وزير سوداني سابق لـ«العين الإخبارية»: 3 أهداف وراء الحرب ونخشى السيناريو المرعب
مع دخول الأزمة السودانية عامها الثاني، تبدو تداعياتها أكثر وطأة، وسط تحذيرات من أنها قد "تطول المنطقة بأكملها" حال الدخول في حرب أهلية.
هكذا يرى حمزة بلول الأمير، القيادي بحزب "التجمع الاتحادي"، وزير الإعلام السوداني السابق، صورة الأزمة الراهنة وتجلياتها في المستقبل، في مقابلة مع "العين الإخبارية".
ووفق المسؤول السوداني السابق فإن "استمرار الحرب يهدد وحدة السودان بشكل مباشر، حيث يفتح الطريق أمام اندلاع حرب أهلية بدأ التحشيد الإعلامي لها من قبل الطرفين".
وأضاف: "بالتالي يصعب أو ربما يستحيل وقفها لاحقا بقرار من قيادة الجيش أو الدعم السريع"، مضيفا: "يعايش الشعب السوداني بشكل يومي الانتهاكات من قبل مجموعات عقائدية تتبع للجيش؛ بجانب تجاوزات قوات الحركات المسلحة المتعاونة مع الجيش".
وتابع: "وفي جانب الدعم السريع؛ بدأ واضحا فقدانه للسيطرة على مجموعات متحالفة معه في دارفور والآن في الجزيرة؛ ويمكن القول إن استمرار الحرب يمكن أن يفجر الإقليم بكامله".
حرب مصنوعة
الأمير قال أيضا، إن "الحرب الجارية اليوم في السودان هي حرب مصنوعة بامتياز، تم الإعداد لها داخل مؤسسات الحركة الإسلامية السودانية التي كانت تحكمت في البلاد طيلة ثلاثة عقود قبل الثورة؛ وعادت مرة أخرى للنشاط بعد انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021"، الذي أطاح بالحكومة المدنية.
ومضى قائلا "بالتالي إذا أردنا إيقاف هذه الحرب لا بد من المعرفة الحقيقية بالأهداف التي تم من أجلها تم إشعال الحرب، وتحديد الجهات صاحبة المصلحة في استمرارها".
وأضاف: "في تقديري هدف الحرب الأساسي هو عودة الإسلاميين للحكم؛ وطي صفحة الثورة؛ وإيقاف أي تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية يفضي إلى تسليم الرئيس المخلوع وبقية المتهمين للجنائية".
وتطالب المحكمة الدولية الخرطوم بتسليم 4 متهمين، وهم: الرئيس السابق، عمر البشير (77 عاما)، ووالي شمال كردفان السابق، أحمد محمد هارون (56 عاما)، ووزير الدفاع السابق، عبد الرحيم محمد حسين (72 عاما)، وعبد الله بندة (58 عاما) أحد قادة المتمردين في دارفور.
خطر المجموعات الإرهابية
الوزير السابق مضى موضحا "وعليه لا بد للقوى السياسية المدنية أن توضح للشعب والمجتمع الدولي مخاطر هذه الحرب على السودان والمنطقة؛ فاستمرارها يفتح البلاد أمام المجموعات الإرهابية الدولية التي يتواجد عناصرها داخل السودان بعد مغادرتهم للسجون في بداية المعارك."
وزاد: "تمدد هذه الحرب يمكن أن يفجر منطقة البحر الأحمر مما يؤثر على مسار التجارة الدولية بشكل كبير؛ هذا غير الضغط الأمني والاقتصادي على دول الجوار، لذا لابد للعالم من التعاطي الإيجابي والفعَّال مع دعوات إيقافها التي تتنامى بشكل يومي في أوساط الشعب السوداني وتتطابق بشكل كبير مع آراء الخبراء في الشؤون العسكرية والسياسية حول مخاطر هذه الحرب المنسية".
مسار وقف الحرب، بحسب الأمير، "يرتبط بشكل وثيق بالعمل المشترك بين القوى المحلية والدولية للضغط على طرفيها للذهاب إلى طاولة التفاوض، التي من المقرر أن تشمل مجموعة المنامة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد لتتكامل المبادرات تمهيدا للمعالجة الشاملة لجذور الأزمة السودانية".
وخلال الفترة من (6 -8) يناير/كانون الثاني الماضي، أجرى كل من نائب القائد العام للجيش، الفريق أول شمس الدين كباشي، والقائد الثاني لقوات "الدعم السريع"، الفريق عبد الرحيم دقلو، مفاوضات في العاصمة البحرينية (المنامة)، انتهت بتوقيع اتفاق من 22 بندا.
ونص الاتفاق الذي تضمن 22 بندا، على تكوين جيش وطني مع "الدعم السريع"، والقبض على المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتفكيك نظام الإسلاميين الذي حكم البلاد في العقود الثلاثة الماضية.
كما أسفرت محادثات برعاية سعودية أمريكية، بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في 11 مايو/ أيار الماضي، عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقع خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين، ما دفع الرياض وواشنطن تعليق المفاوضات.
جهود القوى المدنية
وحول جهود القوى المدنية، قال الأمير، إن "تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، تُعبر عن أوسع طيف رافض للحرب من القوى السياسية والنقابية ولجان المقاومة والقوى المدنية؛ وهي تعمل منذ التأسيس، بجهد كبير من أجل إيقاف هذه الحرب".
موضحا "نحن في التجمع الاتحادي نشارك بفاعلية مع كل الجهات المنتظمة في تنسيقية (تقدم) من أجل تحقيق هذا الهدف والعودة بالبلاد إلى مسار التحول الديمقراطي؛ ولدى (تقدم) ناطق رسمي باسمها في القضايا التي تخص أنشطة التنسيقية؛ ولكن نحن كجزء من مكونات تقدم لدينا تفاؤل كبير بنجاح مساعي وقف الحرب في مفاوضات جدة المقبلة".
وأضاف: "أول شواهد هذا النجاح هو توحيد المنابر التي كان تعددها يشكل عائقا أمام الوصول لاتفاق نهائي، ومن المهم أن نشدد على ضرورة الضغط من قبل الجميع على عدم وجود أي دور سياسي لطرفي الحرب في المرحلة المقبلة".
الدعاية المحرضة
وتطرق الوزير السابق إلى "التخصص القديم"، حين قال إن "الإعلام يُشكل أحد أشد الأسلحة فتكا في هذه الحرب؛ ولعل ضعف تأثير خطاب القوى المدنية الرافضة للحرب على الأرض ناتج بشكل أساسي عن ضعف قدرتها الإعلامية، حيث تعتمد بشكل أساسي على الظهور في منصات وقنوات إعلامية إقليمية لم تضع السودان على صدارة أجندتها، وغابت تماما بعد اندلاع الحرب في غزة".
وتابع "من خلال متابعة نشاط المؤسسات الإعلامية للطرفين المتحاربين يكشف مدى الخطورة التي تشكلها الدعاية المحرضة لمكونات المجتمع ضد بعضها البعض، لهذا لابد للقوى المحلية والدولية من مضاعفة الجهود الإعلامية التوعوية لإحباط دعوات التحشيد العنصري التي يبثها الإعلام المحسوب على الطرفين"."
وأضاف: "بجانب تكثيف دعوات وقف الحرب ومكافحة خطاب الكراهية، لابد من تشجيع ودعم المؤسسات الإعلامية السودانية الداعية للسلام؛ وتركيز الحملات الإعلامية على التنبيه لخطورة خطاب الكراهية المستشري حاليا، كما يجب على الشبكات الإعلامية الإقليمية والدولية زيادة مساحة التغطية لانعكاسات الحرب على الشعب السوداني بشكل مهني يسهم في التوعية بمخاطر نفتت الوحدة الوطنية".
مخاوف التشظي
المسؤول السوداني السابق أكد أن "وحدة البلاد أمام اختبار صعب بسبب مسار هذه الحرب المتجه كليا نحو تشظي البلاد على نحو جهوي؛ لذا يجب أن تتضاعف الجهود لإيقاف هذه الحرب أولا، ومن ثم العمل على ترميم النسيج المجتمعي من خلال أنشطة مكثفة لمنظمات المجتمع المحلي سياسية واجتماعية بهدف كشف مخططات تقسيم البلاد للشعب والعالم".
وأضاف: "أعتقد أن هناك أعباء كبيرة ملقاة على عاتق القوى السياسية والمدنية السودانية في هذه المرحلة والمستقبل المنظور مما يستوجب منها حشد طاقاتها وتهيئة المجتمع للتوحد من أجل وقف سيطرة دعاة الحرب على المشهد؛ وتكثيف النشاط الداعي للسلام وسط المجتمعات المتأثرة بالنزاع".
ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 14 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
aXA6IDE4LjE5MS4xNjUuMTkyIA== جزيرة ام اند امز