السودان بأسبوع.. تأجيل محاكمة البشير ومحادثات تعيد أمل التوافق
رغم التوتر بدت حالة من التفاؤل بأن تكون جولة المحادثات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير حاسمة للخلاف
بعد توترات على وقع "أحداث الأبيض" الدامية، شهد السودان نهاية الأسبوع الماضي استئناف المحادثات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير؛ ما أعاد الأمل للسودانيين في إكمال عملية التوافق السياسي.
وشهدت مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان أعمال عنف نتيجة خروج طلاب المدارس في مظاهرات تطالب بتهيئة البيئة الدراسية وتوفير المواصلات والخبز وتصدت لهم قوة أمنية؛ الأمر الذي أدى إلى مقتل 5 أشخاص، حسب الرواية الرسمية.
وألقت الأحداث بظلالها على المشهد الأكاديمي، حيث قرر المجلس العسكري الانتقالي تعليق الدراسة لمرحلتي الأساسي الإعدادي والثانوي بجانب رياض الأطفال في جميع أنحاء السودان؛ حفاظا على أرواح الطلاب.
ورغم التوتر بدت حالة من التفاؤل وسط المهتمين بالشأن السوداني بأن تكون جولة المحادثات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير حاسمة للخلاف حول وثيقة الإعلان الدستوري.
ووسط الأجواء العصيبة، كان السودانيون يترقبون عقد أولى جلسات محاكمة الرئيس السابق عمر البشير لكنها تأجلت لدواعٍ أمنية، وفق محامين.
عودة التفاوض والأمل
مع ختام الأسبوع المنصرم، عاد المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير إلى مائدة التفاوض تحت رعاية الوسيط الأفريقي محمد الحسن ولد لباد والإثيوبي محمود درير بعد توقف قارب الشهر.
المحادثات التي لا تزال جارية في الخرطوم يأمل كثيرون في أن تفضي إلى توافق سياسي تام يعقبه تشكيل لمستويات السلطة الانتقالية على وجه السرعة.
ومع حالة التكتم التي تسود أجواء المفاوضات في الخرطوم، سرت أنباء بتقدم كبير في التوافق بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير حول بنود الوثيقة الدستورية.
وبحسب الوسيط الأفريقي إلى السودان محمد الحسن لبات، فإن المحادثات ستستأنف مساء الجمعة، بعد أن عقدا جلسة ناجحة يوم الخميس.
وقال: "إن الاجتماع بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي كان ناجحا بكل المقاييس".
بدورها، أكدت قوى الحرية والتغيير حدوث تقدم كبير في المحادثات مع المجلس العسكري حول وثيقة الإعلان الدستوري وتوقعت الوصول إلى اتفاق غدا السبت.
ورغم قتامة المشهد، يرى محللون سودانيون أن جولة المحادثات الحالية ستفضي إلى توافق حول وثيقة الإعلان الدستوري.
وقال المحلل السياسي عبدالناصر الحاج: "إن الخيارات السياسية بخلاف الاتفاق باتت منعدمة أمام المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، من واقع ظهور طرف ثالث قد ينقض على الطرفين وينسف العملية السياسية".
وأضاف الحاج لـ"العين الإخبارية": "لم يعد هناك مجال للمناورة السياسية والتمترس في المواقف، فعناصر النظام البائد يتربصون بالطرفين؛ ما يجعل إكمال التوافق السياسي ضرورة حتمية".
وأكد أن "المحادثات الجارية ستفضي إلى اتفاق حول وثيقة الإعلان الدستوري لأن المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير أدركا تماما حجم خطر بقايا النظام البائد الذين يسعون بكل ما يملكون لنسف أي تقارب سياسي للحيلولة دون تشكيل الحكومة الانتقالية".
محفزات على التوافق
الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة الأبيض غربي السودان، الإثنين الماضي، رغم قسوتها فإن كثيرين ينظرون إليها كمحفز للأطراف السودانية لإكمال التوافق السياسي.
الصحفي والمحلل السياسي حافظ المصري قال: "إن أحداث الأبيض جاءت نتيجة لتأخر الاتفاق وتشكيل هياكل السلطة، وقد بدت رغبة كبيرة للطرفين في إكمال الاتفاق لتجنب مثل هذه الأحداث المؤسفة".
وأضاف المصري لـ"العين الإخبارية" أن "المحادثات الجارية ستكلل بالنجاح، والطرفان سيقدمان تنازلات كبيرة لأن تكلفة المواجهة ستكون غالية لذلك ستمضي الشراكة السياسية بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير".
وتابع: "يجب أن يكون الدم السوداني غاليا على الأطراف السياسية بالحرص على إكمال الاتفاق حتى لا يضطر المواطنون للخروج في مظاهرات جديدة".
وشهدت مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان أعمال عنف نتيجة خروج طلاب المدارس في مظاهرات تطالب بتهيئة البيئة الدراسية وتوفير المواصلات والخبز وتصدت لهم قوة أمنية؛ الأمر الذي أدى إلى مقتل 5 أشخاص، حسب الرواية الرسمية.
وبعد يومين من تشكيل حاكم الولاية لجنة تحقيق في الحادثة التي أثارت غضب الشارع السوداني، أعلن المجلس العسكري توقيف 9 أفراد يتبعون لقوات الدعم السريع متهمين بالتورط في إطلاق الرصاص على الطلاب المحتجين.
وأكد أن المحاسبة ستطال اللجنة الأمنية بولاية شمال كردفان على القصور في تنفيذ الخطة التأمينية.
وخلال المحادثات التي جرت الخميس، اتفقت قوى التغيير والمجلس العسكري الانتقالي على تقييم الحوادث الأليمة التي شهدتها مدينة الأبيض.
ويرى مراقبون أن توقيف المتورطين في أحداث الأبيض خفف من حدة التوتر وأعطى انطباعا جيدا بأن هناك جدية في محاسبة المتورطين في القتل.
تأجيل محاكمة البشير
رغم الترقب الواسع محليا وخارجيا، أجلت محكمة سودانية في الخرطوم أولى جلسات محاكمة الرئيس السابق عمر البشير في جرائم فساد مالي وغسيل أموال وتمويل إرهاب بسبب غيابه إلى 15 أغسطس/آب الجاري.
وحضر إلى محكمة "أراضي الديم" في الخرطوم الأربعاء الماضي 96 محاميا للدفاع عن البشير، كما حضر قاضي المحكمة واكتملت كل الإجراءات ولكن سلطات سجن كوبر لم تحضر المتهم لدواعٍ أمنية.
وأكد رئيس هيئة الدفاع أحمد إبراهيم الطاهر أن البشير يحاكم في قضايا بسيطة وسيخرج منها وستتم تبرئته بسهولة.
وفي يوم 16 يونيو/حزيران الماضي، اقتيد البشير من سجن كوبر القومي إلى مقر نيابة مكافحة الفساد جنوبي الخرطوم وسط إجراءات أمنية مشددة، وظهر لأول مرة منذ عزله في 11 أبريل/نيسان.
ووجهت نيابة مكافحة الفساد في التحقيقات المالية بالخرطوم للرئيس المخلوع عمر البشير تهما تندرج تحت مواد النقد الأجنبي والثراء الحرام ومخالفة أمر الطوارئ وحيازة نقد سوداني يتجاوز المبلغ المسموح به.
كما تم توجيه التهم بحضور الرئيس المعزول شخصيا وممثلي الدفاع، على رأسهم رئيس البرلمان السوداني الأسبق أحمد إبراهيم الطاهر والقيادي بحزب المؤتمر الوطني محمد الحسن الأمين وهاشم أبوبكر الجعلي.
وكانت السلطات السودانية ضبطت بمكتب البشير في القصر الرئاسي مبلغ 6 ملايين يورو و351 ألف دولار و5 مليارات جنيه سوداني.
وأظهرت قوائم صادرة عن النيابة العامة مؤخرا امتلاك الرئيس المعزول عمر البشير وعائلته 22 قطعة سكنية.
aXA6IDMuMTYuODIuMTgyIA== جزيرة ام اند امز