السودان.. خيوط المعارك تتمدد وضيف جديد يدخل على خط النار
رغم حديث طرفي الصراع عن آمال في حل سياسي إلا أن الأوضاع على الأرض بالسودان على النقيض تماماً، فالمعارك تتسع إلى مناطق جديدة، وسط أوضاع إنسانية أكثر تدهوراً.
ومع دخول الأزمة شهرها الخامس تزداد المخاوف من دخول البلاد إلى حرب أهلية، في ظل انضمام حركات جديدة للقتال الدائر، وكذلك توسع دائرة المعارك، فبعدما كانت تتركز في العاصمة وما حولها ودارفور، دخلت مناطق جديدة في النيل الأزرق وكردفان والجزيرة.
ووفق إحصاءات غير رسمية فإنه منذ اندلاع الأزمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان الماضي، قتل أكثر من 4 آلاف شخص ونزح نحو 4 ملايين سوداني، وسط خسائر هائلة في البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة، في بلد يعاني بالأساس من أزمة اقتصادية كبيرة.
مناطق جديدة
وخلال اليومين الماضيين، دخلت بعض المناطق الجديدة في الصراع الذي كان يتركز في العاصمة ومحيطها، حيث شهدت بعض المدن بولاية الجزيرة هجمات مسلحة أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين، فضلا عن بعض الهجمات في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، والفولة، عاصمة ولاية غرب كردفان.
وفي مدينة الأبيض قال الجيش السوداني إن قوة من الفرقة الخامسة مشاة تصدت لهجوم شنته قوات الدعم السريع.
وبحسب المتحدث باسم الجيش نبيل عبدالله فإن عناصر الجيش تصدت لهجوم من قوات "الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو في مدينة كادقلي حاضرة جنوب كردفان.
ولليوم التاسع على التوالي، تشتد المواجهات بين الجانبين في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، حيث قصف الطيران الحربي التابع للجيش لأول مرة مواقع الدعم السريع.
"تمازج" تنضم لقوات الدعم
وفي خطوة قد تغير الأوضاع على الأرض، أعلنت حركة "تمازج"، الخميس، انضمام عناصرها إلى قوات الدعم السريع في المعارك التي تقودها ضد الجيش السوداني، فيما اتهمت "فلول" النظام السابق بـ"اختطاف القوات المسلحة".
وتمازج تعد إحدى الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في 2020.
وفي بيان نقلته وسائل إعلام محلية، وجه رئيس "تمازج" محمد علي قرشي جميع قوات الحركة الممتدة على نطاق الشريط الحدودي في إقليمي دارفور وكردفان وبقية مناطق السودان بالتوجه الفوري إلى معسكرات وارتكازات قوات الدعم السريع، وفق خطوات وتوجيهات ميدانية تم ترتيبها من قبل الحركة.
وقال إن "التحركات العلنية لرموز النظام البائد بالتزامن مع التصريحات التي أطلقتها بعض القيادات في القوات المسلحة تؤكد بما لا يدع مجال للشك أن هناك طرفا ثالثا يدير الحرب، وأن القتال جاء بقرار سياسي يقف خلفه رموز النظام السابق وأذيالهم مما يستوجب الحسم الفوري بكافة السبل والوسائل".
مبادرة مرفوضة
وبعد ساعات من مبادرة مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان لإنهاء الأزمة في البلاد، عبر وقف إطلاق النار تمهيدا لحوار شامل ومرحلة انتقالية، جاء الرفض سريعا من قبل قوات الدعم السريع، التي قالت إنها لا تعترف بسلطة ماك عقار.
وقال المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع يوسف عزت، في مقابلة متلفزة، إن قوات الدعم لا تعترف بسلطة عقار، مؤكدا التزامهم بمنبر جدة والمبادرة الأمريكية السعودية.
وفي خطاب له الثلاثاء، أعلن مالك عقار عن خريطة طريق تقوم على وقف فوري للقتال وتدشين حوار شامل يؤسس لمرحلة انتقالية، وتشرف السلطة التنفيذية على تنفيذ خريطة طريق لإنهاء الأزمة الحالية.
وأضاف أن خريطة الطريق هي الخطوة الأولى التي ستؤدي إلى إجراء انتخابات ديمقراطية في البلاد، مشيرا إلى أن عملية سياسية شاملة ستعقب إنجاز خريطة الطريق وتضم جميع القوى السياسية المدنية المهتمة بتأسيس الدولة السودانية.
وأضاف أن الوضع "يحتم علينا تشكيل حكومة لتسيير شؤون الدولة"، وأن الفترة التأسيسية التي تعقب الحرب ستخصص لإعادة الإعمار وبناء المؤسسات، داعيا قوات الدعم السريع للنظر بعين المسؤولية إلى التطورات الحاصلة في البلاد.
ناقوس الخطر
ومع دخول المعارك شهرها الخامس دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر، حيث قدرت أن عدد القتلى تجاوز 3 آلاف أغلبيتهم من المدنيين، إضافة إلى أكثر من 6 ملايين سوداني باتوا على حافة المجاعة.
كما حذر عضو مجلس السيادة السابق، والقيادي في قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي محمد الفكي من خطورة الوضع الإنساني بالسودان مع دخول الحرب شهرها الخامس، مطالبا بإنهاء معاناة الشعب السوداني.
من جانبه، أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، اليوم الخميس، أن 19 عامل إغاثة قتلوا بالسودان منذ بدء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان الماضي.
وقال بيان للمكتب إنه "منذ اندلاع الصراع في جميع أنحاء السودان منتصف أبريل/نيسان، أصبحت البلاد من أكثر الأماكن خطورةً وصعوبةً على العاملين في المجال الإنساني، إذ قُتل 19 من عمال الإغاثة في 17 هجوماً هذا العام وحده".
ويتبادل الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.