خبراء لـ"العين الإخبارية": الأزمة السياسية تدفع اقتصاد السودان للهاوية
تداعيات اقتصادية سلبية خلفتها الأزمة السياسية الطاحنة التي يعيشها السودان منذ عدة أشهر، أبرزها التراجع المستمر في مستوى المعيشة.
وبات التصاعد المستمر لأسعار السلع والخدمات الهاجس الأكبر الذي يؤرق الكثيرين في السودان خاصة الشرائح الضعيفة التي سحقتها أمواج الغلاء الساحقة، وفق توصيف خبراء.
وبحسب تقديرات غير رسمية، فإن أسعار غالبية السلع الاستهلاكية في السودان ارتفعت بنحو 50% خلال الشهرين الماضيين، ما ألقى بأعباء كبيرة على المواطنين.
ويصاحب ذلك حالة من الركود الحاد المهدد للاقتصاد وتوقف لكثير من الأعمال، وهو ما يصب في مزيد من التدهور في الوضع الاقتصادي.
ويرى خبراء أن معالجة الأزمة الاقتصادية بحاجة الى المسارعة في إنهاء المشكلة السياسية فمن دون وفاق سياسي بين المكونات لن ينصلح الحال المعيشي، حسب تقديرهم.
وأجاز مجلس الوزراء السوداني الأسبوع الماضي ميزانية الدولة للعام 2022 التي خلت لأول مرة من الدعم الخارجي واعتمدت على الموارد الذاتية من جمارك وضرائب.
كانت بعض الدول الغربية قد أوقف مساعدات مليارية إلى السودان على خلفية قرارات قائد الجيش الصادرة في يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي قضت بإقالة لحكومة وفرض حال الطواري في البلاد وتجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية، راهنة استئناف الدعم بعودة مسار الانتقال المدني الديمقراطي.
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير إن الحالة الأمنية والسياسية أثرت بشكل كبير على الوضع الاقتصادي وانعكس ذلك سلباً على معاش المواطنين وبخاصة محدودي الدخل.
ووصف الناير في حديثه لـ"العين الإخبارية" الموقف الاقتصادي في البلاد بالخطير كونه يسير نحو الهاوية، إذ اعتمدت الميزانية على الضرائب ورفع الدعم، والرسوم الجبائية التعسفية التي سيتضرر منها المواطن العادي بشكل كبير لأنها ستقود إلى مزيد من التصاعد في أسعار السلع.
وأشار الى مواصلة التدرج في خفض الدعم الموجه للسلع الاستراتيجية والمحروقات والكهرباء في ميزانية العام الجاري، في ظل ضعف الرواتب سوف تؤدي هذه السياسات الى مزيد معاناة المواطنين، دون أن هدف الإصلاح.
وطبق السودان العام الماضي، روشتة إصلاح اقتصادي بإشراف صندوق النقد الدولي حيث اعتمد رفع الدعم تدريجيا عن الوقود والكهرباء وتحرير سعر الصرف، مع اعتماد برنامج للدعم الاجتماعي المباشر للشرائح الضعيفة.
وقال الخبير الاقتصادي محمد الناير" إن المضي قدما في التدابير التقشفية في ظل تقارير تتحدث عن توقف برنامج الدعم الاجتماعي للأسر "ثمرات" سيكون ذلك بمثابة سحق للشرائح الضعيفة التي لن تحتمل كل هذه الأعباء والغلاء.
ورأى ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة لسد الفراغ الحاصل في البلاد وحتى تتمكن من وضع سياسات تعيد التوزان الاقتصادي واستئناف الدعم الدولي للسودان.
أما الخبير الاقتصادي عبدالعزيز المهل فيرى أن ما تعانيه البلاد حالياً من تراجع في الوضع الاقتصادي لم يكن وليد الأزمة السياسية التي اندلعت في البلاد قبل شهرين وإنما نتاج طبيعي لفشل الحكومة الانتقالية التي تولت السلطة بعد سقوط الإخوان والتي انشغلت بالمحاصصات الحزبية وتجاهلت معاش المواطنين.
وقال المهل في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن "المواطن العادي بدأ يختنق من الوضع الاقتصادي الراهن في ظل عدم وجود أي نية حقيقية للحكومة السودانية بوضع حلول وخطط إسعافية بالتزامن مع توقف الدعم الدولي".
وأشار إلى أن ميزانية العام الجاري تعتمد على الجبايات الشيء الذي سينعكس سلباً على حياة الناس، خاصة بعد توقف عجلة الإنتاج جراء الإغلاق المستمر للطرق الاستراتيجية.
وأضاف، 2022 فرضت جبايات ورسوم حتى على القطاع الزراعي"، وأكد أن مشروع الجزيرة "مشروع زراعي استراتيجي" يعاني حاليا من ضعف انسياب المياه وزيادة في تعرفة الإمداد الكهربائي والذي كان من الأولى أن تقوم بدعمه الحكومة السودانية كونه من أهم المشاريع والذي يعتمد عليه في التصدير والاكتفاء الذاتي.
- "إيجاد" تبحث مع فرقاء السودان حلحلة الأزمة والخرطوم ترحب
- زيادة الرواتب بالسودان.. ارتفاع "وهمي" في موازنة "غامضة"
فيما أشار الخبير الاقتصادي أحمد خليل إلى توقف برامج الدعم الدولي التي كان مقدر لها أن تكون في غضون أيام قبل بداية العام الجاري الشي الذي سوف يعمق الأزمة.
وقال خليل في حديث لـ"العين الإخبارية"، "السودان قام بتنفيذ كافة البرامج المقدمة من صندوق النقد الدولي ونجح فيها بنسبة ٩٠٪ وهاك التزامات دولية يجب على صندوق النقد الوفاء بها".
ونبه إلى أن السودان اتبع سياسات قاسية أثرت بشكل واضح على معاش الناس وكان لا بد من برامج مصاحبة لهذه القرارات مثل برنامج ثمرات، كما أشار إلى توقف ١٧مشروعا لتطوير وتأهيل البنية التحتية بالبلاد.
ويعيش السودان أزمة سياسية طاحنة ألقت بظلال اقتصادية سالبة وذلك منذ قرارات قائد الجيش الصادرة في يوم 25 أكتوبر الماضي، وقضت بإقالة الحكومة وفرض حال الطواري في البلاد وتجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية.
ومنذ ذلك الحين، تنتظم البلاد حركة احتجاجات شعبية واسعة، تطالب بالحكم المدني والقصاص لشهداء الثورة، متمسكة بثلاث لاءات "لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية".
وتقول لجنة أطباء السودان المركزية (أهلية غير حكومية) إن 79 شخصا قتلوا برصاص القوات الأمنية منذ قرارات قائد الجيش الصادرة في يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بينما لا توجد إحصائية من الجهات الحكومية.
aXA6IDMuMTQ1LjM3LjIxOSA= جزيرة ام اند امز