السودان وجراح دارفور.. انحراف قبلي قد يغير بوصلة المعركة
المقاطع المصورة تكون في العادة مؤثرة على شبكات التواصل وتحصد الدعم والمشاركات، لكنها قد تكون أكثر تأثيرا في ميادين المعارك والصراعات.
هذه الخلاصة تنطبق على السودان، إذ قد يغير مقطع مصور قصير انتشر أخيرا الموازين في البلاد.
ففي ذلك المقطع يظهر زعماء قبائل عربية في دارفور وهم يدعون أتباعهم إلى الانضمام لقوات الدعم السريع وترك الجيش، ما يؤجج الصراع العرقي في هذا الإقليم الواقع في غرب السودان.
في دارفور التي تعني دار قبيلة ال"فور"، وهي اتنية غير غربية، ينشر المقاتلون المنتمون للقبائل العربية الرعب منذ زمن طويل، إذ يتهمون بمهاجمة القبائل غير العربية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية قبل عقدين.
وبعد عشرين عاما على تلك الحرب، يزداد الشرخ توسعا بين الإثنيات العربية وغير العربية ولا سيما منذ اندلاع النزاع المدمر في مطلع الربيع بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو والجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان.
ويتحدث الكثير من سكان غرب دارفور عن قيام وحدات من القبائل العربية بـ"إعدام" مدنيين لمجرد أنهم ينتمون إلى قبيلة المساليت غير العربية.
فيما يندد الناشطون بحملة اغتيالات تطال أشخاصا من قبيلة المساليت في معقلهم وهو مدينة الجنينة، بحسب ما ذكرته وكالة فرانس برس، التي قالت إن المعارك انتقلت الآن إلى جنوب دارفور خصوصا في العاصمة نيالا، ثاني أكبر مدن السودان.
"تقسيم دارفور"
في تلك الولاية، دعا زعماء أكبر سبع قبائل عربية في المنطقة جميع أفراد قبائلهم إلى الانضمام لقوات الدعم السريع، مطالبين خصوصا المنخرطين في صفوف الجيش بتركه للانتقال إلى المعسكر الآخر.
ويرى عبدالمنعم كاديبو، صحفي مستقل من دارفور، أن هذه الدعوة "ستؤدي إلى تقسيم جنوب دارفور إلى عرب وغير عرب كما حدث في الجنينة".
لكن آدم مهدي، المحلل السياسي المتخصص في شؤون دارفور، يشير في حديث لـ"فرانس برس" إلى أن القبائل العربية "هي التي تسيطر على جنوب دارفور لأن غالبية السكان ينتمون إليها".
وحتى الآن لم يعلن عن أي تمرد لعناصر من الجيش في جنوب دارفور، لكن ينتمي الكثير من ضباط الجيش إلى قبيلة الرزيقات وهي قبيلة دقلو، ويظهر زعيما هاتين القبيلتين في الفيديو الذي بُث الإثنين.
ويقول مهدي لوكالة "فرانس برس" إن الجيش قد يجد نفسه في مواجهة جبهة واسعة ومتحدة "يمكنها أن تطرده من جنوب دارفور، حيث سقطت بالفعل معظم قواعده".
ويتابع أن رد الفعل ربما يكون في هذه الحالة "تسليح القبائل الأخرى (المناوئة) لتخوض حربا بالوكالة".
"أبناء أعمامنا"
غير أن مصدرا في الجيش يرى أن هذا السيناريو مبالغ فيه، ويقول، طالبا عدم كشف هويته، إن قوات الدعم السريع التي سارعت بالترحيب بفيديو زعماء القبائل "تبحث عن فرقعة إعلامية" .
ويضيف لـ"فرانس برس"، أن زعماء القبائل يفضلون "مصالحهم الخاصة"، وهي في الوقت الراهن تتلاقى مع مصالح الفريق محمد حمدان.
وفي جنوب وشرق دارفور حيث تشكل القبائل العربية الغالبية، انضم مقاتلون قبليون بالفعل إلى قوات الدعم السريع، بحسب ما قال لوكالة "فرانس برس" الكثير من سكان هاتين الولايتين.
وينتمي آدم عيسى بشارة، أحد هؤلاء المتطوعين، إلى قبيلة الرزيقات ويستعد للذهاب إلى الخرطوم للقتال مع قوات الدعم السريع.
ويقول "سنذهب لنقاتل مع أبناء أعمامنا لن نتركهم لوحدهم".
وقبل الحرب، كان الطرفان يحاولان استمالة أهالي دارفور، وكان جهاز المخابرات التابع للجيش ينشط لجذب أعضاء من هذه المنطقة.
وجاء الفيديو الأخير لزعماء القبائل "من أجل قطع الطريق على الجيش وإعلان الولاء بشكل واضح"، وفق مهدي.
ومن شأن انضمام هؤلاء المتطوعين، تدعيم وتقوية قوات الدعم السريع التي لا تعلن عن خسائر ولكنها تتعرض لقصف جوي متواصل من قبل الجيش، وفق الوكالة ذاتها.
aXA6IDMuMTQyLjIxMC4xNzMg جزيرة ام اند امز