السودان بين مسارين.. "حرب" تطرق الأبواب ومخاض عسير للحل السياسي
رغم طي السودان صفحة قمة "إيغاد" التي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إلا أن ما تمخض عنه تلك القمة، قد ينذر بتصعيد الأوضاع في ثالث أكبر بلد أفريقي، من حيث المساحة.
واقترحت القمة التي عقدتها الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) وحضرها رؤساء دول وممثلون عن عدة دول أخرى وهيئات، في النصف الأول من الشهر الجاري، بحث نشر قوات حفظ سلام إقليمية وتعزيز مشاركة المدنيين في المحادثات.
إلا أن الجيش السوداني، الذي رفض ممثلوه حضور تلك القمة؛ لاعتراضه على رئاسة كينيا لها، جدد رفضه لتلك المبادرة وما تمخض عنها، بل إنه هدد بأن أيا من هذه القوات -حال توجهها إلى السودان- لن يعود إلى بلده على قيد الحياة.
رفض قائد كبير بالجيش السوداني بشدة مبادرة تقودها كينيا لإرسال قوات حفظ سلام من شرق أفريقيا للمساعدة في إنهاء الصراع الدائر بالسودان منذ أكثر من 100 يوم، وأشار
حرب تطرق الأبواب
وفي مقطع مصور، نشره مكتب المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، قال مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن ياسر العطا في تصريحات للجنود: "قوات شرق أفريقيا خلّوها في محلها... (تريد) تجيب الجيش الكيني تعالى"، وأقسم على عدم عودة أي من هذه القوات.
وأشار إلى أن دولة ثالثة هي التي دفعت كينيا لطرح هذه المبادرة، دون أن يذكر هذه الدولة بالاسم.
وكان الجيش السوداني رفض مرارا المبادرة التي تقودها كينيا، متهما إياها بدعم قوات الدعم السريع، قائلا إنه سيعتبر أي قوات حفظ سلام أجنبية قوات معادية.
وقال وزير الشؤون الخارجية الكيني كورير سينغ أوي، في تصريحات لوكالة "رويترز": "هذا التصريح لا يستحق تعليقا منا" مضيفا أن الاتهامات لا أساس لها من الصحة وأن بلاده محايدة.
وتابع: "بالإصرار على أن السلام الدائم لن يتحقق إلا من خلال إشراك الأطراف المدنية في أي عملية وساطة والدعوة إلى المساءلة عن الأعمال الوحشية، فقد يجد البعض في السودان صعوبة في قبول هذه المبادئ".
وسبق أن اعترضت الخارجية السودانية على ترؤس الرئيس الكيني وليام روتو للجنة رباعية منبثقة من "إيغاد"، متهمة نيروبي بالانحياز لقوات الدعم السريع.
وبحسب بيان لمجلس السيادة الانتقالي في السودان، في وقت سابق من الشهر الجاري، فقد تلقى البرهان اتصالا هاتفيا من الرئيس الكيني، نقل فيه رئيس مجلس السيادة السوداني للرئيس الكيني أسباب تحفظ حكومة السودان على رئاسة كينيا للجنة الرباعية، ورفضه لمخرجات القمة التي عقدت في أديس أبابا مؤخرا، حيث لا يمكن إدخال قوات شرق إفريقيا (إيساف) بدون موافقة حكومة السودان.
وتلقى الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي يقاتلها العديد من عروض الوساطة الدولية، لكن لم ينجح أي منها في وضع حد للقتال الذي اندلع في 15 أبريل/نيسان الماضي، أو حتى وقفه بشكل كبير.
هل حان الوقت للسلام؟
في المقابل، أعلن موفد رفيع لقوات الدعم السريع السودانية، أن "الوقت قد حان للسلام" في السودان ومنطقة دارفور، مضيفًا: "نحن على استعداد للمشاركة في أي نوع من الاجتماعات لإحلال السلام والجمع بين الناس ووقف الحرب في دارفور وفي السودان".
وأدلى يوسف عزت موفد قوات الدعم السريع والمستشار السياسي لقائدها بهذه التصريحات خلال إجرائه محادثات في توغو في غرب أفريقيا وسط جهود لمنع انزلاق منطقة دارفور إلى مزيد من الاقتتال.
وقال عزت في تصريحات لـ"فرانس برس" على هامش محادثاته في لومي: "لذلك هذا هو الوقت المناسب من أجل إنهاء الحرب وبدء مستقبل جديد للشعب السوداني: السلام والتنمية والمساواة. هذا ما نبحث عنه وأعتقد أن الوقت قد حان لتحقيق السلام في السودان".
تفتيش عن الحل
في السياق نفسه، يفتش الفرقاء المدنيون عن الحلول في اجتماعات على مدار يومي الإثنين والثلاثاء، في العاصمة المصرية (القاهرة)، سبل إنهاء الأزمة ومخاطر جذورها.
وقالت قوى الحرية والتغيير، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن هذا الاجتماع يكتسب أهميته لكونه الأول للحرية والتغيير بصورة مباشرة منذ اندلاع الأزمة في 15 إبريل/نيسان الماضي، ودخولها شهرها الرابع مع تزايد المعاناة الإنسانية لشعبنا في الداخل والخارج.
وأشارت إلى أن هذه التحديات والمتغيرات تفرض رؤى واضحة على رأسها ضرورة وقف "الحرب"، وقطع الطريق أمام "مخطط النظام المباد وفلوله لتحويلها لحرب أهلية شاملة، واستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي وفق رؤية سياسية تؤسس لبناء وطني جديد، ومعالجة آثار الحرب على السودانيين والسودانيات وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، عبر عملية سياسية تشمل جميع أهل السودان لا يستثنى منها إلا الحزب المحلول وواجهاته ورموزه وقياداته".
وأشارت إلى أن انعقاد هذا الاجتماع المفصلي والتاريخي في أرض مصر وعاصمتها القاهرة هو أمر ذو دلالات سياسية عديدة، تأكيداً على أن ما يجمع بين السودان ومصر سيبقى وسيظل هو الأصل السائد.
وناشدت طرفي الأزمة، بالتوصل لوقف إطلاق النار في جولة مفاوضات جدة التي تعقد بتيسير من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
وأكدت أنها ستجري تشاور مع قيادات المجتمع السوداني المتواجدين في مصر حول بناء مستقبل جديد للسودان، وحل القضايا التي تواجه السودانيين، في هذا الوقت الصعب.
ماذا جرى في اليوم الأول؟
يقول المتحدث الرسمي للحرية والتغيير جعفر حسن عن الاجتماع الموسع، إنه ناقش الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، خلال الأزمة، بالإضافة إلى الأوضاع الإنسانية ونزوح الملايين.
وأوضح متحدث الحرية والتغيير، أن الاجتماع ناقش ورقة سياسية، حول رؤية الحرية والتغيير "لإنهاء الحرب، وإحلال السلام، واستعادة المسار المدني الديمقراطي وتماسك ووحدة الدولة السودانية".
وأشار إلى أن يوم الثلاثاء ستتواصل الجلسات، لمناقشة الورقة الاقتصادية "والتي ستتضمن مرحلة ما بعد الحرب وإعمار السودان، وآلية تعويض المتضررين".
في غضون ذلك، استمر القتال في ولاية الخرطوم يوم الإثنين. وقالت إحدى لجان الأحياء في أمبدة إن 15 شخصا على الأقل قتلوا في غارات بأم درمان. وفي منطقة الكلاكلة بجنوب الخرطوم، قالت اللجنة المحلية إن قوات الدعم السريع حاصرت المنطقة.
aXA6IDMuMTM1LjE5MC4xMDcg جزيرة ام اند امز