أسبوع السودان.. توافق يحبط رهان "الإخوان" على توترات "التطبيع"
الأسبوع الماضي شهد حراكا ألمانيا داعما للحكومة الانتقالية في السودان، حيث دعت ميركل حمدوك للمشاركة في مؤتمر ميونيخ للمناخ
سيطر اللقاء المفاجئ بين رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على المشهد السياسي في البلاد خلال الأسبوع الماضي، وامتد لينال اهتماما دوليا وإقليميا واسعا.
والتقى البرهان نتنياهو في أوغندا، الإثنين الماضي، حيث أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني، في بيان، أن الاجتماع كان يهدف إلى "صيانة الأمن الوطني السوداني".
اللقاء وما خلفه من ردود أفعال متباينة وسط الشارع السوداني، وخلافات مكونات السلطة الانتقالية، أحيا "أوهام" نظام الإخوان المعزول في وقف عجلة الانتقالي السياسي في البلاد، بحسب مراقبين.
لكن التوافق الذي حدث بين أطراف الحكم نهاية الأسبوع أحبط، على ما يبدو، رهان فلول الحركة الإسلامية السياسية على التوترات الطارئة بين مكونات السلطة الانتقالية تجاه العلاقة مع إسرائيل والانقضاض على المشهد.
ورغم سيطرة لقاء البرهان مع نتنياهو على المشهد السوداني في الأسبوع الماضي، فإن استمرار الحكومة الانتقالية في إجراءات تفكيك نظام الإخوان البائد حظيت باهتمام مقدر، حيث جرى إعفاء مجالس إدارات ومديري المصارف المحسوبين على الحركة الإسلامية السياسية.
وشهد الأسبوع الماضي أيضا إعادة ٦٢١ موظفا إلى الخدمة المدنية بعد أن فصلهم نظام الإخوان بشكل تعسفي خلال السنوات الماضية بموجب قانون "الصالح العام" الذي يصفه طيف واسع من المراقبين والنشطاء بـ"القمعي".
وكالعادة حظيت إجراءات السلطة الانتقالية الخاصة بمحاصرة فلول الإخوان البائد ارتياحا بالشارع السوداني الذي أنهى حكم الحركة الإسلامية السياسية بثورة شعبية.
الإخوان يخسرون الرهان
ولم تمضِ ساعات على التباينات التي سادت مواقف مكونات السلطة الانتقالية حول لقاء البرهان ونتنياهو، إلا أعلنت أطراف الحكم توافقها تماما على المضي قدما في تعزيز التعاون والعمل المشترك لتحقيق أهداف الثورة.
وجاءت عملية التوافق عقب لقاء رفيع جمع البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الخميس، بحضور نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان حميدتي وعضوي المجلس صديق تاور وعائشة موسى السعيد.
التوافق الذي أعقبه ارتياح بالشارع السوداني، أثار غضب فلول الإخوان التي سعت لتوسيع الخلاف داخل مكونات السلطة الانتقالية منذ الوهلة الأولى بشأن لقاء البرهان ونتنياهو للعصف بالشراكة السياسية بالبلاد.
وشدد المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم على أن جماعة الإخوان كانت تعول على تعميق الخلافات بين شركاء الحكم من العسكريين والمدنيين، مستغلة لقاء عنتيبي وصولا إلى العصف بالشراكة السياسية برمتها، لكنها أصيبت بالإحباط بعد احتواء التوتر.
وقال عبدالعظيم خلال حديثه لـ"العين الإخبارية": "الحركة الإسلامية السياسية كانت تلعب على تناقضات القوى السياسية، ما مكنها من حكم السودان ثلاثة عقود، وترغب في استخدام الورقة نفسها لهزيمة الفترة الانتقالية".
وأضاف: "لكن هذا المخطط يبدو عصيا، حيث أصيب الإخوان بخيبة أمل وخسر رهانه بعد التوافق الذي حدث بشأن خلافات لقاء البرهان ونتنياهو، حيث ظهر ذلك جليا خلال مظاهرات خجولة نفذها العشرات منهم في شارع الستين بالخرطوم".
استئناف محادثات السلام
لم يكتب لمحادثات السلام السودانية أن تستأنف حسب ما كان مقررا من قبل الوساطة الجنوبية، ولكن مع نهاية الأسبوع حط الوفد الحكومي رحاله في العاصمة جوبا لبدء جولة جديدة من التفاوض مع الحركات المسلحة.
ومن المنتظر أن تبدأ المفاوضات بين الحكومة وتحالف الجبهة الثورية ليل الجمعة في جوبا، ومن ثم مع الحركة الشعبية قطاع الشمال قيادة عبدالعزيز الحلو في مسار منفصل.
وحققت الجولات السابقة تقدما نسبيا في عملية السلام، حيث تم توقيع اتفاق إطاري مع الحركة الشعبية قيادة مالك عقار، واتفاق نهائي مع مساري الوسط والشمال بالجبهة الثورية.
بينما تعثر مسار التفاوض مع حركة عبدالعزيز الحلو، بسبب تمسكها بعلمانية الدولة السودانية أو تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث ترى الحكومة أن الطرح العلماني يجب أن يكون في مؤتمر دستوري.
وشدد المحلل السياسي عبدالناصر الحاج على ضرورة أن تكون جولة المحادثات الحالية حاسمة في إبرام اتفاق سلام شامل، وأن تقدم الأطراف التنازلات اللازمة دعما للعملية السلمية في البلاد.
وقال الحاج خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" إن الأوضاع في السودان لا تحتمل مزيدا من التأخير في الوصول للسلام الذي يرتبط باستكمال هياكل السلطة الانتقالية "تشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة المدنيين".
حراك ألماني داعم للسودان
كما شهد الأسبوع الماضي حراكا ألمانيا داعما للحكومة الانتقالية في السودان، حيث دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حمدوك للمشاركة في مؤتمر ميونيخ للمناخ، فيما ينتظر أن يزور الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير السودان يوم 20 فبراير/شباط الجاري بصحبة عدد من المستثمرين والخبراء.
ووصل وزير التعاون الاقتصادي والتنمية الألماني جيراد مولرا إلى الخرطوم الأربعاء الماضي في ثاني زيارة لمسؤول ألماني للبلاد بعد إنهاء حكم عمر البشير، حيث سبقه وزير الخارجية هايكو ماس، وذلك لإظهار مزيد من دعم برلين للسلطة الانتقالية.
وتعهد مولر بتقديم دعم بنحو 80 مليون دولار إلى السودان في مجالات الطاقة والبنى التحتية، مؤكدا عدم وجود عائق لوصول هذا الدعم.
وقال المسؤول الألماني إن بلاده تقف وتدعم الحكومة الانتقالية في السودان، لافتا إلى الجلسة البرلمانية الألمانية التي ستنعقد في الفترة المقبلة، وستقدم خلالها مقترحا يتعلق بعودة التعاون الثنائي.
وأوضح أن التعاون الثنائي مع السودان سيفتح فرصا جديدة خاصة أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أكد له أن الحكومة الانتقالية بصدد تكوين الدستور.
ونبه إلى أن شركة شيمس الألمانية تقوم بتنفيذ مشاريع عدة في السودان، وقال: "سنركز على زيادة الإنتاج في السودان حتى يكون سلة الغلال في أفريقيا، بجانب دعمه في مجال التعليم التقني".
aXA6IDE4LjIxNy4xNDAuMjI0IA== جزيرة ام اند امز