مؤتمر باريس حول السودان.. نافذة أمل نحو خريطة الطريق
مع تصاعد وتيرة القتال بالسودان، دون أفق للحل السياسي، تستضيف العاصمة الفرنسية باريس، مؤتمرًا دوليًا لتوفير المساعدات الإنسانية.
ويلتئم المؤتمر المقرر في 15 أبريل/نيسان، برئاسة مشتركة من فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، ممثلا بمسؤول السياسة الخارجية ومفوض إدارة الأزمات.
وسبق أن نظمت فرنسا في مايو/أيار 2021، قمة دولية بمشاركة العشرات من الدول والمنظمات، تحت شعار «دعم الانتقال الديمقراطي في السودان»، بمشاركة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، ورئيس الحكومة السابق عبدالله حمدوك، لكن القمة لم تمنع انزلاق البلاد في العنف، بعد عقدها بعامين.
وتتصاعد تحذيرات المنظمات الدولية في اتساع الأزمة الإنسانية في السودان عامة، في ظل استمرار الحرب الحالية، التي توشك على دخول عامها الثاني.
3 أهداف رئيسية
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان، إن المطلوب من المؤتمر تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية؛
الأول الالتزام بتمويل الاستجابة الدولية للحاجات الإنسانية الضرورية للسودان
الثاني: إحراز تقدم في ضمان وصول المساعدات من دون عوائق.
الثالث: ضرورة ألا يطغى عدم الاستقرار في النظام الدولي على الأزمات التي تؤثر في الأفارقة، بما في ذلك السودان.
من جهته، أعرب سفير السودان لدى فرنسا خالد فرح، في تصريحات إعلامية، عن دهشته واستنكاره، غياب حكومة بلاده عن المؤتمر.
وأشار إلى أن الحكومة الفرنسية لم تدع الحكومة للمشاركة في المؤتمر، لكنها وجهت الدعوة إلى رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، عبد الله حمدوك.
الخرطوم تنتقد
بدورها، انتقدت وزارة الخارجية السودانية، انعقاد المؤتمر "دون التشاور أو التنسيق مع الحكومة السودانية وبدون مشاركتها"
بالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي، محمد الأسباط، فإنه لا يعتقد أن هناك آمالا كبيرة من وراء هذه المؤتمرات في "الاستجابة العاجلة لمواجهة المجاعة والانتهاكات التي خلفتها حرب 15 أبريل/نيسان 2023".
وأضاف الأسباط في حديثه لـ"العين الإخبارية": "صحيح أن المنظمات المعنية التي تعمل على الأرض وعلى الحدود في الأساس لديها موازنتها السنوية وإمكانياتها وقدراتها وهي تعمل وفق هذه القدرات لإيصال ما تيسر من المساعدات الإنسانية".
وتابع: "ربما يساهم المؤتمر في إعداد خارطة طريق لممارسة الضغط على طرفي الحرب لتوفير الممرات الآمنة لوصول المواد الغذائية، لكن حتى على هذا المستوى سيظل الوصول إلى المناطق الحدودية من الصعوبة بمكان".
ومضى قائلا: "وليس من المتوقع أن تكون هناك مسارات آمنة لوصول المساعدات الإغاثية والدوائية إلى المحتاجين في عمق السودان خاصة الولايات الوسطية والغرب الأوسط والجنوب الأوسط."
الأسباط قال أيضا: "لذلك لا أرى وفقا للمعطيات أن يخرج هذا المؤتمر بحل عاجل للأزمات الإنسانية الضاغطة والعاجلة، لا سيما وأن هناك ما يزيد من 60% من السودانيين دخلوا بالفعل إلى دائرة الجوع الكامل".
أوضاع معقدة
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، عباس عبد الرحمن، إن اختيار يوم 15 أبريل/نيسان لانعقاد المؤتمر، "لم يكن مجرد صدفة، بل لأنها ذكرى انطلاق الحرب، بالإضافة إلى أن الوضع الإنساني بالغ التعقيد ومثير للقلق".
وأوضح عبد الرحمن في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن "الحرب أسفرت عن كارثة إنسانية ونتائج مأساوية بالنسبة للسودانيين، خاصة وأن 27 مليون سوداني، أي ما يزيد على نصف سكان السودان، يحتاجون لمساعدات إنسانية، وما لا يقل عن 18 مليون نسمة يواجهون حالة افتقاد الأمن الغذائي".
وأضاف، "المؤتمر الإنساني فرصة كبيرة لانتشال النازحين من الجوع والمرض، وإغاثة الملهوفين المنتشرين في مناطق عديدة من السودان؛ إذ يواجه نحو 20 مليون سوداني مشكلة انعدام الأمن الغذائي في بلد كان منتجا رئيسيا للغذاء."
أسوأ أزمة في العالم
وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يشهد السودان أسوأ أزمة في العالم وأكثرها تعقيدا وشدة. ومع وجود زهاء 9 ملايين نازح داخل البلاد - نصفهم من الأطفال – وما يقرب من مليوني لاجئ في الخارج، فإن ما يقع في السودان يعتبر بالفعل أكبر أزمة نزوح في العالم.
غير أن الأسوأ لم يأت بعد، فقد أدى القتال الدائر في تعطيل موسم الزراعة في أكثر المناطق خصوبة في السودان.
وتقول الأمم المتحدة، إن نحو 25 مليونا، أي نصف عدد سكان السودان، يحتاجون لمساعدات، كما فر نحو 8 ملايين شخص من منازلهم، وقد تفتك مجاعة كارثية في الأشهر المقبلة بنحو 5 ملايين شخص.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت حوالي 13 ألفا و900 قتيل، وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة، فيما لم تتمكن جهود وساطة عربية وأفريقية من إنهاء القتال.
وفضلا عن تأثيراتها الكارثية على السودان بأكمله، فاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور بصفة خاصة، الذي يضم العديد من مخيمات النازحين، إثر تسبب الاشتباكات الناجمة عنها في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.