السودان.. حاميات الجيش تتداعى و«العين الإخبارية» ترصد تمدد الصراع
تمددت رقعة الحرب في السودان، وانزلقت البلاد إلى المجهول، إثر حدوث اشتباكات في مناطق جديدة وسقوط حاميات عسكرية بأيدي الدعم السريع.
واستيقظ سكان مدينة "ود مدني"، حاضرة ولاية الجزيرة (وسط) لليوم الثاني على التوالي، على أصوات الرصاص ودوي المدافع، وتحليق الطيران الحربي، ما أدى إلى نشر الذعر والخوف في صفوف المواطنين.
وأفادت مصادر عسكرية "العين الإخبارية" بـ"اقتحام قوات الدعم السريع مقر الاحتياطي المركزي شرقي مدينة ود مدني، وتصاعد ألسنة اللهب والدخان من الموقع".
ووفقا للمصادر، فإن قوات الجيش السوداني اشتبكت مع عناصر تتبع قوات "الدعم السريع" داخل المدينة، ما أدى إلى إغلاق المحلات التجارية والمطاعم وبقية المؤسسات الحكومية.
وطالبت المصادر العسكرية المواطنين في ود مدني بالابتعاد عن الوحدات العسكرية والاحتماء بالأسقف الأسمنتية والابتعاد عن النوافذ وعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى.
كما أفاد شهود عيان "العين الإخبارية" بأن الرصاص الطائش أصبح يتساقط على بعض أحياء مدينة ود مدني المحازية للنيل من الناحية الغربية، ومقتل وإصابة عدد من المواطنين.
المصادر قالت أيضا إن هناك حالات نزوح كبيرة من شرق النيل عبر كوبري "حنتوب" إلى داخل ود مدني، التي تشهد ذاتها موجة نزوح أكبر إلى خارج المدينة.
وحسب المصادر، فإن الفوضى بدأت تضرب مدينة ود مدني، وحدثت حالات سرقة ونهب من مجموعات إجرامية بسوق المدينة.
وأكدت المصادر أن الجيش السوداني انتشر في الأحياء الشرقية لتأمين الشوارع المؤدية إلى كوبري حنتوب، ويوجد بأعداد كبيرة في قيادة الأولى مشاة ومدخل كوبري "حنتوب".
فيما أفاد شهود عيان "العين الإخبارية" بأن قوات "الدعم السريع" وصلت إلى مدينة ود مدني عبر محورين، وهما طرق الأسفلت الشرقية والغربية للنيل الأزرق.
ويقول المواطن أحمد عبدالله، لـ"العين الإخبارية"، "قوات الدعم السريع سيطرت على مناطق شرق ولاية الجزيرة، وحتى منطقة الهلالية بولاية الجزيرة".
وتابع عبدالله، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن قوات الدعم السريع وصلت المدينة بعربات قتالية مجهزة بأسلحة ثقيلة وخفيفة.
وأضاف "بدأ موجة نزوح جديدة إلى القرى المجاورة وولاية سنار جنوبا، وتضاعفت أسعار تذاكر الحافلات".
الموقع الجغرافي
مدينة ود مدني تقع في وسط السودان على ارتفاع 409 أمتار فوق سطح البحر، على ضفة النيل الأزرق الغربية بمشروع الجزيرة الزراعي الشهير، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 186 كيلومترا (115 ميلا) جنوبا، وتعد إحدى المدن السودانية الكبيرة، وهي أيضا عاصمة ولاية الجزيرة.
وتمتاز المدينة بأنها نقطة الالتقاء الرئيسية لشبكة الطرق التي تربط مناطق السودان المختلفة بالخرطوم وميناء بورتسودان.
وترتبط مدينة ود مدني بشبكة من الطرق البرية الممهدة ببقية مدن السودان، أهمها الطريق الذي يربطها بالخرطوم والبالغ طوله 184 كيلومترا وطريق مدني-سنار وطوله 110 كيلومترات.
وكذلك الطريق الرئيسي السريع الذي يربطها بميناء بورتسودان عبر مدينتي القضارف وكسلا وبميناء سواكن، بمسافة قدرها حوالي 950 كيلومترا، والذي يعتبر من أهم وأطول الطرق في السودان.
وتُعتبر ود مدني أكبر مستقبل للنازحين من العاصمة الخرطوم، لقرب موقعها الجغرافي وتوفر الخدمات.
ونقل عدد كبير من التجار والشركات وأصحاب الأنشطة الاقتصادية أعمالهم إلى المدينة بعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان الماضي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الطلب على العقارات السكنية والتجارية.
حظر التجوال
ومع تصاعد الأزمة أصدر والي الجزيرة المكلف الطاهر إبراهيم أمر طوارئ، (ليل الجمعة) بفرض حظر التجوال في عموم الولاية بدءاً من السادسة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي.
وأمر مرسوم الوالي بحظر التجمعات كافة وإغلاق المحال التجارية من السادسة مساء وحتى السادسة صباحا، على أن يستثنى من ذلك الكوادر الصحية وسيارات الإسعاف.
وفوض الأمر القوات والأجهزة النظامية الأخرى بتنفيذ القرار بالحجز على وسائل النقل التي يشتبه بها في مخالفة أوامر الطوارئ حتى إكمال التحري والمحاكمة، علاوة على منح الأجهزة النظامية سلطات حظر أو تنظيم حركة الأشخاص أو نشاطهم ووسائل النقل داخل دائرة الاختصاص.
وحدد القرار عقوبات للمخالفين تشمل السجن مدة لا تتجاوز الست أشهر، والغرامة التي لا تتجاوز مليون جنيه.
تحذيرات أممية
ومع تصاعد وتيرة القتال، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث عبر تغريدة على منصة (إكس): "اشتباكات ولاية الجزيرة بالسودان تهدد حياة عشرات الآلاف من النازحين".
كما قالت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، عبر تغريدة علة منصة (إكس)، "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بوقوع هجمات شنتها قوات الدعم السريع على ود مدني في السودان، حيث لجأ الآلاف من الحرب".
وتابعت "أحث قوات الدعم السريع على الامتناع عن شن الهجمات، وأحث جميع الأطراف على حماية المدنيين بأي ثمن، وسيتم محاسبة مرتكبي الإرهاب".
أوضاع الولايات
ومع استمرار العنف تعيش مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور أوضاعا قاسية، إثر انتشار قوات "الدعم السريع" في محيط المدينة من أجل السيطرة عليها.
وذكرت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، "مناوشات من قبل قوات الدعم السريع، منذ الصباح الباكر في الاتجاه الشمالي والشرقي للفاشر، وتجددت الآن أصوات الذخيرة الثقيلة والخفيفة في الاتجاه الشمالي للفاشر".
وخلال الأسابيع الماضية سيطرت قوات "الدعم السريع" بشكل كامل على مدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دافور، ومدينة زالنجي، حاضرة ولاية وسط دارفور، ومدينة الجنينة، حاضرة ولاية غرب دافور.
وسيطرت قوات الدعم السريع أيضا على مدينة الضعين، حاضرة ولاية شرق دارفور، وتبقى لها فقط مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، لتحكم سيطرتها بشكل كلي على كامل إقليم دارفور.
كما أفاد مصادر عسكرية "العين الإخبارية" بسقوط حامية "الإضية" بولاية غرب كردفان، تحت قبضة الدعم السريع.
والأضية مدينة بولاية غرب كردفان في السودان تقع على ارتفاع 530 مترا ( 1.148 قدم) فوق سطح البحر وتبعد عن العاصمة الخرطوم 611 كيلومترا (379.37 ميل) وعن مدينة الأبيض (مدينة) 253 كيلومترا (156 ميلا) وتعتبر سلة غذاء المنطقة الغربية من الولاية لوفرة المحاصيل الزراعية بما فيها الخضراوات بأنواعها المختلفة.
وتسعى قوات "الدعم السريع" للسيطرة على ولاية غرب كردفان بكل محلياتها، التي تضم: السلام، النهود، غبيش، ود بندا، أبوزبد، الخوي، المجلد، بابنوسة، كيلك، لقاوة، الميرم، السنوط، وأبيي.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يشهد السودان حربا بين الجيش و"الدعم السريع" خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.