حكومة السودان تغلق باب التفاوض.. وحمدوك يكشف عن آليات لـ«نزع شرعيتها»
مرة أخرى أعلنت حكومة السودان، غلق باب التفاوض واستمرار القتال حتى القضاء على قوات "الدعم السريع"، وهو ما ينذر باستمرار الصراع الدامي في البلاد.
هذا القرار الذي دفع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) للبحث عن آليات لـ«نزع شرعيتها»، أملا في إيجاد مخرج لأزمة البلاد يوقف الحرب ونزيف الدماء ويخفف من وطأة الأزمة الإنسانية الطاحنة.
- بركان صراع البرهان و«الإخوان» يلفظ حممه.. كيف تتأثر حرب السودان؟
- أزمة السودان.. «الدعم السريع» تهاجم مطار «مروي» بمسيرات انتحارية
إغلاق باب التفاوض
وأعلن عضو مجلس السيادة السوداني، نائب القائد العام للجيش، شمس الدين كباشي، إغلاق الباب أمام التفاوض مع قوات الدعم السريع، مؤكدا استمرار القتال حتى «القضاء عليها».
ووصل كباشي، الثلاثاء، إلى رئاسة مصنع سكر غرب سنار الذي استعادته القوات المسلحة، الإثنين، بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع التي سيطرت على المنشأة العام الماضي.
وقال كباشي خلال مخاطبته حشدا عسكريا أمام مصنع السكر: "نعلن إغلاق الباب أمام التفاوض ولن يكون هناك وقف لإطلاق نار أو هدنة".
وكانت الحكومة اقترحت قد اقترحت خارطة طريق لحل الأزمة تبدأ بالتوصل إلى وقف إطلاق نار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وتحديد مواقع لتجميع مقاتلي الدعم السريع بعيدا عن المناطق المدنية بهدف الفصل بين القوات وضمان عدم تعرض المواطنين للخطر بسبب الاقتتال.
وأشار كباشي أن "قوات الدعم السريع استغلت فترات وقف إطلاق النار المؤقت والهدن السابقة لتعزيز موقفها العملياتي وتنفيذ أعمال تدميرية"، بحسب قوله.
وأوضح أن "المسار السياسي لا يرتبط بالمسار العسكري"، وأضاف: "لا يوجد مسار سياسي ما لم نغلق العمل العسكري".
نزع الشرعية
ومع التعنت الحكومي والإصرار على مواصلة الحرب وعدم الجلوس للتفاوض، كشف حمدوك عن الآليات المقترحة للتعامل مع الأوضاع في البلاد.
وبدأت اجتماعات الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في مدينة "عنتيبي" بدولة أوغندا الثلاثاء، وتستمر حتى 6 من الشهر الجاري بمشاركة 120 عضوا من الهيئة.
وتحدث حمدوك خلال تصريحات صحفية محدودة مع انطلاق الاجتماعات عن آليات أخرى بينها "المائدة المستديرة، والجبهة المدنية العريضة بالإضافة إلى نزع الشرعية عن الحكومة القائمة في بورتسودان».
ووفق مصادر سياسية، فإن بعض التنظيمات المنضوية تحت لواء تنسيقية (تقدم) تطالب بضرورة تشكيل حكومة منفى، لكن الفكرة لا تجد قبولا إذ تعارضها أغلبية المكونات السياسية والمدنية والنقابية.
وقال حمدوك إن اجتماع الهيئة القيادية مفصلي خاصة أنه يعقد بعد 6 أشهر من مؤتمرها العام في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، و"كما يساهم في تقريب وجهات النظر والخروج برؤية متفق عليها.
واعتبر حمدوك مشاركة أعضاء الهيئة في الاجتماعات فرصة لمناقشة قضايا مهمة أبرزها الأزمة الإنسانية، ومعالجة حماية المدنيين وإيصال المساعدات داخليا وفي دول اللجوء باعتباره المدخل لإيقاف الحرب.
وأكد أن إنهاء الحرب يتطلب وقف الأعمال العدائية ووقف إطلاق النار وآلياته، وأكد أن وقف الحرب يتطلب الدخول في عملية سياسية مفصلة بأطرافها وأجندتها لترتيب الأوضاع في السودان.
وتابع: "نأمل أن تكون هذه آخر حرب في السودان".
وقال إن هذا لا يتأتى إلا بالحديث عن جذور الأزمة التي تسببت في اندلاع الحرب التي بدأت منذ 1956 واستمرت حتى الآن وشملت البلاد بأكملها".
جهود مصرية
ومع تسارع وتيرة الحرب وتضاؤل الحل السلمي، وصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى مدينة بورتسودان، في زيارة رسمية استغرقت يوما واحدا، والتقى رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وسلمه رسالة خطية من الرئيس عبدالفتاح السيسي تتعلق بتطوير العلاقات المشتركة.
وقال الوزير المصري، وفق بيان مجلس السيادة السوداني، إن "زيارته للسودان تأتي تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي لنقل رسالة دعم وتضامن كامل من الدولة المصرية للدولة السودانية."
وبين أن "اللقاء تطرق لمجمل التطورات في المنطقة وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بتقديم كل الدعم الممكن للأشقاء السودانيين، مؤكدا تضامن الشعب المصري مع الشعب السوداني."
وأضاف أنه "استمع أيضا الى شرح من رئيس المجلس السيادي حول التطورات في السودان، مؤكدا أن هناك إرادة مشتركة من القيادتين السودانية والمصرية لتكثيف التشاور بين البلدين إزاء كل الملفات التي تهم السودان ومصر خاصة فيما يتعلق بالتنسيق في المحافل الإقليمية والدولية."
وقال وزير الخارجية المصري إن بلاده "حريصة على استعادة السودان لعضويته ونشاطه في الاتحاد الأفريقي"، مؤكدا "استعداد بلاده لبذل كل ما في وسعها من أجل استئناف السودان لنشاطه داخل الاتحاد الأفريقي في أقرب وقت ممكن".
وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أمر الاتحاد الأفريقي، بتعليق مشاركة السودان في جميع أنشطته "بأثر فوري"، على خلفية "استيلاء الجيش السوداني على السلطة وحل الحكومة الانتقالية".
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان، بما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت آلاف القتلى وأكثر من 14 مليون نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.