سلطان النيادي.. الحلم الصغير في ريادة الفضاء بات حقيقة
سلطان النيادي سيكون بعد أيام قليلة ضمن الفريق البديل للانطلاق نحو محطة الفضاء الدولية الواقعة على بُعد آلاف الكيلومترات عن الأرض
من بين نحو 4 آلاف شخص تنافسوا على نيل لقب أول رائد فضاء إماراتي، لمع نجم سلطان سيف مفتاح حمد النيادي، البالغ من العمر 37 عاماً، الذي توافرت فيه جميع المواصفات التي تمكنه من تولي هذه المهمة، التي تدخل على أثرها دولة الإمارات التاريخ كأول دولة عربية تدخل مجال الأبحاث الفضائية، ويحلق أبناؤها في فضاء الكون.
وبعد أيام قليلة، سيكون سلطان النيادي ضمن الفريق البديل للانطلاق نحو محطة الفضاء الدولية، الواقعة على بُعد آلاف الكيلومترات عن الأرض، وعن مدينته العين التي وُلد وتربى بين كثبانها، تاركاً وراءه منطقته أم غافة، التي شهدت للمرة الأولى على حلمه الطفولي، عندما طالع السماء في ليلة صافية، وتفقد مواقع النجوم ولمعانها آنذاك كان سلطان النيادي متأثراً بأحد دروس مادة العلوم، التي تتناول كيفية الوصول إلى القمر، ليقفز إلى ذهنه سؤال وحيد: "هل يمكن يوماً ما أن أصبح رائد فضاء؟".
كان ذلك سؤالا طفوليا، لم يتوقع سلطان النيادي أن يتحقق يوماً، لا سيما بعد مرور سنوات طوال عليه، شق خلالها النيادي طريقه نحو مستقبل، ظل طوال الوقت يحلم بأن يكون لامعاً ومفيداً له ولأطفاله.
أحلام سلطان النيادي الصغيرة ظلت تراوده كلما طالع سماء بلاده، وعاين نجماتها، ولذلك فقد سعى إلى إثراء مسيرته العلمية، وهو الحاصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والاتصالات، من جامعة برايتون بالمملكة المتحدة.
وفي 2001 أتم النيادي برنامج التعليم العام في تكنولوجيا المعلومات من بريطانيا، فيما واصل دراسته في جامعة جريفيث بأستراليا، لنيل درجة الماجستير في أمن المعلومات والشبكات.
وفي عام 2016، حصل من الجامعة ذاتها على درجة الدكتوراة في مجال تكنولوجيا المعلومات، وتحديداً في تخصص منع تسرب البيانات، وقبل التحاقه ببرنامج الإمارات لرواد الفضاء كان سلطان النيادي يعمل منذ 1999 في القوات المسلحة الإماراتية مهندساً لأمن الشبكات، وباحثاً في أمن المعلومات، وخلال مسيرته التعليمية والعملية، شارك في عديد من ورش العمل والمؤتمرات الدولية، كما أن لديه أوراق بحث منشورة في عدد من الدوريات الدولية.
وقبل نحو عامين، كان "النيادي" على موعد مع حلمه الصغير، بأن يكون رائد فضاء، عندما قادته الأقدار إلى الانضمام للحدث العلمي الأول لمركز محمد بن راشد للفضاء، حيث التقى هناك عددا من الأشخاص ممن هم في مقتبل العمر، يطمحون لإرسال أقمار صناعية إماراتية إلى الفضاء، وبعد شهر من الحدث أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي تغريدة واحدة حوّلت حلم سلطان النيادي إلى حقيقة، من خلال إطلاق برنامج الإمارات لرواد الفضاء.
وقوع الاختيار على "النيادي" ليكون أول رائد فضاء إماراتي، إلى جانب زميله هزاع المنصوري، كان خبراً ساراً بالنسبة إليه، حيث غيرت تلك المكالمة الهاتفية التي تلقاها في 29 أغسطس/آب الماضي مجرى حياته بالكامل، حيث رأى فيها تحقيقاً ليس لحلمه فقط، وإنما لحلم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بأن يكون أحد أبناء الإمارات في يوم ما رائد فضاء.
"النيادي" الذي يقف حالياً في خانة الاحتياط، تحسباً لأي طارئ يقع للفريق الأساسي الذي سينطلق نحو محطة الفضاء الدولية، كان يتوجب عليه الخضوع لعديد من الاختبارات في المركز الروسي "يوري جاجارين لتدريب رواد الفضاء"، التي تمكنه من المضي في مهمته الفضائية، حيث تهدف هذه التدريبات إلى تزويده ورفاقه بعدد من المهارات التي تمكنهم من البقاء والنجاة في حال وقوع أي طارئ، كما تعلم أيضاً مهارات الإسعافات الأولية، والتعامل مع الضغوط، وإدارة الموارد المتاحة في البيئة المحيطة به، وعمليات التواصل مع فرق البحث والإنقاذ، إلى جانب خضوعه لعدد من التدريبات التي تحاكي ظروف انعدام الجاذبية، وتجربة ارتداء بذلة الفضاء "سوكول" التي يزيد وزنها عاى 10 كيلوجرامات، وغيرها.
طوال الفترة الماضية، استطاع "النيادي" أن يتغلب على الصعوبات التي واجهته، وأن يقفز عن حواجز اللغة الروسية، التي توجب عليه تعلمها في وقت قياسي، حتى يتمكن من التعامل مع جميع الأزرار الموجودة في مركبة الفضاء التي سيستقلها في حال حدوث أي طارئ لأعضاء الفريق الأساسي، والأهم من ذلك استطاع "النيادي" أن يتحول في غمضة عين إلى قدوة لأقرانه من الشباب الإماراتي والعربي على حد سواء، ممن يحلمون بريادة الفضاء، وأن يكتبوا اسم بلادهم على صفحات التاريخ.