توصية أممية بـ«حظر الأسلحة».. هل يسقط السودان تحت «الفصل السابع»؟
إثر استمرار الحرب منذ نحو 17 شهرا، أوصت بعثة دولية بفرض حظر توريد الأسلحة لطرفي الصراع بالسودان، ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي اعتمد مجلس حقوق الإنسان بجنيف قرارا بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق حول الانتهاكات والجرائم التي رافقت القتال العنيف بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في السودان.
وأصدرت البعثة الدولية، الجمعة، تقريرها الأول المؤلف من 19 صفحة بعد تحقيقات ومقابلات أجراها الفريق في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2024، بعد زيارات لدول تشاد وكينيا وأوغندا وشمل ذلك شهادات مباشرة مع نحو 182 من الناجين وأفراد أسرهم وشهود عيان، مشاورات مستفيضة مع الخبراء وأعضاء المجتمع المدني.
التقرير أوصى بفرض حظر توريد الأسلحة لطرفي الصراع بالسودان ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين.
البند السابع
ويقول الكاتب والمحلل السياسي محمد الأسباط "منذ أن فشلت مفاوضات جنيف تحدثت أكثر من مرة وأشرت إلى أن المآلات تفضي كلها في نهاية المطاف إلى وضع السودان تحت البند السابع، هذه هي المقدمات الأولية لوضع السودان تحت البند السابع وإرسال قوات أممية ابتداء تحت العنوان العريض، وهو حماية المدنيين وإيصال الإغاثة إلى المتضررين".
وأضاف الأسباط، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، "ثم تتطور المسألة فيما بعد إلى حظر الطيران والسلاح وما إلى ذلك، بالتالي من المتوقع أن يتطور هذا المسار ويتدحرج سريعا ببدء فرض حظر طيران والسلاح في دارفور، وفرض قوات أممية لحماية المدنيين وإيصال الإغاثة، وهذا هو المتوقع في مقبل الأيام".
وتعليقا على الخطوة، قال مستشار قائد قوات الدعم السريع الباشا طبيق إن توصية بعثة تقصي الحقائق بنشر قوة محايدة لحماية المدنيين في السودان "تأتي كاستجابة طبيعية لتعنت الجيش السوداني ورفضه الدخول في مفاوضات، إضافة إلى تصعيده المستمر واستهدافه المدنين".
وينفي الجيش السوداني هذه الاتهامات، يؤكد أن تحركه يأتي بهدف حماية البلاد.
وأوضح طبيق، في تغريدة عبر منصة (إكس)، أن هذه التوصية تعكس الحاجة الملحة لحماية المدنيين في ظل الظروف الراهنة.
وأشار إلى أن "الوضع الحالي يتطلب تدخلا دوليا لضمان سلامة المواطنين، وأكد أن نشر القوة المحايدة قد يؤدي إلى تغيير جذري في المشهد السياسي في السودان، ما يسهم في فرض واقع جديد قد يفضي إلى وجود حكومتين في البلاد".
ولم تتلق "العين الإخبارية" تعليقا فوريا من الجيش السوداني، حول توصية البعثة الدولية بفرض حظر توريد الأسلحة وتوسيع نطاق ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل كامل أراضي السودان، ونشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين.
نشر قوة مستقلة
وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة محمد شاندي عثمان إنه "نظرا لفشل الأطراف المتحاربة في تجنيب المدنيين، من الضروري نشر قوة مستقلة ومحايدة لها ولاية لحماية المدنيين دون تأخير".
ورأى أن حماية السكان المدنيين أمر بالغ الأهمية، ويجب على جميع الأطراف الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي ووقف جميع الهجمات على السكان المدنيين على الفور ودون قيد أو شرط.
وأشاد عثمان بالجهود المختلفة المبذولة لجلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وقال إن "شعب السودان يستحق مستقبلا يتميز بالسلام والازدهار واحترام حقوق الإنسان".
وتابع "يجب على المجتمع الدولي دعم التطلع السوداني إلى حكومة مدنية شاملة وتمثيلية تحترم حقوق جميع المواطنين، هذا الدعم ضروري لتعزيز الطريق نحو المساواة والعدالة والسلام المستدام في السودان".
وأوصى التقرير بتوسيع نطاق حظر الأسلحة القائم في دارفور عملا بقرار مجلس الأمن رقم 1556 (2004) والقرارات اللاحقة، ليشمل جميع أنحاء السودان لوقف توريد الأسلحة والذخائر وغير ذلك من أشكال الدعم اللوجستي أو المالي إلى الأطراف المتحاربة ومنع المزيد من التصعيد.
وحذر التقرير الجهات المتورطة في تقديم الأسلحة، قائلا إنهم قد يكونون متواطئين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني.
"انتهاكات"
التقرير ذكر أن الأطراف المتحاربة في السودان ارتكبت مجموعة مروعة من انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الدولية المروعة، بما في ذلك العديد منها الذي قد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ودعا التقرير السلطات السودانية إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وتسليم جميع الأشخاص المتهمين، بمن في ذلك الرئيس المعزول عمر البشير وتوسيع نطاق الولاية القضائية للمحكمة المؤسس على قرار مجلس الأمن 1593 (2005) بشأن الحالة في دارفور، لتشمل كامل أراضي السودان.
وطالب أيضا بإنشاء آلية قضائية دولية منفصلة تعمل جنبا إلى جنب ومكملة للمحكمة الجنائية الدولية.
وخلص التقرير إلى أن كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وحلفاءهما، مسؤولين عن أنماط الانتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك الهجمات العشوائية والمباشرة التي نفذت من خلال الغارات الجوية والقصف ضد المدنيين والمدارس والمستشفيات وشبكات الاتصالات وإمدادات المياه والكهرباء الحيوية.
واتهم أطراف الصراع باستهداف المدنيين والمتطوعين الذين يساعدون الناجين أو يوثقون الانتهاكات، من خلال الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والاعتقال والاحتجاز التعسفي فضلا عن التعذيب وسوء المعاملة.
وأفاد التقرير بأن هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب.
وأدى القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع الذي بدأ في العاصمة الخرطوم وانتشر في 14 ولاية من أصل 18 ولاية، إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين، وتشريد ما يزيد على عشرة ملايين داخليا وخارجيا.
وقال عضو فريق الخبراء جوي نغوزي إيزيلو "لقد عانى شعب السودان من مأساة لا يمكن تصورها، يجب إعطاء الأولوية لوقف إطلاق النار المستدام لوقف القتال وتمكين التسليم الفعال للمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لجميع المحتاجين، بغض النظر عن موقعهم".
فيما قالت العضوة في فريق الخبراء منى رشماوي في تصريحات صحفية "يجب أن تكون هذه النتائج بمثابة دعوة لاستيقاظ المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حاسمة لدعم الناجين وأسرهم والمجتمعات المتضررة ومحاسبة الجناة، إن اتباع نهج شامل للعدالة الانتقالية أمر حيوي لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع وضمان المساءلة".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.