8 أشهر على حرب السودان.. قدم «قوات الدعم» ثابتة والجيش يبحث عن مخرج
8 أشهر تأرجحت فيها الحرب في السودان بين السخونة والجمود، والهدن الإنسانية المؤقتة والقتال المفتوح، دون أفق لنهاية قريبة أو حل سياسي.
ومع بداية الشهر الثامن للقتال، اليوم الأربعاء، أدت مكاسب تمكنت قوات الدعم السريع من تحقيقها في غرب وجنوب السودان، إلى كسر جمود على الأرض استمر لأشهر، مما عزز طموح القوات شبه العسكرية ومنحها قوة موقف في محادثات تعقد في جدة.
وتقول قوات الدعم السريع، إنها تتقدم وتخوض اشتباكات في الفاشر المكتظة بالسكان عاصمة ولاية شمال دارفور وكذلك حول قواعد للجيش في الخرطوم. وتعهدت بالوصول إلى بورتسودان على الساحل الشرقي للبلاد التي اتخذها موظفون حكوميون وبعثات دولية مقرا.
لكن هيمنة قوات الدعم السريع على منطقة دارفور التي انطلقت منها نقطة قوتها والتقدم الذي حققته في مناطق أخرى تمتد شرقا صوب العاصمة الخرطوم، تثير تكهنات باحتمال تعرض السودان لانقسام آخر بعد 12 عاما على انفصال جنوب السودان، وفق رويترز.
لكن محللين ودبلوماسيين قالوا لـ"رويترز"، إن من غير الواضح كيف ستتمكن قوات الدعم السريع من حكم منطقة منشقة.
وقال سليمان بالدو من برنامج تتبع الشفافية والسياسة السودانية إن الحكم "يعني أن تتسلم مسؤوليات الغذاء والصحة والأمن.. ما يريدون (أي ما يريده الدعم السريع) هو أن يكونوا طرفا في الاتفاق المقبل".
وفي الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي في كلمة مسجلة إن المدن الخاضعة لسيطرة قواته لا علاقة لهم بالحكومة وإن على سكان المدينة أن يختاروا.
وتعليقا على ذلك، قال السياسي البارز ياسر عمران لرويترز إن ليس هناك خطر فوري من انقسام السودان لكن لا يمكن استبعاده.
وأضاف "هناك حاجة لضغط شعبي، حشد كبير ضد هذا السيناريو".
لكن عبد الرحيم دقلو شقيق حميدتي ونائب قائد قوات الدعم السريع، قال أمس الثلاثاء إن الحديث عن انقسام البلاد ناتج عن شائعات يروجها خصوم.
تقدم عسكري
وفي منتصف أبريل/نيسان الماضي، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، بسبب خطة لدمج الأخيرة في الأول، بعد أربع سنوات من عمل الطرفين معا للإطاحة بعمر البشير خلال انتفاضة شعبية.
وتمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة سريعا على مساحات من الخرطوم وطرق إمداد إلى الغرب قبل أن تجبر الجيش تدريجيا على التقهقر عن أجزاء من منطقتي دارفور وكردفان الشاسعتين وجنوبي العاصمة، وفق رويترز.
ومنذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول، سيطرت قوات الدعم السريع على مقرات الجيش في نيالا وزالنجي والجنينة أي ثلاث من أصل خمس عواصم لولايات منطقة دارفور.
وبينما اعتمدت قوات الدعم السريع في البداية على أسلحة خفيفة ومدفعية محدودة، قال شهود في الجنينة ونيالا والخرطوم إنها استخدمت مؤخرا مزيدا من الطائرات المسيرة والمدفعية الأطول مدى.
في المقابل، قال مصدران عسكريان لـ"رويترز"، إن "الطائرات الحربية للجيش، وهي أهم ما يميزه على قوات الدعم السريع، تحتاج إلى إصلاحات وإن الجنود سئموا الهزائم المتكررة وتضاؤل الإمدادات وتأخر الرواتب". كما وصفا الانسحابات في دارفور بأنها تكتيكية وتهدف إلى إعادة تركيز الجهود على العاصمة.
ولم يرد الجيش على طلب "رويترز" للتعليق.
ودخلت قوات الدعم السريع، هذا الشهر لفترة وجيزة قلب قاعدة سلاح المدرعات في جنوب الخرطوم، وهي واحدة من أكبر قواعد الجيش، وسيطرت على قاعدة أخرى في منطقة جبل الأولياء على الرغم من أن الجيش قاوم.
وتبادل الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عن الانفجارات التي وقعت في الخرطوم الأسبوع الماضي، والتي دمرت جسر شمبات وقطعت طريق إمداد رئيسيا لقوات الدعم السريع، وأشعلت النيران في مخازن وقود كانت القوة تستخدمها في مصفاة الجيلي.
وقالت خلود خير من مؤسسة كونفلوينس أدفايزري للأبحاث لرويترز: "قوات الدعم السريع تريد السيطرة على ما يكفي من الأراضي لإعلان النصر من جانب واحد، بما يشمل دارفور بالطبع والخرطوم بالتأكيد ولكن الأهم هو بورتسودان".
أزمة إنسانية
ويقول محللون إن ما لاقاه الجيش دفعه على ما يبدو للعودة إلى محادثات وقف إطلاق النار التي تقودها الولايات المتحدة والسعودية في جدة والتي تم تعليقها في يونيو/حزيران واستؤنفت الشهر الماضي.
المحللون يقولون لـ"رويترز"، أيضا إن "قوات الدعم السريع تسعى للحصول على الشرعية في المحادثات بعد الغضب الشعبي من جرائم نهب واغتصاب واعتقالات أُلقي باللوم فيها على قواتها" بينما نفتها القوات مرارا.
وردا على طلب للتعليق، أشارت قوات الدعم السريع إلى بيانات ألقت فيها باللوم على أعدائها ومحاربين قدامى من عهد البشير في إثارة الخصومات القبلية في دارفور، وقالت إنها ستحاسب المسؤولين عن الانتهاكات.
وقال مندوبان سودانيان إن محادثات جدة تأجلت مرة أخرى مع عدم وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي بعد أن طالبت قوات الدعم السريع بإقامة نقاط تفتيش ومواقع لإضفاء الطابع الرسمي على دورها في الخرطوم مقابل مغادرة المناطق المدنية.
ويقول مراقبون إن "الجيش لا يزال يتعرض لضغوط من أنصار للبشير ومليشيات إسلامية اعتمد عليها للحصول على دعم عسكري واستخباراتي، وذلك للتخلي عن المحادثات".
وأدت الحرب إلى تفاقم أزمة إنسانية تقول تقديرات للأمم المتحدة إنها تسببت في مقتل أكثر من تسعة آلاف وتشريد أكثر من ستة ملايين من أصل 49 مليون نسمة في السودان.
وفي الجنينة بغرب دارفور يقول مراقبو حقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 1300 شخص قتلوا هذا الشهر مع تقدم قوات الدعم السريع، فيما قالت قوات الدعم السريع إنها أمرت بإجراء تحقيق.