوادر الطبية بسبب حدة النزاع المسلح، كما توقف مركز الغسيل الكلوي عن العمل بعد إصابة صهريج المياه."
وتابع: "ما زالت جميع المرافق الصحية خارج الخدمة في مدينة الجنينة بعد أن تم الاعتداء عليها ونهبها والاعتداء ونهب المخزن المركزي للدواء وسكن الأطباء ومكاتب الهلال الأحمر"، مشيرًا إلى أن "مركز الكلى الوحيد في مدينة الجنينة (مركز ولاية غرب دارفور) متوقف عن الخدمة".
وحسب النقابة، فإن 17 مستشفى تم قصفها، و21 مستشفى تعرضت للإخلاء القسري منذ بداية الحرب، كما تعرضت 9 سيارات إسعاف للاعتداء، فيما لم يسمح لغيرها بالمرور لنقل المرضى وإيصال الأدوية."
جرس إنذار
تداعيات "صارخة" للقتال الدائر في ثالث أكبر أفريقي، دفعت مبعوث الأمم المتحدة لدى السودان، فولكر بيرتيس، من التحذير منها، قائلا، إن أعمال العنف "التي لا معنى لها" في السودان، تسببت في نزوح مليون شخص من أماكن إقامتهم، بينهم 250 ألفا عبروا خارج حدود السودان.
وقال بيرتس خلال كلمة له بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في جلسة عقدت يوم الإثنين لاستعراض التقرير الفصلي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن السودان، إن الاشتباكات المسلحة أسفرت عن مقتل أكثر من 700 شخص بينهم 190 طفلا وإصابة 6000 شخص آخرين، موضحا أن القتال أدى إلى "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني".
وفي السياق، حث المبعوث الأممي طرفي النزاع في السودان، على الالتزام بالهدنة الجديدة، محذرًا من أن "البعد العرقي المتزايد للقتال يهدد بإغراق السودان في صراع طويل الأمد".
ويشهد السودان، منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، اشتباكات بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تشمل العاصمة الخرطوم ومدنا أخرى شمالي وغربي البلاد.