رئيس حزب سوداني لـ"العين الإخبارية": سبيل وحيد ممكن لتفادي الانهيار
مشهد سياسي معقد وأوضاع اقتصادية على حافة الانهيار، تلك هي الصورة المأساوية التي يعيشها السودان والتي تثير المخاوف المحلية والدولية.
أوضاع قاسية لاسبيل للخروج منها غير جلوس جميع المكونات السودانية على طاولة التفاوض، حسب ما يراه رئيس حزب الأمة القومي اللواء المتقاعد فضل بريمة ناصر، وهي قناعة ترسخت لدى غالبية الفاعلين في هذا البلد، حسب اعتقاده.
واعتبر ناصر في حوار مع "العين الإخبارية" أن تراجع الأوضاع الاقتصادية في السودان بالوقت الراهن يعد واحدا من تداعيات التركة الثقيلة التي ورثتها السلطة الانتقالية من حكومة المعزول عمر البشير، لكنه نبه إلى أن القوى السياسية ارتكبت أخطاء أسهمت في عدم تدارك الأزمة.
وشدد على أن الجميع بات على قناعة بضرورة التوافق وتوحيد الصف والسماع إلى رأي الأغلبية بغرض حل الأزمة الراهنة والعبور يالبلاد إلى بر الأمان.
ويعيش السودان اضطرابا سياسيا حادا منذ صدور قرارات قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي والتي قضت بإقالة الحكومة وفرض حالة الطوارئ في البلاد.
ودخلت البلاد في ضائقة اقتصادية بفعل الخلاف السياسي الذي تسعى الأمم المتحدة عبر بعثتها في الخرطوم (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي لحلها.
وتحدث برمة ناصر، وهو يمثل تيارا وفاقيا داخل حزب الأمة وحركة "الحرية والتغيير"، عن عدد من قضايا الراهن السياسي وفرصة تسوية هذا الخلاف.. وإلى أبرز ما جاء في الحوار..
كيف تقرأ تطورات المشهد السياسي والاقتصادي في السودان؟
في الواقع، الوضع السياسي والاقتصادي عبارة عن عملية تكاملية كل منهما يؤثر في الآخر وهما أساس دولاب العمل في الدولة. فالوضع الاقتصادي الحالي في تقديري هو نتيجة حتمية للتركة الثقيلة التي ورثتها الحكومة الانتقالية من نظام المعزول عمر البشير الذي أحدث فشلاً في كل مناحي الحياة. لكن هذا الحديث لا يعني أننا ننكر أخطاءنا وفشلنا كقوى سياسية في إدارة المرحلة الانتقالية، وبالطبع فإن فشلنا لم يكن عن قصد ولسوء حظ الثورة السودانية أنها لم تأت بنتائج مثمرة، فانعكس كل ذلك وتجلى في وضع سياسي واقتصادي منهار.
في تقديرك ما المخرج من هذا المأزق؟
لقد ظللت أتحدث وما زلت أكرر أن الأزمة الحالية لن تُعالج إلا بجلوس جميع الأطراف السودانية سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، بشكل جدي على طاولة تفاوض لا تستثني أحدا، فالحوار الشامل يعد سبيلا وحيدا للخروج من هذه الأزمة وبدونه ستمضي البلاد إلى مزيد من التراجع السياسي والاقتصادي وإراقة الدماء.
كيف ينظر حزبكم إلى تأزم الوضع الاقتصادي، وما الحل في ظل القطيعة الدولية؟
بالطبع نتابع كغيرنا بقلق بالغ تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين في بلادنا، فالسودان الآن لا يستطيع مواجهة شبح الانهيار الاقتصادي بموارده الذاتية، لكنه يحظى بأصدقاء وشركاء وقفوا معه في أحلك الظروف، ومن المؤكد أنهم سوف يدعمونه لمنعه من الانزلاق للمآلات غير المحمودة.
ترددت تسريبات عن عودة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك لمنصبه مجدداً، ما حقيقة ذلك؟
ما أستطيع تأكيده هنا، أن الدكتور عبدالله حمدوك هو رجل لديه كفاءة وخلفية في إدارة الدولة وبطبيعة الحال تجربة سياسية سابقة، لكن أزمة السودان لا تتوقف عند الأشخاص وإنما تحتاج إلى وفاق وطني ينهي تلك الخلافات. وفي حقيقة الأمر السودان لا ينقصه الكفاءات إنما هو يحتاج إلى وفاق وطني يحدث استقراراً سياسياً، يشكل بدوره مفتاحاً لحل كافة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
تشير التسريبات أيضاً إلى تسوية وشيكة في البلد تتضمن وضع وثيقة دستورية جديدة؟
ما أستطيع تأكيده هنا أن الجميع باتوا على قناعة تامة بضرورة توحيد الصف واتباع رأي الأغلبية من أجل حل الأزمة المستفحلة بالبلاد. ولكن حتى اللحظة لا يوجد شيء قاطع بشأن الوثيقة الدستورية حيث أراء القوى السياسية المدنية متباينة ومتضاربة حولها، وما أن يتم وضع وثيقة جديدة أم تعديل الحالية.
بالنسبة لنا في حزب الأمة القومي لقد تحدثنا كثيراً عن الثغرات في الوثيقة الدستورية القديمة والتي تعرضت للخرق في مرات عديدة لكننا لم نعارضها في ذلك الحين حرصاً منا على مكتسبات الثورة السودانية وعلى اتفاقية جوبا (التي وضعت أسس السلام بين الحكومة في الخرطوم وحركات الكفاح المسلح) والمحافظة على اتزان المشهد السياسي وقتها.
هل من تحركات لتوحيد تحالف قوى الحرية والتغيير المنقسم؟
كما ذكرت سابقاً، الجميع مقتنعون بضرورة توحيد الصفوف، فالوفاق هو الشيء الرائج في المشهد حالياً، فكل المشاكل ستحل بتوافق القوى المدنية على اتفاقيات محدد، وأي قوى كبيرة هي تذهب في اتجاه الوفاق الوطني.
ما تقييمك للوضع الأمني بدارفور على ضوء الأحداث الأخيرة؟
الإضرابات التي تحدث في إقليم دارفور من وقت لآخر توجعنا للغاية، لكنها لا تنفصل عن تعقيدات المشهد الكلي بالبلاد، وفي تقديري لا شيء سيستقيم من دون الوفاق الوطني، فكل مشاكل البلاد ستحل إذا توصلت القوى السياسية لاتفاق جامع للخروج من الأزمة الراهنة.
أخيراً .. كيف تنظر بموقف السودان من الأزمة الأوكرانية والذي يشابه الحياد؟
نحن جزء لايتجزأ من العالم وبالتأكيد ستلقي الأزمة بظلال سلبية على حياة السودانيين، وسيترك ذلك أثرا اقتصاديا وسياسيا على كل دول العالم حتى أمريكا ستتأثر بهذه الأزمة.