سياسي سوداني لـ"العين الإخبارية": اللاءات الـ3 للمعارضة "شعارات واهية"
صورة قاتمة لمستقبل السودان يرسمها نائب رئيس حزب الأمة القومي صديق إسماعيل، مستنداً إلى طول الأزمة السياسية وغياب الحلول.
واعتبر صديق، في حوار مع "العين الإخبارية"، أن الوضعية الحالية ربما تقود إلى كارثة سيدفع ثمنها الجميع، مما يتطلب جهداً مشتركاً ووقف التصعيد من جانب كافة الأطراف.
ووصف القيادي في حزب الأمة القومي اللاءات الثلاث التي يرفعها الحراك السوداني "لا تفاوض.. لا شراكة.. لا شرعية"، بأنها واهية ولا ينبغي أن يتمسك بها السياسيون في البلاد، كونها لا تساعد على حل الأزمة.
وشدد صديق إسماعيل وهو ضابط سابق في الشرطة تقاعد برتبة "فريق" على أن حل الأزمة يتم عبر حوار داخلي يقوده السودانيون بأنفسهم "ولا نعول كثيراً على المبادرات الخارجية سواء من الأمم المتحدة أو دولة جنوب السودان وغيرها"، وأن رفض التفاوض سوف يؤدي إلى مزيد من التعقيد في الأوضاع.
ويعيش السودان أزمة سياسية طاحنة، إذ يواصل نشطاء معارضون حراكا احتجاجيا منذ الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي قضت بحل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ في البلاد.
وتتواصل احتجاجات شعبية في السودان، تنادي بالحكم المدني الديمقراطي ومحاسبة قتلة المتظاهرين، ومتمسكة بثلاث لاءات "لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية".
وتحدث نائب رئيس حزب الأمة القومي الذي كان يتزعمه الراحل الصادق المهدي عن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة إلى إثيوبيا والمبادرة الأممية وقضايا ملحة في المشهد السوداني.
وتاليا نص الحوار..
* كيف تقرأ مآلات الأوضاع في السودان في ظل التصعيد المتبادل؟
المشهد في بلادنا مرتبك ومعقد للغاية يتطلب جهدا جماعيا من كافة المكونات السودانية لوضع حلول ناجعة للخروج من الأزمة الحالية، ويجب أن تمضي خطوات المعالجة بشكل أسرع قبل فوات الأوان، فالأوضاع لم تعد تحتمل.
لقد أدخلت قرارات قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان الصادرة في 25 أكتوبر الماضي، السودان في نفق مظلم وقطيعة، ومهدت لعودة البلاد إلى عزلة دولية جديدة، حيث توقف الدعم المالي وأدرجت الدولة، في سجلات الدول المتأثرة بأوضاع حقوق الإنسان، فهذه ردة كبيرة تستوجب المعالجة.
فهناك تحركات دولية وإقليمية في الملف السوداني كما توجد تدخلات خارجية يجب أن تتوقف وعلينا معرفة ماذا يريد المجتمع الدولي من بلادنا.
* ما مستوى التعاطي السياسي مع مبادرة الأمم المتحدة لحل الأزمة السودانية؟
لم تقدم الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص في الخرطوم الألماني فولكر بيتريس، حتى الآن مبادرة بالمعنى، فالرجل ما زال يجري مشاورات مع المكونات السودانية، وأعتقد أنه يمضي نحو مشروع يجمع فيه الرؤى الوطنية كافة، حيث قام بمقابلة معظم القوى السياسية في المركز "العاصمة" والأقاليم ومن بينها حزبنا "الأمة القومي".
* ماذا دار بينكم والمبعوث الأممي خلال المقابلة التي تحدثت عنها؟
قابل المبعوث الأممي فولكر بيتريس، رئيس حزب الأمة القومي المكلف اللواء متقاعد فضل الله برمة ناصر، وقد اتسم اللقاء بالرسمية، حيث تم خلال اللقاء إطلاع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة على مبادرة حزبنا التي طرحناها في وقت سابق، وهي عبارة عن خارطة طريق لعبور المرحلة الحرجة من تاريخ بلادنا.
وتعتمد مبادرة حزب الأمة القومي على جمع كافة القوى السياسية في حكم مدني ديمقراطي كامل، يبتعد فيه عن القضايا الشخصية وتصفية الحسابات، والاختلافات بين الأطراف، وقد اهتم بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيتريس وقام بترجمتها لعدة لغات.
* ما مدى تفاؤلكم بنجاح المساعي الدولية في ظل تمسك الشارع السوداني بثلاث لاءات؟
اللاءات الثلاث المرفوعة حالياً شعارات واهية في تقديري ويجب ألا يتمسك بها السياسيون.
الوضع في السودان معقد للغاية ولا يحتمل تصعيد المواقف، ويجب وقف التصعيد من كافة الأطراف والنزول إلى حوار يحقق رغبة السودانيين في الحكم المدني الديمقراطي.
* رفض التفاوض يبرره المتظاهرون بفقدان الثقة بالعسكر، ما تعليقك؟
بالطبع، هناك كثير من المواقف هزت الثقة بين المواطنين والعسكريين والقوى السياسية، من بينها نقض العهود والعنف المفرط الذي قابلت به القوات الأمنية حركة الاحتجاجات.
نحن نرفض وندين استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين والمواطنين العزل، هذا السلوك أدى إلى سقوط عشرات الشهداء قدموا أرواحهم لأجل الوطن ورفعته، لكن يجب أن يتوقف الجانبان عن التصعيد لمصلحة البلاد.
* هل لدولة جنوب السودان فرصة لتكون وسيطا ناجحا في أزمة الخرطوم مثلما فعلت بملف السلام؟
دولة جنوب السودان صديقة وشقيقة ولدينا معها كثير من المشتركات، ونحن نقدر ونثمن عاليا الدور الذي لعبته في مفاوضات السلام السودانية التي أسفرت عن اتفاق جوبا، ولكن لم يعد لديها فرصة للعب دور في الأزمة الحالية بالخرطوم والتي تجاوزت فرص الحل المحلي والإقليمي، إذ نتحدث حاليا عن وساطات على مستوى الأمم المتحدة.
* هناك تقارير عن عودة عناصر تنظيم الإخوان لمؤسسات الدولة؟
ربما يكون صحيحاً، ولكن في تقديري ليس هناك خطة متعمدة لإعادة عناصر نظام الإخوان المعزول لمؤسسات الدولة، والذي حدث قد يكون في إطار العلاقات الاجتماعية، واستغل البعض الموقف السياسي الراهن وعمل على تعيين أقاربه وأصدقائه من باب المحسوبية الاجتماعية، وقد يكون بينهم كوادر إخوانية.
* ما تقييمك لزيارة نائب رئيس مجلس بالسيادة لإثيوبيا بعد قطيعة طويلة بين البلدين؟
زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو إلى إثيوبيا جاءت كمحاولة لتجسير العلاقات الثنائية بين البلدين، وهي مهمة للغاية استطاعت تحريك الجمود الطويل، وأعتقد أن نتائجها ستظهر خلال الفترة القليلة القادمة.