الفولة السودانية.. حزام الصمغ العربي لا يجبر صدوع الحرب
لقرون ظلت أشجار "الهشاب" تشكل أحزمة تحمي مزارع الفلاحين والرعاة في ولاية غرب كردفان، وتوفر الصمغ العربي الشهير.
لكن على ما يبدو خذلت الحرب السودانية الأشجار التي منحت السودان شهرته، وامتد الصراع الدموي في البلد الأفريقي إلى غرب كردفان، التي ظلت لشهور بمنأى عن نفق الأزمة التي تفجرت في أبريل/نيسان من العام الماضي.
وتمكنت قوات "الدعم السريع" نهاية الأسبوع الجاري من بسط سيطرتها على مدينة "الفولة" حاضرة ولاية غرب كردفان، وسط تساقط القذائف على مركز المدينة.
ودارت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" داخل المدينة باستخدام جميع الأسلحة الثقيلة والخفيفة، ما أصاب السكان بالخوف والهلع.
وحسب المصادر، فإن قوات "الدعم السريع" سيطرت على مقر اللواء (91) مشاة التابع للفرقة 22 مشاة بالمنطقة.
في هذه الأثناء، تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو تعلن فيه قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر أمانة الحكومة والحامية العسكرية بالمدينة.
أهمية الفولة
وبخلاف القيمة الرمزية لولاية غرب كردفان، يعتقد مراقبون أن السيطرة على الفولة الواقعة في وسط الولاية تمنح قوات الدعم السريع القدرة على مهاجمة مدن أخرى في الولاية التي تتكون من خمس عشرة محلية.
كما أن السيطرة على المدينة من شأنها أيضا أن تؤمن خطوط الإمداد القادمة من إقليم دارفور، وتضع بذلك قوات الدعم السريع يدها كذلك على خطوط الأنابيب الناقلة لبترول دولة جنوب السودان للتصدير عبر ميناء بشائر بالبحر الأحمر.
وتكمن أهمية الفولة كذلك، في كونها تمثل خط الدفاع الأول عن حقول نفط السودان التي تتركز في الجزء الجنوبي الغربي من ولاية غرب كردفان، في مناطق هجليج وبليلة وغيرها.
ويمكن لقوات الدعم السريع إذا ما أرادت من خلال السيطرة على الفولة منع تشغيل الخط الناقل من حقول النفط إلى الشمال وموانئ التصدير، واستخدام مطار الفولة لدعم قدراتها اللوجستية.
وتقع جل مساحة ولاية غرب كردفان داخل حزام الصمغ العربي، الذي يمتد في مساحة الأراضي الرملية البالغة نحو 15 مليون فدان، إذ يمارس السكان نشاطهم الزراعي والرعوي، بالإضافة لتربية الأشجار المنتجة للصمغ العربي، فيما تقدر المساحة التي تغطيها أشجار الهشاب بالإضافة للمساحة المتاحة للتوسع بها داخل الحزام 10 ملايين فدان.
وتستضيف الفولة أعدادا كبيرة من النازحين، إذ فر عشرات الآلاف من مدينة "بابنوسة" المتاخمة، جراء الاشتباكات المستمرة ومحاولات "الدعم السريع" السيطرة على الفرقة (22).
وتعد غرب كردفان من أكثر ولايات السودان إنتاجاً للأصماغ الطبيعية خاصة الصمغ العربي لما تتمتع به من انتشار واسع لأشجار الهشاب في الشمال وأشجار الطلح في الجنوب وأشجار الطرق المنتجة لصمغ اللبان في المناطق الجبلية في الجنوب الشرقي من الولاية.
ولسنوات كان الاهتمام بتعمير حزام الصمغ العربي بالولاية يثمر استقرارا للمواطنين وذلك لما يوفر من الحفاظ على التربة من عوامل التعرية والانجراف وتقليل حدة التغيرات المناخية، ما يؤدي لزيادة الإنتاج في المزروعات والإنتاج الحيواني وتحقيق الاستقرار للمجتمعات الرعوية.
وتحت وطأة المعارك يبدو أن فرص حزام الصمغ العربي تتراجع مفسحة الطريق أمام تصدع البلاد مع تمترس طرفا النزاع خلف مواقفهما المسبقة.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTkuNjcg
جزيرة ام اند امز