عواقب تجميد «إيغاد» وخطر الإخوان.. قيادي سوداني يدق ناقوس «الخطر»
حزمةٌ من الأزمات تعصف بالسودان على وقع قتال لم تهدأ مدافعه، ولم يتوقف نزيف دمه، منذ أكثر من 9 أشهر.
فمن تجميد السودان لعضويته في "إيغاد" مرورا بدور الإخوان في إشعال نيران الحرب، وصولا إلى تسليح المواطنين ونوافذ الحل، فتحت "العين الإخبارية" جملة من الملفات مع القيادي بقوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم السابق)، محمد عبدالحكم.
خطوة غير مدروسة
وبدءا من الخطوة الأولى التي أقدمت عليها الحكومة السودانية، السبت الماضي، اعتبر عبدالحكم أن تجميد السودان عضويته في إيغاد "خطوة غير مدروسة"، لا سيما بعد تعليق عضوية الخرطوم في الاتحاد الأفريقي.
وكان بيان صادر عن وزارة الخارجية السودانية قد اتهم المنظمة الأفريقية بـ"انتهاك سيادة" السودان، بعد أن دعت قائد قوات الدعم السريع حمدان دقلو لحضور قمتها في أوغندا.
وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أمر الاتحاد الأفريقي، بتعليق مشاركة السودان في جميع أنشطته "بأثر فوري"، على خلفية ما وصفه بـ"استيلاء الجيش السوداني على السلطة وحل الحكومة الانتقالية".
وقال عبدالحكم، إنه "لم يتبق للحكومة السودانية سوى منفذ واحد وهو جامعة الدول العربية، بعد إغلاق منفذي إيغاد والاتحاد الأفريقي".
ولا يرى القيادي في الائتلاف الحاكم السابق من وراء خطوة التجميد إلا هدفا واحدا، وهو "الهروب من طاولة التفاوض لإنهاء حرب 15 أبريل/نيسان العبثية"، على حد قوله.
وأشار عبدالحكم إلى أن "الخطوة تعني منع أي تقدم يلوح في الأفق لإنهاء أزمة السودانيين المستفحلة بسبب الحرب العبثية، نظرا لتوهم تنظيم الإخوان بقدرة كتائبه على حسم المعركة عسكريا رفقة الجيش، ومن ثم الخطوة التالية بعودة قياداته إلى الحكم على فوهة البندقية، فوق جماجم السودانيين، وحطام الوطن".
استعداء الدول
ونبه عبدالحكم إلى أن "استعداء الحكومة للدول الشقيقة والصديقة التي فتحت أبوابها للسودانيين الفارين من جحيم الحرب، أمر مثير للعجب".
وفي هذا الصدد، تساءل "كيف يتسق أن تعادي من هرع لعون شعبك لا لشيء سوى أنه حمل أحلام السودانيين التواقين للحياة الكريمة، وسعى لدعم حلمهم في وقف الحرب وإحلال السلام في وطن كانت ولا تزال الحركة الإسلامية الإرهابية هي مبعث مصائبه، وسبب عذاباته".
مصلحة التنظيم
ومع تمدد وانتشار قوات "الدعم السريع"، أصدر ولاة (حكام) الولايات في السودان، قرارات بحظر أنشطة قوى الحرية والتغيير، وحل لجان الخدمات والتغيير ولجان المقاومة (نشطاء) التي كان لها الدور الأكبر في المظاهرات المناهضة لنظام الرئيس المعزول عمر البشير.
وعن هذه الإجراءات، علّق عبدالحكم بالقول: "قرارات حظر أنشطة الحرية والتغيير في الولايات من قبل ولاة سلطة الأمر الواقع، لم تساو الحبر الذي كتبت به، فهي قرارات ولدت ميتة، لأنها أتت من سلطة لا تمتلك الشرعية الدستورية للحكم".
وأضاف: "كنا نتوقع هذه الخطوات التصعيدية ضد الحرية والتغيير ولجان المقاومة، منذ إطلاق الحركة الإسلامية لشرارة حرب 15 أبريل/نيسان، واعتقال قيادات من صفوفنا بادعاء التحالف مع الدعم السريع".
وتابع: "يأتي هذا رغم علم الجميع بأن الحرية والتغيير ولجان المقاومة وكل قوى الثورة كانت الأكثر إصرارا على دمج قوات الدعم السريع في الجيش وبناء جيش قومي مهني موحد".
واستطرد: "وكنا على دراية بأن الحركة الإسلامية سيطرت بضوء أخضر من القائد العام للجيش على مفاصل الحكومة التي استهدفت إعادة كل من فصلته لجنة تفكيك التمكين من عمله، وأعادت الأموال المحظورة من لجنة التفكيك، لقيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول (كان يتزعمه البشير)".
وزاد: "هذه الخطوات السابقة والقرارات الحالية هي محاولة لتصفية ثورة ديسمبر/كانون الأول المجيدة وكل قواها، لكنها لا ترعبنا، فنحن نعلم بأن السودانيين على وعي كافٍ بخطورة عودة التنظيم الإرهابي للحكم من جديد، حتى ولو تلون تحت رايات متعددة وواجهات مختلفة".
استنفار المدنيين
وعن تسليح المواطنين، أعرب القيادي بقوى الحرية والتغيير، عن مخاوفه إزاء هذه الخطوة التي دعمها الجيش.
وقال: "هذا الأمر يهدد بخطر كبير مستقبلا مع شيوع حمل السلاح وعدم سيطرة الدولة على أدوات العنف، ما يهدد مع التعقيدات الاجتماعية المعلومة في المجتمع السوداني، بحرب أهلية لا تبقي ولا تذر".
ومؤخرا، أطلقت مجموعات تسمي نفسها "المقاومة الشعبية المسلحة" دعوات إلى تسليح المواطنين في عدة ولايات سودانية خاضعة لسيطرة الجيش السوداني.
دعوات رحب بها قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، قائلا: "لن نمنع المقاومة السودانية من جلب أي سلاح، وأنه لا صلح ولا اتفاق مع الدعم السريع".
خطورة تفشي العنف
وأكد عبدالحكم، أن "استجابة قيادة الجيش لتسليح المواطنين خطوة غير موفقة للغاية، خصوصا أن التسليح يتم بشكل أشبه بالعشوائي، ما سيصعب من عمليات جمع السلاح مستقبلا، وينذر بخطر تفشي العنف بصورة غير مسبوقة".
وذكر بأنهم في المكون المدني تقدموا "بالنصح لقادة الجيش بألا يستجيبوا لدعوات فلول النظام السابق في تسليح المدنيين، فخطر هذا التسليح على البلاد أعظم مما يتصوره نافخو كير الحرب".
وأشار إلى أن "تجارب السودان مريرة فيما يتعلق بتسليح المدنيين، خاصة ما حدث بتسليح مواطنين في إقليم دارفور، الأمر الذي ساهم في تمدد الفتنة العرقية والقبلية، ما فاقم الأوضاع في الإقليم".
وأردف: "الآن ذات التجربة ومع تصاعد أصوات العنصرية البغيضة، وعلو صوت القبلية والعرقية والجهوية، فإن الخطر المقبل سيكون حربا أهلية واسعة، ستمزق البلاد، وتزيد فتق نسيجها الاجتماعي".
لكن وأمام هذه الصورة القاتمة، ما زال القيادي في قوى الحرية والتغيير، يعلق آماله على "وعي الشعب السوداني ورفضه لأمراض الماضي وإصراره على تحقيق مبتغاه في دولة المواطنة المتساوية، دولة يسودها القانون ويحكمها دستور متفق عليه، دولة الحرية والعدالة والسلام".
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xNjkg جزيرة ام اند امز