إسقاط "النظام العام" يرفع سياط "الإخوان" عن ظهور السودانيات
منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة قادت حملات مناهضة في سبيل إلغاء هذا القانون طوال السنوات الماضية
خلَّف قرار مجلس الوزراء السوداني الخاص بإلغاء قانون النظام العام "سيئ السمعة" فرحة عارمة وسط الكيانات النسوية والمدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة في البلاد، لكونه أنهى سنوات من القمع الإخواني للنساء والفتيات بموجب أحكام هذا التشريع في السودان.
ويتطلب إلغاء هذا القانون إجازة نهائية في اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء اللذين أعطتهما الوثيقة الدستورية صلاحية التشريع إلى حين تشكيل البرلمان الضلع الثالث المكمل لهياكل السلطة الانتقالية الذي لم يرَ النور حتى الآن، بسبب تفاهمات مع الحركات المسلحة لإرجائه لحين تحقيق السلام.
واعتبر ناشطون في منظمات المجتمع المدني بالسودان، تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، أن إلغاء قانون النظام العام يمثل انتصارا لنضال المرأة السودانية في سبيل وقف كل أشكال العنف بحقهن، إذ تعرَّضن للضرب والابتزاز والإذلال بموجبه أحكامه، كما شكلت الخطوة نقلة كبيرة في طريق تحقيق أهداف ثورة ديسمبر التي أطاحت بحكم الإخوان.
وجاء الترحيب السوداني بإلغاء هذا التشريع من واقع أن قانون النظام العام يأتي على رأس أدوات تنظيم الإخوان الارهابي في قمع النساء ومصادرة حريتهن خلال سنوات حكمه للبلاد، الشيء الذي أدخله في حرج دولي بالغ، وتسبب في مزيد من العزلة الدولية للسودان.
وقادت منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة حملات مناهضة في سبيل إلغاء هذا القانون طوال السنوات الماضية، لكن سلطة الإخوان تمسكت بالإبقاء عليه.
ويُعنى قانون النظام العام الذي صدر على يد الإخوان عام 1996 كتشريع ولائي يمنح سلطة تقديرية لأفراد الشرطة تقترب من المزاجية في الحكم على أذواق الناس في اختيار زيهم وطريقة تعبيرهم.
وإلى جانب الصحفية السودانية لبنى أحمد حسين التي تمَّ ضربها 40 جلدة لارتدائها "البنطلون" عام 2009 في قضية شغلت العالم وقتها، هناك آلاف الفتيات تعرَّضن للإذلال والابتزاز والضرب بموجب التشريع سيئ السمعة الذي يعطي صلاحيات واسعة لقوات الشرطة والأمن في ملاحقة مخالفي بنود القانون، وفق نشطاء حقوقيين.
وقال الصحفي والناشط الحقوقي السوداني حسين سعد: "إن المرأة السودانية قادت نضالات جسورة على مر التاريخ وكانت قوية المواقف وعندما استولى نظام الإخوان الإرهابي على الحكم سنّ قانون النظام العام وعددا من التشريعات الأخرى لكسر شوكتها وقمعها وإهدار كرامتها الإنسانية".
وأضاف سعد لـ"العين الإخبارية": "كنت أتألم بشدة عندما أرى ملاحقة الشرطة للفتيات بقانون النظام العام ورفعهن في سيارات بشكل مذل وإلهاب ظهورهن بالسياط بصورة تجسِّد أسوأ مظاهر هدر الكرامة الإنسانية".
وتابع: "إلغاء هذا القانون يمثِّل انتصارا لكفاح النساء والدولة المدنية ويجب أن يتبعه مزيد من الخطوات لإنهاء جميع التشريعات التي تنتهك حرية المرأة مثل المادة 152 من القانون الجنائي السوداني التي تعاقب النساء بتهمة ارتداء الزي الفاضح".
وأعربت عضو مبادرة "لا لقهر النساء" في السودان والناشطة الحقوقية تهاني عباس عن سعادتها بإجازة مجلس الوزراء مشروع تعديلات تلغي قانون النظام العام، ووصفت الخطوة بأنها تتويج لنضالات المرأة السودانية ودفعة مهمة في مسار اكتمال ثورة ديسمبر التي أنهت حكم عمر البشير.
وقالت عباس لـ"العين الإخبارية": "رغم أن خطوة إلغاء هذا القانون المعيب بحاجة إلى إجازة نهائية من قبل مجلسي السيادة والوزراء، فإنها غمرتي بالسعادة ونأمل بأن تكتمل الإجراءات المتبقية دون تلكؤ من أي طرف حتى نشيّع قانون النظام العام إلى مزبلة التاريخ ليلحق بالسلطة الحاكمة التي سنته قبل سنوات".
وأضافت: "لقد نظرت كيف يتم إذلال الفتيات في المحاكم ويتم ضربهن بموجب قانون النظام العام خلال السنوات الماضية، لذلك سأقوم بتسيير موكب احتفائي لوحدي عندما يتم الإلغاء النهائي للقانون".
وأعدت "المجموعة السودانية للديمقراطية أولا" تقريرا عن قانون "النظام العام" جاء فيه أن محتوى هذا القانون يتعارض مع مبادئ الحرية الشخصية التي ينص على حمايتها الدستور السوداني لعام 2005 وتعديلاته اللاحقة، كما يصاحب التطبيق مشكلات متزايدة وتجاوزات من الناحية التنفيذية والقضائية، بالإضافة إلى التمييز السلبي المباشر ضد المرأة والفئات الإثنية والدينية والطبقية المستضعفة في المجتمع.