أزمة السودان.. طريق الخلاص في ميزان مسؤول بـحزب "الأمة"
قراءة في أزمة السودان يقدمها محمد المهدي حسن رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، في رؤية تحاول تقليص الضبابية عن مشهد بالغ التعقيد.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، أكد المهدي أن "موقف حزبه واضح ولا لبس فيه"، مشيرا إلى أنه عبر عنه مراراً ويتمثل في رفض قرارات قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ويعتقد أن اتفاق الأخير مع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، ثنائي وينبغي تطويره ليشمل القوى السياسية الأخرى.
واعتبر أن الحكومة السودانية المقبلة يمكن أن تقود البلاد نحو الأمن والاستقرار حال تشكيلها بإرادة من حمدوك بالتشاور مع الحاضنة السياسية المتملثة في "تحالف الحرية والتغيير"، ودون إملاء أو وصاية من المجلس السيادي السوداني.
وشدد المهدي على أنه ليس بمقدور أي طرف إقصاء تحالف الحرية والتغيير من المشهد السياسي، مؤكدا أنه "طرف أصيل في الوثيقة الدستورية التي ما زالت تحكم الفترة الانتقالية، فضلاً عن أنه لا يمكن وجود ديمقراطية بلا أحزاب".
وشهدت أروقة حزب الأمة القومي الذي كان يتزعمه الراحل الإمام الصادق المهدي، خلافات حادة بين قياداته بشأن ما يجري في البلاد، فرئيسه المكلف فضل الله برمة ناصر من أقوى مؤيدي قرارات الجيش، وكان أحد مهندسي اتفاق "البرهان وحمدوك"، بينما يوجد تيار قوامه الشباب يرفض هذه الخطوات.
وبالمقابلة نفسها، تحدث المسؤول الحزبي عن الأوضاع في شرق السودان ودارفور والحدود مع الجارة إثيوبيا، طارحاً رؤية تنظيمه لمعالجة هذه الملفات.
وإلى نص المقابلة:
تضاربت مواقف حزبكم تجاه اتفاق البرهان وحمدوك. ماهو موقفكم الفعلي؟
-لا يوجد تضارب، فموقفنا واضح لا لبس فيه، وقد عبر عنه المكتب السياسي للحزب الذي أصدر قرارات واضحة تجاه ما يدور وقد فصلناها في بيان تم نشره للرأي العام. مشكلة الاتفاق أنه ثنائي بين البرهان وحمدوك ولم تُشرك أو تستشار فيه القوى السياسية بالصورة التي تمكنها من إبداء الملاحظات وتضمين أراءها لضمان معالجة الإشكالات التي خلفتها قرارات قائد الجيش الصادرة في 25 أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
-في تقديري أن طرفي الاتفاق لا يرغبان في العودة إلى ما قبل 25 أكتوبر الماضي حيث قرارات البرهان بحل المجلس السيادي والحكومة، وإنما يريدون التوجه إلى مربع ثالث يهندسونه فيما بينهم لاستئناف الفترة الانتقالية والعبور إلى نهاياتها وصولاً للانتخابات عقب تكملة المؤسسات خاصة المجلس التشريعي السوداني.
هناك تقارير تتحدث عن انقسام بالمجلس المركزي للحرية والتغيير بشأن الاتفاق. ما حقيقته؟
-بالفعل يوجد انقسام لكنه ليس خطيراً بالقدر الذي يقود إلى تفتيت تحالف الحرية والتغيير، بل هو اختلاف مقبول في وجهات النظر حول الاتفاق فلم يؤثر على تماسك الائتلاف الذي يستمر حالياً في اجتماعاته ويقرر بشأن ما يجري في البلاد، ويشارك بفاعلية في حركة الاحتجاحات الرافضة لقرارات قائد الجيش والاتفاق السياسي.
هناك حديث عن الترتيب لحاضنة سياسية للحكومة الانتقالية تكون بديلة للحرية والتغيير. ما تعليقكم؟
-"كلام فارغ ولا يسنده أي منطق سياسي أو قانوني"، فالحرية والتغيير هي الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية بنص الوثيقة الدستورية التي هي أحد أطرافها حيث وقعت إلى جانب المكون العسكري قبل عامين.
فالحاضنة السياسية التي برزت في المشهد قوامها مجموعات من فلول نظام الإخوان المعزول وأحزاب شاركته في السلطة وظلت معه حتى سقوط عمر البشير فكانوا إلى جانبه في لقاءاته الأخيرة.. هو يرقص وهم يتمايلون خلفه وقواته (البشير)، تقتل المتظاهرين في الشوارع.
تحدث حمدوك عن تحالف شامل مرتقب يقود لإعلان ساسي.. هل سيكون حزبكم جزءا منه؟
معلوم أن حزبنا فاعل في قوى الحرية والتغيير لكنه في ذات الوقت منفتح على الإعلان السياسي، فمن منطلق توجهنا نريد أن يجتمع كل أهل السودان في صعيد واحد لتأمين الفترة الانتقالية.
-نحن نؤمن بمبدأ الحوار كآلية لحسم الخلافات وكنا نود ألا يقدم قائد الجيش عبدالفتاح البرهان على هذه الخطوة، لقد كنا في اجتماع معه قبل قرارات 25 أكتوبر ونصحناه بأن لا يفعل ذلك تفادياً لأي انتكاسة بالفترة الانتقالية.
حزب الأمة القومي يسعى لبلورة رأي وطني لكل السودانيين من أجل إصلاح الأخطاء التي ظهرت نتيجة الممارسة واستخلاص الإيجابيات للبناء عليها حتى تستأنف الفترة الانتقالية والوصول إلى نهاياتها بموجب الوثيقة الدستورية.
هل من الممكن عودة "الحرية والتغيير" بشكل فاعل بالمشهد السوداني؟
-قوى الحرية والتغيير لم تختفي من المشهد أصلاً، فهي موجودة وفاعلة على كافة الأصعدة، تقود الاتجاجات في الشارع وتجلس للتفاوض لتأمين الوثيقة الدستورية التي وقعتها.
مثلما تراجع البرهان عن تجميد بعض نصوص الوثيقة الدستورية، سيتراجع عن الإجراءات بشأن هذا التحالف فلا يمكن مطلقاً شطب الحرية والتغيير من المشهد وليس هناك ديمقراطية بلا أحزاب سياسية كما أسلفت.
هل لحزبكم تواصل مع الدكتور عبدالله حمدوك بعد عودته لمنصبه رئيساً للوزراء؟
-بالتأكيد لدينا لقاءات مع رئيس الوزراء بطريقة مباشرة وغير مباشرة وهو بدوره يتطلع إلى لقاء حزب الأمة القومي ورأيه ومشورته لأننا نتحرك بفهم قومي وليس حزبي.
نحن نتحرك وفق أجندات وطنية تحمل رؤية شاملة لحل مشاكل البلاد خاصة في القضايا الكبرى، وتكون خطواتنا بعمل الجميع فنقوم بإخطار قوى الحرية والتغيير وحركات الكفاح المسلح الموقع على اتفاق جوبا (للسلام)، فليس هناك أمراً سرياً، لكن لقاءاتنا مع المكون العسكري توقفت منذ توقيع إتفاق البرهان وحمدوك في 21 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي.
كيف تنظرون إلى أحداث العنف في دارفور وكردفان؟ ومن يقف وراءها؟صر
-هي أحداث مؤسفة للغاية وسيعقد المكتب السياسي لحزب الأمة القومي اجتماعاً يناقش مجمل الأوضاع الأمنية في السودان والصراعات القبلية التي تجددت بصورة مزعجة سواء في كردفان أو دارفور، لذلك لن نسبق الأمور قبل الاستماع إلى التقارير من أجهزة الحزب، بعدها سنصدر بياناً للرأي العام ونفكر في الخطوات التنفيذية لإحتواء الأزمة.
هل تتوقع أن تساعد الحكومة المقبلة في استقرار السودان؟
-الحكومة المقبلة ستنجح في تحقيق الاستقرار إذا تم منح رئيس الوزراء صلاحية مطلقة في تشكيلها بمشاورة الحاضنة السياسية ألا وهي "الحرية والتغيير"، أما بخلاف ذلك فستستمر الأزمة في البلاد.
هناك اتفاق على أن تكون تلك الحكومة من كفاءات وطنية مستقلة، لكن نرفض فرض وصاية من مجلس السيادة على الجهاز التنفيذي حتى لا يكون رئيس الوزراء مجرد سكرتير للمجلس.
ماهي رؤية حزبكم لحل أزمة شرق السودان؟
-قضية شرق السودان عادلة، وقد بلور الحزب رؤية لمعالجتها لكن الأحدث تمضي بشكل أسرع من خطواتنا، وسنتحرك مع الآخرين لحل هذه الأزمة بعيداً عن الأجندات السياسية التي يريد البعض تحقيقها استغلالاً لهذه القضية.
نحن ندعم ذهاب كل مكونات شرق السودان إلى مؤتمر جامع يطرحوا فيها مشكلاتهم ووجهات نظرهم للحل، على أن تكون مقرراته ملزمة للحكومة وواجبة التنفيذ خاصة القضايا المتعلقة بالتنمية والمشاركة في السلطة وإعادة إعمار الإقليم حتى يلحق ببقية أنحاء البلاد الأخرى وتنتفي شكاوى التهميش السياسي والاقتصادي، وصولاً لاستقرار مستدام.