حاول المستشار السياسي لقائد "الدعم السريع" يوسف عزت، في مقابلة لـ"العين الإخبارية"، تفكيك المشهد السوداني، وإضاءة جوانبه غير المكشوفة.
ومن بين تطورات مختلفة الحدة والسرعة على رقعة الأزمة السودانية، تخلق وضعا معقدا وعصيا على التفكيك والفهم، تتشابك فيه الأحداث والأطراف، نوه مستشار الجنرال محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي" توضيح أساب تعثر المفاوضات الجارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
أوضح عزت أن "المفاوضات الراهنة في جدة ليست عملية سياسية، بل كانت فكرة لوقف إطلاق النار ومن ثم بدء العملية السياسية والتفاوض حول القضايا السياسية، ونحن ذهبنا إلى المنبر بهذا الفهم، وهو أن تتوقف الحرب في أسرع فترة ممكنة دون خسائر ودون الاستمرار لفترة طويلة، وأن يحصل تفاوض بمشاركة السودانيين بكل قواهم السياسية والمجتمعية ووضع أسس لوقف الحرب".
وهنا، اتهم مستشار حميدتي الجيش بأنه "غير جاد ومُسيطَر عليه ولديه أجندة، وأن الحركة الإسلامية (الإخوان) هي التي تسيطر على قراره عبر ضباطها بالداخل وبشكل علني عبر كوادرها القيادية واستنفارها، وتريد تكسير الجيش وبناء جيش جديد على أنقاضه".
حول الأسباب التي أدت إلى إيقاف التفاوض في منبر جدة، قال يوسف عزت: "أولا: هناك مطالب غير مقنعة أو غير موضوعية أصلا مثل إخلاء المقرات الحكومية، وعندما نسأل عما هي هذه المقرات نجد أنها مقرات الجيش التي تسيطر عليها الدعم السريع وكذلك الارتكازات العسكرية، بشكل آخر هذا المطلب يعني إخلاء الخرطوم".
مطلبٌ اعتبره مستشار قائد الدعم السريع "ليس تفاوضيا، لأنك تتفاوض وفقا للأوضاع الميدانية الموجودة وحل المشكلة وبناء الجيش الواحد، أي حول قضايا لها علاقة بالأزمة، وليس تحقيق الانتصار العسكري خلال التفاوض".
ومضى قائلا "إذا كنت تريد انتصارا عسكريا فلا بد أن تحققه على أرض الواقع، لذلك كانت مطالب تعجيزية وغير موضوعية وغير ممكن التفاوض حولها".
إضافة إلى ذلك، فإن "وفد الجيش منقسم، ولديه أكثر من قيادة وتوجه، هناك أشخاص يسيرون في اتجاه وقف إطلاق النار أو الهدنة، وهناك آخرون ضد الهدنة، وهناك قرارات صغيرة جدا متعلقة بكلمة أو نص وأشياء صغيرة جدا"، يتابع عزت.
وأكمل "كما أن رئيس الوفد (الجيش) ليس باستطاعته حسم تلك الأمور إلا بالرجوع إلى قيادته في الداخل، وهنا ممكن أن تأخذ المسألة أياما".
ولذلك يرى مستشار حميدتي أن "الجيش ليس لديه خارطة واضحة للتفاوض وأهداف واضحة من أجل تحقيقها، فهو خرج للتفاوض في ظروف لا تمكنه من قراءة الوضع بشكل جيد، ويرغب في تحقيق انتصارات عسكرية لعكسها في طاولة التفاوض".
سيطرة الإخوان
وأكد أن الإخوان يريدون "السيطرة بشكل كامل على المؤسسة العسكرية بحجة التعبئة للحرب واستقطاب عناصر جديدة وأدلجتها"، مشيرا إلى أن "شرفاء الجيش ضحايا لهذه الرؤية".
ومضى موضحا: "الحركة الإسلامية المتطرفة بقيادة علي كرتي والآخرين هي التي دفعت باتجاه الحرب وأجندتها، والآن يتحدثون عن انتصارات وهمية ويحاولون بناء جيش جديد على أنقاض الجيش المنهار واستقطاب شباب السودان باسم القبائل والجهوية وكل شيء واستقطاب قوى جديدة تخضع لهم".
وحول هروب قيادات إخوانية من السجون خلال فترة الصراع الجاري، اعتبر المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع أن ذلك "جزء من الخطة، وهو ما ترجمه حديث القيادي الإسلامي أنس عمر، والذي سبق أن قال إن قياداتنا (الإخوان) ستخرج محمولة على الأكتاف".
واستطرد: "يوم 15 أبريل/نيسان رتبوا لساعة الصفر وتخيلوا هزيمة الدعم السريع في فترة زمنية تتراوح ما بين 5 ساعات و3 أيام وإخراج قياداتهم من السجن وإعادة نظامهم وتنظيم احتفالاتهم".
وتابع: "عندما فشل الانقلاب وقابلوا قوة لم يكونوا يضعونها في الحسبان، مهدوا لفتح سجن الهدى وإطلاق كل المجرمين وأطلقوا دعاية أن الدعم السريع هي التي أطلقتهم، رغم أننا غير موجودين في تلك المنطقة".
وأضاف: "لكن أنا أعتقد أن هذه القيادات (قيادات النظام السابق) مستنفدة في أي عمل سياسي، والناس كلها تعرف تاريخها وهو تاريخ قريب وحاضر في الذاكرة السودانية، ولا يمكن أن يكونوا جزءا من صناعة مستقبل أو قيادة مستقبل وعادوا إلى ذات الخطاب وهو الدم والقتل والحشد القبلي والعنف".
وزاد "هذه القيادات ليس لها أي مستقبل، وإذا انتصرت هذه القيادة انتهى البلد وهذا هو الخطر".