سياسة
السودان بعد "شعرة معاوية".. حائر بين "بندول التوافق" والفوضى
أبدت قوى سياسية بالسودان مواقف متباينة تجاه استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وما يترتب عليها من تداعيات على البلاد في المستقبل.
وبين الترحيب والأسف على مغادرة حمدوك، تباينت ردود أفعال القوى السياسية السودانية، حيث امتد هذا التباين إلى خيارات التعاطي مع المرحلة المقبلة، ففي حين يتمسك البعض بخيار التصعيد، يرى فريق آخر ضرورة الوصول إلى توافق وطني يجنب البلاد خطر الانزلاق للفوضى.
ووفق مراقبين، كان حمدوك بمثابة "شعرة معاوية" بين المدنيين والعسكريين، لأنه شكل حلقة الوصل الوحيدة بين شركاء الفترة الانتقالية عقب الخلافات والتطورات الأخيرة، لذلك من الطبيعي أن يسبب انسحابه حيرة كبيرة وسط السودانيين.
وقدم حمدوك استقالته بعد شهرين من توتر سياسي وسط توقعات بأن تزيد تلك الخطوة الأوضاع في السودان تعقيداً وأن البلاد صارت في مفترق طرق، مع غياب التفاؤل بوفاق قريب يخرج البلاد من أزمتها.
وعبر خطاب مطول للسودانيين، قدم حمدوك استقالته، شارحا خلاله تداعيات الأزمة والأسباب التي دفعته لمغادرة المنصب والتي من بينها عدم قدرته على التوصل لتوافق سياسي لتكملة الفترة الانتقالية.
"خارطة مقترحة"
وبتعبير رئيس حزب الأمة السوداني مبارك الفاضل، فإن "حمدوك كان ضحية طموح الصفوة من النشطاء الذين سرقوا الثورة، وسعوا بشكل حثيث لتحويل سلطة الانتقال إلى حكم مدني شمولي جديد، موجها التحية لرئيس الوزراء المستقيل، لصدقه مع الشعب"، وفق قوله.
واعتبر الفاضل خلال تدوينات بحسابه الرسمي على "تويتر" أن "استقالة حمدوك أسدلت الستار على تحالف الحرية والتغيير ووثيقته المعيبة، وأنهت حالة من الفوضى والغوغائية لم يشهدها السودان في تاريخه".
وقال: " يتعين أن نستلهم تجربة الانتقال بعد ثورة أبريل/نيسان 1985، وأن تبتعد القوات المسلحة عن فكرة الشراكة في الحكم مع المدنيين وتكتفي بدورها التاريخي حامية ومنظمة للانتقال الديمقراطي".
وشدد على ضرورة أن "يراعى الجيش السوداني توافق وطني حول حكومة انتقالية مستقلة لا يتعدى تفويضها إدارة الاقتصاد وتنظيم الانتخابات، على أن تتولى القوات المسلحة حفظ الأمن من موقعها وقيادتها لمجلس الدفاع والأمن الوطني"، وفق تعبيره.
من جانبه، أكد حاكم إقليم دارفور "غرب"، مني أركو مناوي، أن استقالة حمدوك من منصبه، واحدة من تجليات الأزمة السياسية والاجتماعية المتراكمة، والتي لم تفهمها القوى السياسية التي ورثت البلاد".
وقال مناوي، في تصريحات صحفية، إن "حمدوك نفسه ذكر في خطابه أن الأسباب وراء استقالته هي عدم وجود توافق سياسي.. المشوار طويل ولا بديل عن الحوار والاعتراف ببعضنا البعض".
"خطوة شجاعة"
ويشير القيادي في تحالف الحرية والتغيير، عروة الصادق إلى أن التحالف لم يتفاجأ باستقالة حمدوك؛ فهي كانت متوقعة نظراً للتعقيدات التي سادت المشهد منذ عودته للمنصب بعد عزله إثر قرارات الجيش".
وعاد حمدوك إلى منصبه بموجب اتفاق وقعه مع رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني بعد عزله ضمن قرارات الجيش الصادرة في 25 أكتوبر/تشرين الأول، وكان يأمل في توسعة الإعلان السياسي ليشمل كل القوى السياسية لكن طلباته قوبلت بالرفض.
وأضاف عروة الصادق في حديثه لـ"العين الإخبارية"، قائلا:"نحيي حمدوك على شجاعته وتنحيه بهدوء وندعو البقية للسير في دربه"، لافتاً إلى أن الاستقالة لن تغير شيئاً في الاحتقان السياسي السائد لأن الشارع أسقط الرجل من حساباته منذ توقيعه اتفاق مع قائد الجيش.
وأشار إلى أن خيارات التحالف، للمرحلة المقبلة والمحددة مسبقاً، هي المضي قدماً في خط المقاومة السلمية، حتى تتحقق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة وإقامة الحكم المدني الديمقراطي كاملاً.
"لن تغير شيئا"
وفي نفس الاتجاه، اعتبر المتحدث باسم حزب المؤتمر السوداني، نور الدين بابكر، أن "الأزمة السياسية في البلاد، كانت بسبب إجراءات قائد الجيش، ولولاها ما دخلت البلاد في هذا النفق المظلم"، وفق قوله.
وقال بابكر لـ"العين الإخبارية" إن "عودة حمدوك إلى منصبه بعد اتفاق مع رئيس مجلس السيادة لم تغير في المشهد شيئا؛ فاستمرت المظاهرات والحراك المناهض، وسوف يحدث نفس الشيء بعد استقالته".
وأشار إلى أن استقالة حمدوك سوف تزيد من الحماس لاستكمال مهام الثورة "ففي تقديري أن الجبهة المدنية بعد مغادرة رئيس الوزراء أصبحت موحدة أكثر من أي وقت مضى".
aXA6IDE4LjIxOS4yNS4yMjYg
جزيرة ام اند امز